تحذيرات غير مسبوقة من داخل المؤسسة العسكرية تكشف هشاشة التمركز الميداني الإسرائيلي في جبهة الجنوب السوري، ومحللون يؤكدون: القيادة السياسية تجر الجيش نحو جبهات هامشية لأغراض دعائية.
في تحول لافت، أطلق ضباط في الجيش الإسرائيلي يخدمون في المنطقة الجنوبية من سوريا تصريحات علنية محملة بالقلق والتذمر، محذرين من أن التمركز العسكري في تلك المنطقة بات يفتقر لأي "جدوى عملياتية"، بل يعرّض الجنود لخطر وشيك في ظل غياب مهام حقيقية أو عدو ظاهر.
وجود بلا مهمة.. وساحة مكشوفة للخطر
بحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، وصف عدد من الضباط واقعهم الميداني في جنوب سوريا بأنه "عبثي"، حيث يتمركز الجنود في مواقع بعيدة عن الحدود – تتراوح بين 18 و20 كيلومترًا – دون أن ينفذوا أي مهام فعلية.
قال أحدهم:
"من الصعب أن نشرح للجنود لماذا هم هنا. لا توجد مهمات حقيقية. فقط مراقبة الحقول، لا عدو، لا اشتباك، فقط انتظار لضربة قد تأتي فجأة".
وأضاف ضابط آخر:
"الوجود الصاخب للجيش هنا، مع دبابات تمر يوميًا على الطرق القريبة من القرى السورية، قد يدفع جماعات مسلحة إلى مهاجمتنا، فقط من باب رد الفعل".
تحذيرات أمنية.. وانكشاف تام
التحذيرات لم تكن فقط معنوية، بل تضمنت مخاوف ملموسة من استهداف وشيك. يقول أحد القادة الميدانيين:
"الأمر مسألة وقت فقط قبل أن نتعرض لقذيفة هاون أو صاروخ مضاد للدروع. وعندها سيتحول كل شيء إلى مأساة يصعب تبريرها أمام الجنود وعائلاتهم".
محللون: نتنياهو يستخدم الجيش كأداة للهروب السياسي
في تعليق لافت، قال المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل: "ما نراه الآن هو توجيه سياسي للجيش نحو جبهات غير ضرورية. نتنياهو يفتعل نشاطًا ميدانيًا لتصدير صورة قيادة نشطة، بينما يعجز عن اتخاذ قرارات استراتيجية حقيقية".
وأضاف:
"هناك أزمة ثقة داخل الجيش، وتململ من الاستخدام السياسي للمؤسسة العسكرية، خاصة في ظل الانقسامات داخل الحكومة وفقدان البوصلة الأمنية".
إعلام إسرائيل: نتنياهو يكرر خطايا الماضي
من جانبه، كتب الصحفي بن كسبيت في معاريف: "هذا هو نتنياهو الذي نعرفه: يرسل الجنود إلى أماكن لا معنى لها ليغطي على أزماته القضائية والسياسية. الجيش لا يُدار عبر تويتر، وهذه المغامرات الميدانية لن تمنحه مخرجًا من أزماته".
وأضاف: "جنوب سوريا لم يعد أولوية أمنية، لكن حكومة نتنياهو تعاني من هوس البقاء، وها هي تضحي بثقة الجنود لتحقيق توازن دعائي".
جيش بلا مهمة وقيادة بلا رؤية
الواقع العملياتي في جنوب سوريا يكشف عن فجوة خطيرة بين التوجيه السياسي والواقع الميداني، مع جيش يتحرك دون غاية واضحة، وقيادة تتخبط في مواجهة تحديات متعددة على أكثر من جبهة. وفي ظل تصاعد المخاوف من هجمات مفاجئة، تتزايد الضغوط على الحكومة لمراجعة هذه السياسات "المتهورة"، قبل أن يتحول الانتشار العسكري إلى كارثة محققة.