تشهد محافظة السويداء السورية توترًا متصاعدًا منذ أيام بعد إعلان عدد من العشائر العربية النفير العام واندلاع اشتباكات مع مقاتلين من أبناء الطائفة الدرزية وسط هذا المشهد المعقد برز اسم حكمت الهاجري شيخ عقل الطائفة الدرزية كأحد الأسماء المثيرة للجدل خصوصًا فيما يتعلق بموقفه من الدولة السورية وتحركاته الأخيرة وعلاقته بإسرائيل
من هو حكمت الهاجري؟
حكمت الهاجري هو أحد أبرز رجال الدين الدروز ويمثل تيارًا يوصف بأنه مستقل عن الدولة السورية عاد إلى الواجهة بقوة بعد التوترات المتصاعدة في السويداء خاصة مع تبنيه خطابًا سياسيًا يطالب بإصلاحات ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والانهيار الاقتصادي
التحول السياسي من التمجيد إلى التحريض
استمر ولاء الهجري للنظام حتى عام الفين وواحد وعشرين حين وقع خلاف هاتفي مع رئيس فرع الأمن العسكري لؤي العلي عقب استفساره عن أحد المعتقلين فتعرض للإهانة
هذه الواقعة كانت نقطة التحول حيث بدأ يهاجم علنًا ضباط النظام ويطالب بإقالتهم ويستقبل وفودًا دولية ويظهر بمواقف تميل إلى المعارضة
في يونيو الماضي طالب علنًا بإقصاء رؤساء الأفرع الأمنية في السويداء وفي أغسطس 2023 دعم مظاهرات مناهضة للحكومة على خلفية رفع الدعم عن الوقود
ارتفعت شعبيته وبدأ يتلقى دعمًا علنيًا من دبلوماسيين غربيين بينهم مساعد وزير الخارجية الأمريكي وأجرى لقاءات مع مبعوثين فرنسيين
من دمشق إلى تل أبيب الهاجري وحبل الدعم الإسرائيلي
رغم بدايته المؤيدة للنظام بدأ الهجري يتجه نحو خطير حين تبنى خطابًا يحاكي شعارات الحماية الدولية وصرح بأن إسرائيل ليست عدوًا مخالفًا بذلك عقيدة الدولة السورية وموقفها القومي التاريخي
في مارس الماضي عبر ٦٠ رجل دين درزي من سوريا إلى الأراضي المحتلة في أول زيارة من نوعها منذ نصف قرن بترتيب من الهجري ونظيره في الداخل المحتل موفق طريف
بالتوازي التقى خلدون الهجري ابن عمه وممثله السياسي بمسؤولين أمريكيين في واشنطن وعرض خطة لتمرد مسلح على الحكومة السورية بدعم إسرائيلي وتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية ومجموعات من الساحل
وفي نفس التوقيت قصفت إسرائيل دمشق مستهدفة وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي بزعم الدفاع عن الدروز في تناغم مريب مع نداءات الهجري
رفض الدولة ودعوة للتقسيم
عقب تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع أبدى الهجري موقفًا متذبذبًا أحيانًا يؤيد التعاون ثم ينقلب متهمًا إياها بالإرهاب والدعوة لتقسيم سوريا وطالب بتدخل خارجي لتشكيل دولة مدنية
وفي ذروة الاشتباكات الأخيرة بين المجموعات المسلحة والقوات السورية سيطرت فصائل تابعة للهجري على مواقع حكومية في السويداء بينها مبنى المحافظة وفرضت حظرًا للتجوال وطردت عائلات بدوية من المدينة في خطوات فسرت بأنها إعادة رسم للحدود والسيطرة بدعم خارجي
السويداء تحت النار
خلال الأيام الأخيرة تحولت مدينة السويداء إلى ساحة صراع مسلح بين بعض العشائر العربية وقوى محلية من أبناء المدينة مع تقارير عن توجه عشرات الآلاف من عناصر العشائر إلى المنطقة وأعلنت الحكومة السورية انسحاب قواتها من المدينة بعد اتفاق مع ممثلين عن الدروز فيما أشارت بعض المصادر إلى أن حكمت الهاجري كان له دور في هذا الاتفاق
الهاجري بين التأييد والمعارضة
يتهم حكمت الهاجري من قبل بعض وسائل الإعلام ومصادر سياسية سورية بأنه على تنسيق غير معلن مع جهات خارجية وأن خطابه يحمل أبعادًا انفصالية تحت غطاء حقوق الطائفة البعض يذهب إلى اتهامه بمحاولة خلق كيان مستقل في السويداء بدعم من أطراف خارجية
حكمت الهاجري بات اليوم شخصية محورية في مشهد الجنوب السوري سواء بصفته الدينية أو السياسية وما يثار حوله من شبهات علاقة بإسرائيل يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة بشأن مستقبل السويداء ودور الطائفة الدرزية في المرحلة المقبلة وبينما تحاول دمشق احتواء الأزمة تبقى كل الاحتمالات مفتوحة خصوصًا في ظل تعقيد الأدوار الإقليمية والدولية في المشهد السوري