ads

الهدنة على حافة الانفجار.. نتنياهو يعرقل اتفاق وقف إطلاق النار ويعيد التوتر إلى الواجهة

نتنياهو
نتنياهو

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يومه الـ37، تصاعدت التهديدات الإسرائيلية بإمكانية استئناف العمليات العسكرية، حيث أكد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن إسرائيل "مستعدة للعودة إلى أعلى مستويات القتال في أي لحظة". في المقابل، شددت حركة حماس، على لسان القيادي محمود مرداوي، على أنها لن تخوض أي محادثات مع إسرائيل عبر الوسطاء (مصر وقطر) قبل تنفيذ الاتفاق المتعلق بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المتفق عليهم.

ورغم التصريحات الإسرائيلية المتوترة، نقلت وكالة "رويترز" عن مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أنه يتوقع استمرار تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. كما أشارت مصادر مطلعة في القاهرة إلى وجود مؤشرات إيجابية من الإدارة الأميركية تدعم استمرار الهدنة، حيث يبدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب اهتمامًا بإتمام إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين وعدم استئناف الحرب، رغم تصريحاته العلنية التي قد توحي بغير ذلك.

على صعيد آخر، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن قرار تأجيل إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، التي كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت، جاء خلال اجتماع في ديوان نتنياهو، متجاهلاً موقف المؤسسة الأمنية التي طُلب من ممثليها مغادرة الاجتماع قبل اتخاذ القرار.

وفي سياق متصل، زار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر العاصمة البلجيكية بروكسل والتقي بمسؤولين أوروبيين كبار، في ظل بحث الاتحاد الأوروبي لدوره المحتمل في إعادة إعمار غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار.

من جانبه، صرح نتنياهو بأن إسرائيل تخوض حربًا على سبع جبهات ضد من وصفهم بـ"الساعين إلى إبادتها"، مؤكداً أن أهداف الحرب لا تزال قائمة، وتشمل استعادة المختطفين، وتدمير قدرات حماس، والقضاء على أي تهديدات لأمن إسرائيل، مشيرًا إلى تحرير 192 محتجزًا منذ بدء الحرب.

أما المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، فقد صرح بأن الرئيس ترامب يدعم قرار إسرائيل بتأجيل الإفراج عن 600 أسير فلسطيني، مؤكدًا استعداد واشنطن لدعم أي مسار تختاره تل أبيب في تعاملها مع حماس.

كشفت ثلاثة مصادر دفاعية إسرائيلية لصحيفة نيويورك تايمز أن الجيش الإسرائيلي بدأ تحضيراته المكثفة لشن حملة عسكرية واسعة في قطاع غزة، وذلك قبل نحو أسبوع من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. ووفقًا للمصادر، فإن الخطة تشمل استهداف قادة حماس وتدمير البنية التحتية والمباني التي تستخدمها الحكومة المدنية التابعة للحركة.

ورغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تصادق رسميًا على هذه الخطة بعد، إلا أن مسؤولين إسرائيليين أشاروا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الشخص الوحيد القادر على ثني رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن تنفيذها.

وأعربت الصحيفة عن وجود مخاوف متزايدة بشأن ما قد يحدث بعد 8 مارس، حيث ينص اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير، على انسحاب القوات الإسرائيلية من الحدود بين غزة ومصر بحلول ذلك التاريخ. ومع ذلك، كان نتنياهو قد أعلن في وقت سابق أن إسرائيل لن تنسحب أبدًا من ما يعرف بـ"محور فيلادلفيا"، مما يثير توقعات بأن تل أبيب قد تخرق الاتفاق.

ووفقًا لمسؤولين عسكريين إسرائيليين، فإن عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي قد يدفع حماس إلى استئناف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وهو ما قد يمنح تل أبيب ذريعة للرد عسكريًا وبدء جولة جديدة من القتال.

من جهته، أكد القيادي في حركة حماس باسم نعيم أن الحركة لن تدخل في أي محادثات مع إسرائيل عبر الوسطاء بشأن أي خطوات إضافية في اتفاق وقف إطلاق النار، ما لم يتم تنفيذ البند المتعلق بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وأضاف نعيم أن "لن يكون هناك أي تفاوض أو حديث حول أي خطوة قبل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المتفق عليهم، مقابل المحتجزين الإسرائيليين الستة الذين أطلقت حماس سراحهم السبت الماضي".

وكانت إسرائيل قد أعلنت، الأحد، تأجيل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، الذين كان من المقرر إطلاق سراحهم يوم السبت، مشترطة تنفيذ حماس لشروط إضافية قبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يواجه تحديات متزايدة بعد قرار إسرائيل المفاجئ بتأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، رغم تنفيذ حركة حماس التزاماتها بتسليم الرهائن الإسرائيليين. هذه الخطوة عززت المخاوف بشأن مستقبل الهدنة، خاصة مع وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عملية التسليم بأنها "مهينة"، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والميداني، إلى جانب ضغوط الوسطاء للحفاظ على التهدئة.

وسط هذه التطورات، برزت تصريحات لمبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي أشار إلى احتمال وصوله إلى المنطقة يوم الأربعاء، لبحث سبل استكمال الاتفاق المهدد بالتعثر. وبحسب محللين، فإن الوسطاء، خصوصًا مصر وقطر، سيكون لهم دور محوري في مواجهة محاولات نتنياهو للمراوغة والتملص من تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، التي كان من المفترض أن تبدأ مفاوضاتها في 3 فبراير الجاري.

من جانبه، أصدر مكتب نتنياهو بيانًا الأحد أكد فيه أن تأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين جاء ردًا على "المراسم المهينة" التي أقامتها حماس خلال تسليم الرهائن، في إشارة محتملة إلى مشاهد بثتها الحركة تضمنت أحد الرهائن وهو يقبّل رأس أحد عناصرها.

في المقابل، اعتبرت حركة حماس أن تأجيل تنفيذ الاتفاق يهدد استمراريته. وقال القيادي بالحركة باسم نعيم إن "ما تقوم به إسرائيل يعرض الاتفاق للخطر الشديد"، داعيًا الوسطاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، إلى التدخل الفوري للضغط على تل أبيب لتنفيذ التزاماتها والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.

وكانت حماس قد أعلنت في 10 فبراير تعليق عمليات الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين حتى إشعار آخر، احتجاجًا على استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق. غير أن جهود الوساطة أسفرت عن تفاهمات ضمنت استمرار التهدئة، مع الالتزام بزيادة المساعدات إلى قطاع غزة، وفق ما نص عليه الاتفاق المبرم في 19 يناير، والذي يتألف من ثلاث مراحل، تمتد كل منها إلى 42 يومًا.

من جانبه يرى الدكتور أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن نتنياهو يحاول صرف انتباه الرأي العام الإسرائيلي عن الضغوط الداخلية التي يواجهها عبر افتعال أزمات، مؤكدًا أن القاهرة ستسعى خلال الساعات المقبلة إلى تجاوز هذه الأزمة عبر ممارسة ضغوط على الأطراف لضمان تنفيذ الاتفاق كما هو متفق عليه.

أما المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، فيرى أن تأجيل إسرائيل لتنفيذ التزاماتها هو جزء من استراتيجية نتنياهو لتعطيل التقدم في الاتفاق، متوقعًا استمرار المناورات الإسرائيلية للتهرب من دخول المرحلة الثانية من المفاوضات.

وكان من المفترض أن تطلق إسرائيل سراح 620 أسيرًا فلسطينيًا مقابل الإفراج عن 6 رهائن إسرائيليين السبت الماضي، وهو ما يمثل الدفعة الأخيرة ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، التي يتبقى على انتهائها نحو أسبوع، دون بدء أي محادثات رسمية بشأن المرحلة التالية.

في ظل هذه الأوضاع، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس تعليمات للجيش بالاستعداد لـ"بقاء طويل" في بعض مناطق الضفة الغربية، مما يعكس نية إسرائيلية لتصعيد ميداني قد يهدد استقرار التهدئة.

في المقابل، أعرب المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عن توقعه أن تمضي المرحلة الثانية من الاتفاق قدمًا، مؤكدًا خلال مقابلة مع سي إن إن أن "تمديد المرحلة الأولى ضروري"، مشيرًا إلى أنه سيتوجه إلى المنطقة قريبًا لإجراء مفاوضات بهذا الشأن.

ويعتقد الدكتور أحمد فؤاد أنور أن نتنياهو سيحاول تسخين الأوضاع، لا سيما في الضفة الغربية، لتعطيل أي تقدم في التهدئة، معتبرًا أن الضغوط الأميركية ستكون العامل الحاسم في تحديد مصير الاتفاق.

أما الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي في حركة فتح، فيرى أن واشنطن ستمارس ضغطًا لتمديد المرحلة الأولى وضمان تنفيذ الثانية، التي تشمل الإفراج عن مزيد من الأسرى الإسرائيليين. ومع ذلك، تبقى المرحلة الثالثة، الخاصة ببدء إعادة إعمار غزة، مهددة في ظل احتمال تصعيد إسرائيلي جديد، وهو ما يدركه الوسطاء، وعلى رأسهم مصر وقطر، الذين يسعون للحصول على ضمانات أميركية لمنع انهيار الاتفاق والعودة إلى دائرة الحرب.

ويؤكد الدكتور أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل التهرب من تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، مما يهدد بإفشال الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق تهدئة مستدامة في قطاع غزة.

وفي تصريحات له أوضح الرقب أن هناك مماطلة واضحة من جانب نتنياهو في تنفيذ الاتفاق، حيث يعرقل الانتقال إلى المرحلة الثانية ويؤخر تمديد المرحلة الأولى، مما يثير تساؤلات حول نواياه الحقيقية، وإمكانية توقف العملية عند هذه النقطة دون المضي قدمًا نحو المرحلة الثالثة.

وأشار إلى أن الوساطة التي تقودها كل من القاهرة والدوحة، بدعم من الولايات المتحدة، تبذل جهودًا مكثفة لإنجاح الهدنة، إلا أن الجانب الإسرائيلي يتعمد التباطؤ، في تكتيك مشابه لما اتبعه سابقًا عند رفض مقترح مصري مماثل عام 2024.

ويرى الرقب أن هناك نية واضحة لدى نتنياهو للاكتفاء بالمرحلة الثانية، دون الانتقال إلى الثالثة، التي تشمل إعادة إعمار غزة وتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة. وأعرب عن مخاوفه من أن يكون الهدف الحقيقي لرئيس الوزراء الإسرائيلي هو استئناف الحرب بدلًا من العمل على ترسيخ التهدئة والسلام.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً