طالبت الجالية المسلمة في ألمانيا بمزيد من حماية الشرطة لهم بعد إلقاء القبض على أعضاء جماعة يمينية متطرفة يُعتقد أنها كانت تخطط لشن هجمات واسعة النطاق على المساجد في جميع أنحاء البلاد.
وألقت الشرطة القبض على 12 متطرفا بعد مداهمات، الجمعة الماضية، كانوا يخططون لشن هجمات باستخدام أسلحة نصف آلية على المصلين بالمساجد أثناء أدائهم الصلاة في 10 ولايات ألمانية. وقيل إن هؤلاء المتطرفون استلهموا هذه الفكرة من حادث مشابه نُفذ في دولة نيوزيلندا العام الماضي، وفقًا لمتحدث حكومي ألماني.
ووفقا لصحيفة الجارديان البريطانية، كان المحققون يتابعون هؤلاء الأشخاص لعدة أشهر، ويراقبون محادثاتهم ونشاطهم عبر الإنترنت، بعد الاشتباه في قيامهم بتشكيل جماعة إرهابية.
وتصنتت الشرطة على اجتماع عقد في ولاية "شمال الراين- وستفاليا" الألمانية، في وقت سابق من هذا الشهر، حدد فيه زعيم المجموعة، ويرنر إس، البالغ من العمر 53 عامًا، خطط المجموعة لمهاجمة المسلمين في مجتمعات صغيرة في جميع أنحاء البلاد. وتم اختيار اثنين منهم لحيازة أسلحة، وكان من المتوقع أن يساهم جميع الأعضاء تلك الجماعة المتطرفة في صندوق بقيمة 50 ألف يورو لتمويل العملية.
من جانبهم، تحدث ممثلو الادعاء الألمان عن الهجمات المخطط لها باعتبارها "مذابح في المساجد" مستوحاة من الهجمات على مسجدين في مدينة كرايستشيرش، نيوزيلندا، في ربيع عام 2019، والتي قتل فيها 51 مسلما على أيدي مسلح متطرف.
ووفقًا لمناقشات هؤلاء المتطرفين خلال اجتماعهم، فإن الهجمات كانت تهدف إلى إثارة هجمات انتقامية ومن ثم تنحدر البلاد في حرب أهلية، على حد قول السلطات. ويُعامل أربعة من المعتقلين على أنهم إرهابيون مشتبه بهم، وثمانية منهم متواطئون معهم، بمن فيهم كاتب شرطة إداري.
وتم الكشف عن هذه المؤامرة بعد أن تمكن مخبر شرطي من التسلل إلى المجموعة؛ وقال بيورن جرونويلدر، الناطق بلسان وزارة الداخلية، إنه بينما كان هناك ارتياح لإحباط تلك المؤامرة، إلا أنه شعر بالقلق من السرعة التي تشكلت بها هذه المجموعة، مضيفا "إنه لأمر مروع، ويبدو أن هناك خلايا أصبحت متطرفة في فترة زمنية قصيرة للغاية".
وأصر ستيفن سيبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على أن الحكومة ملتزمة بحماية الأقليات الدينية؛ وقال "إن مهمة الدولة وبطبيعة الحال هي حماية حرية ممارسة الشعائر الدينية في هذا البلد، بغض النظر عن طبيعة الدين".
وأضاف سيبرت: "يجب على أي شخص يمارس طقوسه الدينية في ألمانيا ضمن إطارنا القانوني أن يكون قادرًا على القيام بذلك دون تعريضه للخطر أو التهديد".
كانت الشرطة الألمانية داهمت منازل هؤلاء المتطرفين في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة الماضي، مع علمها أن هؤلاء ربما حصلوا على أسلحة بالفعل.
وكان الهجوم الذي وقع في يونيو الماضي على والتر لوبكي، وهو سياسي محافظ كان قد دافع عن اللاجئين، وهجوم آخر وقع في أكتوبر الماضي على كنيس في مدينة هال الشرقية، سببا في إدراك السلطات الألمانية بشكل متزايد تهديد الجريمة المتطرفة اليمينية.
إلى ذلك، تراقب الشرطة الألمانية أنشطة 53 رجلاً وامرأة يرتبطون باليمين المتطرف، والذين يقولون إنهم قادرون على ممارسة العنف. كان هذا العدد عام 2016 لايتجاوز الـ 22.
من جهتها، ذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن تلك المجموعة تشكلت في الخريف الماضي، وغالبيتهم يجتمعون في مجمع فكري قديم في مدينة بادن فورتمبيرج، حيث تركز النقاش على الأسلحة وكيفية الحصول عليها. وحاول فيرنر إس، الذي أطلقت عليه المجموعة لقب "تيوتونيكو"، تجنيد رجال يتمتعون بنفس التفكير، وقال إنه يجب أن يكون "ذكيًا، وقويًا، وحشيًا وسريعًا".
وتحدث عن الرغبة في بناء جيش تحت الأرض، على غرار ما يسمى (فرايكوربس) أو "الفيلق الحر"- وهي وحدات تطوعية عسكرية ألمانية غير نظامية، كانت موجودة منذ القرن الثامن عشر ولكنها كانت في أقوى حالاتها في أوائل عام 1900 تقاتل نيابة عن الحكومة ضد الشيوعيين الألمان المدعومين من السوفيات خلال جمهورية فايمار.
وقال محققو الشرطة إن التحقيقات ستكشف إلى أي مدى سيتحدث هؤلاء الرجال، وإلى أي مدى يمكن أن تتحقق نواياهم.
وخلال مداهمة وكرهم، عثرت الشرطة على مسدس وذخيرة عيار 9 ملم في منزل فيرنر إس، وقنابل يدوية محلية الصنع، وفؤوس، وأقواس، وعدة سكاكين. كانت المجموعة تنوي الحصول على "أسلحة ثقيلة" كما استخدمها المهاجم المعادي للسامية في هال. وفي مناقشاتهم، وفقًا لـ "دير شبيجل"، استخدم المتطرفون كلمة "الدراجات البخارية" كشفرة لوصف الأسلحة، وأشاروا إلى الذخيرة المصاحبة على أنها "بطاريات".
من جهته، قال أيمن مزيك، رئيس المركز الإسلامي في ألمانيا، إن الهجمات المخطط لها "مزعجة للغاية" ودعا إلى مزيد من الأمن في مساجد البلاد. وقال لصحيفة "تاز" الألمانية: "بدون حماية الدولة، يصبح الوضع أكثر خطورة، متسائلا: "ما الذي تنتظره السلطات الأمنية؟"
إلى ذلك، دعا محمد داود ماجوكا، المتحدث باسم الطائفة الأحمدية الإسلامية، إلى "زيادة الاهتمام من جانب الشرطة". وقال زكريا التوي، المتحدث باسم "الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية"، وهو المنظمة الجامعة لعدد كبير من المساجد في ألمانيا، إن تلك الاعتقالات أبرزت "خطورة الوضع ... نقطة اللاعودة تقترب أكثر".
وقالت صحيفة "تاز" إن المحققين اكتشفوا صلات بين "فيرنر إس" وحزب الشعب البديل اليميني المتطرف، بعد العثور على عنوان بريده الإلكتروني في قائمة جهات الاتصال التابعة للحزب.
لكن متحدثًا باسم الحزب قال للصحيفة الألمانية إنه "لم يكن على الإطلاق في أي وقت من الأوقات" على اتصال مع فيرنر إس، وليس له أي صلة به. وكان المتطرف أيضًا صديقًا على "فيسبوك" مع موظف من قسم الشؤون الإنسانية من ولاية سكسونيا-أنهالت الألمانية.