خلال السنوات العشر الأخيرة تفشت ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوربية بشكلٍ غير مسبوق في العديد من محافظات مصر، وهو الأمر الذي خلف المئات من الضحايا الذين يلقون مصرعهم إما غرقًا قبل الوصول إلى شواطئ البلدان التي يقصدونها، وإما اختفاءً غير معروف الأسباب.
ويُعد تحقيق الثراء السريع، هو الدافع الرئيس الذي يجعل الشباب المصري يخاطر بحياته ليهاجر عبر طرق غير مشروعة إلى البلدان الأوربية، وأمام هذه الطموحات التي يرفض أصحابها أخذ العبرة من الضحايا الذين لقوا مصرعهم على مدار السنوات الماضية يجد "سماسرة الموت" الفرصة سانحة في استقطاب المزيد من الشباب الذين يدفعون مبالغًا طائلة تصل إلى 200 ألف جنيه إلى سمسار يقودهم إلى نهاية مأساوية، وفي السطور التالية نرصد جانبًا من مأساة الهجرة غير الشرعية التي تفشت بين شباب محافظة بني سويف.
دوافع الهجرة
يقول عماد مصطفى، أحد شباب محافظة بنى سويف، إنه مكث في ليبيا 7 أعوام، والسبب الذي دفعه للهجرة هو عدم وجود فرص عمل، وضيق الحال، وضعف العائد المادى لبعض فرص العمل المتوافرة، وجميعها عوامل وأسباب تؤدى إلى التفكير فى السفر إلى الخارج بطريقة غير شرعية، نظرًا لقلة التكلفة المادية بها، والتى تتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف جنيه، مما يعد من أقل التكاليف الخاصة بالسفر، ونظرًا للحاجة الضرورية للسفر.
ويُضيف مصطفي، أن العديد من الشباب يعانون من ظروف اقتصادية صعبة، مما يجعل عملية السفر إلى الخارج بطريقة غير شرعية هى الخيار الأول والأوحد لمحاولة الفرار من الظروف الصعبة التى يمرون بها هم وأهلهم على حد سواء، مشيرًا إلى أن دولة ليبيا هى الجهة الأولى لكل من يريد السفر بطريقة غير شرعية من أبناء بني سويف، نظرًا لقربها من الحدود المصرية، ولقلة التكلفة المادية لعملية السفر إليها، وسهولة التنقل والذهاب إليها عن طريق سيارات الميكروباص بالطريق البرى، وبعض الطرق التى لا يعلمها إلا أشخاص معروفين بـ«سماسرة الطرق» من المصريين والليبيين، فضلًا عن كونها بوابة الخروج والسفر إلى أوروبا وخاصة دولتي إيطاليا واليونان.
ويؤكد، أنه بالرغم من الأحلام الوردية التى تلاحق الشباب الراغبين فى الثراء الفاحش والسريع، نجد هناك الموت الذي يلاحق الجميع، ويكون فى انتظارهم بداية من مياه البحر المتوسط التي شهدت الكثير من حالات الغرق الجماعية.
أماكن تواجد السماسرة
ويشير أحمد صلاح، أحد شباب بني سويف، إلى أن هناك بعض القرى بالمحافظة تشتهر بأنها موطن سماسرة الهجرة غير الشرعية، ويأتي على رأس هذه القرى قرية «طنسا» بمركز ومدينة ببا، والتى يشتهر بها أحد السماسرة ويدعى «محمد. ع»، يقوم بجمع مبالغ مادية تتراوح ما بين 20 إلى 30 ألف جنيه من الفرد الواحد، مقابل تسهيل وتيسير عملية السفر لهم إلي الخارج بطرق غير شرعية.
ويُشير صلاح، إلى أن شقيقه «محمد» كان أحد ضحايا الهجرة غير الشرعية، خلال العامين الماضيين، إثر تعرضه لحالة من الاختطاف فى مدينة «طرهونة» بليبيا، برفقة 15 عامل آخرين، مشيرًا إلى أن المختطفين طالبوا بدفع فدية مقدارها 20 ألف دينار لكل عامل مقابل الإفراج عنه، وأنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من شقيقه المختطف عن طريق رقم اتصالات ليبية، يطلب منه ضرورة دفع الفدية حتى يتم الإفراج عنه، وعقبها استقبلوا عن طريق الهاتف صورًا لشقيقه وهو يُعذب على أيدي الخاطفين الذين جردوه ومن معه من الملابس.
وأكد محمد طلعت، وكيل وزارة القوى العاملة والهجرة ببنى سويف، إنه تم عقد العديد من اللقاءات مع الشباب، لتحذيرهم من مخاطر الهجرة غير الشرعية، وتوضيح الفرص البديلة، بهدف توعيتهم بالمخاطر الجسيمة التي قد يتعرضون لها خلال هجرتهم، والواقع الأليم الذي ينتظرهم هناك والوقوع في براثن عصابات بائعي الوهم.
وأوضح وزارة القوى العاملة والهجرة ببنى سويف، أن الغرق في البحر هو أول خطر يواجه الشباب الراغبين فى الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى أنه تم فتح باب الأمل أمام الشباب للعمل من خلال الفرص البديلة والمشروعات الصغيرة المطروحة من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية وبرنامج «مشروعك» الذي تنفذه وزارتى القوى العاملة، والتنمية المحلية، مؤكدًا أن الهجرة غير الشرعية خطر يهدد جميع الدول على حدٍ سواء؛ فالدول المتقدمة تعاني من الوافدين بطرق غير قانونية، والنامية والفقيرة تعاني من نزيف الثروة الشبابية، حيث يُخاطر الشباب بأرواحهم لتحقيق حلم الحياة الأفضل وفرص العمل الوفيرة والعائد المالي الجيد.