طالب الداعية الإسلامي الشيخ جابر البغدادي، بالتخلص من بعض الآفات والصفات التى قد يصاب الإنسان بها، أثناء بحثه عن الرزق؛ ومنها التوتر والقلق والخوف من المجهول وعدم الإيمان والضغط العصبى.
وأضاف الشيخ جابر البغدادي، خلال أحد دروسه العلمية بمدينة بني سويف، أن كل هذة الصفات قد يصاب بعض الناس بها لأنه لا أحد مُصدق، فالأمة بأسرها إلا من رحم، عندها نقص فيتامين "صدق الله العظيم"، وذلك على الرغم من أن الله هو من قال "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ".
واستشهد" البغدادي " بقصة تلاوة الأصمعى الآية الكريمة " "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"، على الأعرابي لزم البيت الحرام متوكلًا على الله وترك قطع الطريق وعصيان الله فلمّا قابله الأصمعى بعد ذلك فوجيء وقال له ألهذا الحد كان تأثير الآية عليك، قال له دعك منى، أمعك شيء آخر من كلام الرحمن، فيقول الأصمعي كأن القرآن نسيته ولم أعد اتذكر إلّا نفس الآيه والتى تليها "فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ"، فشهق الرجل يقول، من الذى أغضب الجليل حتى حَلف.
وأوضح أن الرزق قضية من خمس قضايا فى كتاب الله أقسم الله فيها للناس بذاته، خمس قضايا حلف الله للناس حتى يصدقوا، متسائلا : هل الله فى حاجة أن يأتي بمؤكدات على أن الرزق مضمون..فيحلف، لكن لأن الله هو خالقنا، ويعلم جيدًا أننا أُناس متوترين من هذا الجانب فحلف ليطمأننا، ولذلك الإيمان لا يكمل إلا بعد أن يسكن القلب من هم الرزق وخوف الخلق، و لا يستوى القلب فى مقامات الإيمان ويكتمل إيمانك إلا إذا استوى القلب على أن يسكن من هم الرزق وخوف الخلق.
وأشار إلى أن علامات الإيمان إثنان، هما سكون القلب من هم الرزق،و سكون القلب من خوف الخلق"، وهذان الإثنان هما مدار الأمراض النفسية التى نعيش فيها من التوترات والقلق والأمراض النفسية التى نعيشها لأجل هذين القضيتين وهما الرزق، والخوف من الناس، مؤكدا على أن لا أحد يضر ولا أحد ينفع ولا احد يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا إلا ماشاء الله، وذلك لأن الله جعل الرزق فالسماء، فلماذا كل جهدك فى الأرض، فلن تجد شيء فى الأرض، والرزق وإن كان فى الأرض إلا أن مفاتيحه فى السماء، فيجب على الإنسان أن يكون دائما عُلويا وسماويا، فالأرض ليس فيها شيء إلا لما يأتى مفتاحها من السماء.
وتابع الشيخ جابر البغدادي كلامه قائلا : إن الله سبحانه وتعالى بين فى الآية الكريمة الرزق فى قوله تعالى "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"، مما يؤكد على ضرورة تعلق الإنسان برب السماء، تعلقا برب الآلاء، وثقة بأن ربًا لا يقبض عبدًا وله عنده رزق، وثقة بان الله لا يخلق فاه وينساه، فالذى يدبر أمور المملكة يدبر أمرى ولا علم لى وهو حسبى ونعم الوكيل، فهو القيوم، قائم على كل نفس بتدبير الشهود، فلا تدبر لك أمرك، أنت أب ولست رب، فلا تتدخل فيما يختص به الله كى لا تتعب، هو عليه أن يرزق، وأنت عليك أن تسعى، هو عليه أن يعطى، وأنت عليك ان تتوكل.
وأوضح أن من كمالات التوكل على الله أن يرمى الإنسان بذور الزرع والسعى والأخذ بالأسباب، والله يزرع لنا، مشيرا إلى أن الخمس قضايا هى مهمة جدا فى حياة الإنسان الله اقسم بنفسه منها قضية الرزق فقال"فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ"، والمؤمنون ما إن سمعوا الآيه إلا وزادتهم إيمانًا وثقة ويقينًا زاد عندهم ڤيتامين صدق الله العظيم، مصدقين تمامًا، وعلامة التصديق هى عدم الخوف من "الغد".
وأشار إلى أن هناك من لا يخشون من ذؤى العرش إقلالًا"، ولا يخشون أن لا يعطيهم الله، فالله جعل البخل مِغلاق وانت تغلق به على نفسك، مستشهدا بمقولتة فى القصيدة الخضرية : "وفى البر سر سر، وفى الجود رفعه، وبالبخل تقطع ما يفاض من المد"، وذلك لأن الإنسان البخيل بعيدٌ عن الله بعيد عن الناس بعيد عن الجنة، وذلك لأنه غير مصدقٌ الله، فلا تظنن أن المال الذى أعطاه الله لك ملكك، و لأن المسلم لا يتوهم عندما يقرأ قوله ﷻ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا )) أصدقت أن المال ملكك فتخاف أن تصرفها فلا يعطيك غيرها.
وتابع قائلا : إن الله قال "فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ"، وذلك حينما يكون المسؤول الأكبر هو القيوم على شؤون المملكة، فهو الخالق، والرازق، والمدبر، والغني، والمغنى،و المحيط، الذى لا يعرف البخل، الذى لا يزداد على كثرة السؤال إلا كرم، ولا يزداد على من عصاه إلا حلما، ولا يبرمه إلحاح الملحين، ولا يضجرة مسائل السائلين، والذى لا يحرم مَن عصاه مِن عطاه، وذلك لإن الله لا يحرم مَن عصاه مِن عطاه ولا يخلق فاهً وينساه، مطالبا بضرورة تسبيح الله صباحًا ب " يا مَن لا يحرم مَن عصاه مِن عطاه"، لأننا فى أخطأنا وأذنبنا فى الليل،و "ولا يخلق فاه وينساه".
وأكد على أن الله لا يحرم مَن عصاه مِن عطاه ولا يخلق فاهً وينساه، مشيرا إلى قوله تعالى " فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ" وأن الله تعالى لم يقل " وإله السماء" بدلا من "فورب السماء"، فالله حلف بالربوبية لأن الربوبية عطاء، والمسلمون المصدقون الذين يمتازون بـ صدق الله العظيم يعيشونها بقلوبهم وأرواحهم، سكن فؤادهم من ناحية هم الزرق فرزقهم على الله وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.