هل كل قتل يوجب القصاص وكيف يكون في القصاص حياة ؟

القصاص
القصاص

تقع بعض حوادث القتل نتيجة صدام او مشاجرة، ولا يكون قصد القاتل فيها إزهاق روح المقتول، فهل يجب في هذه الحالة القصاص؟ وهل كل قتل يوجب القصاص ؟ وهل يقتل الرجل إذا قتل امرأة ؟ حول هذه الأسئلة يقول فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية السابق، إنه ليس كل قتل يوجب القصاص، وإنما يوجبه القتل العمد بشروط مخصوصة نص عليها الفقهاء، وأضاف فضيلته أن الله تعالى شرع القصاص ردعا للمجرم الذي يهدد حياة الآمنين ويعتدي على حقوقهم وحرماتهم وينشر في الأرض الفوضى والفساد، مما يترتب عليه بالضرورة انهيار الأخلاق وزلزلة كيان الأفراد والأسر والمجتمعات وزعزعة الثقة في قدرة التشريع الإلهي على توفير الأمن والسلام للناس على هذه الأرض التي أمروا بتعميرها وإقامة حدود الله فيها، وذلك مصداقا لقول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾

أما عن الحياة التي في القصاص فقال فضيلته إن هذه الحياة تنبثق من كف الجناة عن الاعتداء ساعة الابتداء، فالذي يوقن أنه سيدفع حياته ثمنًا جزاء جنايته جدير بأن يتروى ويفكر ويتردد، كما تنبثق من شفاء صدور أولياء الدم -عند وقوع القتل بالفعل- من الحقد والرغبة في الثأر الذي لم يكن يقف عند حَدٍّ في القبائل العربية، حتى كانت تدوم معاركهم المتقطعة أربعين عامًا كما في حرب البسوس المعروفة عندهم، وكما نرى نحن في واقع حياتنا اليومية، حيث تسيل الدماء على مذابح الأحقاد العائلية جيلًا بعد جيل. وأضاف فضيلته أن قول الله تعالى في القصاص حياة على معناها الأشمل الأعم، فالاعتداء على حياة فرد اعتداء على الحياة كلها، واعتداء على كل إنسان حي يشترك مع القتيل في سمة الحياة، فإذا كف القصاص الجاني عن إزهاق روح واحدة فقد كفه عن الاعتداء على الحياة كلها، وكان في هذا الكف حياة، حياة مطلقة لا حياة فرد، ولا حياة أسرة، ولا حياة جماعة، بل حياة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

WhatsApp
Telegram