اعلان

«أكل العيش ميعرفش الحر».. نرصد حياة أصحاب مهن «الشارع» تحت أشعة الشمس

ارتفاع في درجات الحرارة، وتحذيرات من النزول إلى الشوارع، لكنهم لن يستمعوا لها، ورغم محاولاتهم تفادي التعرض المباشر للشمس، لكن لا يمكنهم تفادي لهيبها، أو تأثيرها فمن منطلق «لقمة العيش تحكم» يضطرون للنزول إلى الشارع في أشد ساعات النهار حرارة، قد تودي بحياتهم.

قبل ساعات من بزوغ شمس اليوم، عثر الأهالي على جثة عامل نظافة يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بمحافظة الدقهلية، وهو ما قد يتعرض له عدد من العاملين الذين يقضون يومهم تحت أشعة الشمس مباشرة.

«عمال النظافة»

أثارت حالة وفاة عامل النظافة، ذعر المواطنين، إلا أنها لم تلقى صدى بين العاملين أنفسهم، فرغم ارتفاع درجات الحرارة وخلو الشوارع من الزحام المعتاد، مازال العاملون يمارسون عملهم دون كلل أو اعتراض، رغم أن تعرضهم للشمس أكثر من نصف اليوم لعدة مرات يعرضهم لأخطار صحية خاصة أن أغلب العاملين في النظافة يكونون من كبار السن.

«الباعة الجائلين»

على جنبات الطريق، بجوار محطات المترو، على الأرصفة، وفي الشوارع الجانبية والميادين، يعرضون سلعهم، يستخدمون ما يستطيعون لحماية انفسهم من التعرض للشمس، إلا أن بينهم من لا يهتم، لوجود شيئ يغطي رأسه.

«أم محمد» سيدة تضع أمامها حزم من الخضر تبيعها لتكسب قوت يومها بالحلال حتى وإن كان قليلًا لكنها اعتادت أن تسير به امور حياتها اليومية، يجري يومها كالمعتاد بروتينه، إلا أن اليوم طرأ شيئ جديد، فاليوم كان عليها أن تبحث عن مكان جديد يحمل بعضًا من الظل لتحتمي من أشعة الشمس الحارقة، فهي لا يمكنها تحمل تلك السخونة طوال اليوم، كما لا يمكنها العودة إلى منزلها.

وباختلاف السلع، يتفق الجميع في أنهم مضطرون لنزول الشارع من أجل "لقمة العيش"، سواء كانوا كبار السن، أو سيدات، أو حتى شباب.

«عصام» بائع يبلغ من العمر 26 عامًا، قال إنه يعمل بائعًا منذ أن كان صغيرًا، وأنه لا يخشى ارتفاع درجات الحرارة لأنهم تعودوا عليها، إلا أن هذه الأيام تشهد موجة شديدة الحرارة نتمنى أن تمر سريعًا.

وأضاف "عصام" : "احنا مش بنخاف من الشمس، اخرها ضربة شمس أحسن ما نقعد في البيت، ما أنا لو قعدت اللي في البيت دول هياكلوا منين، واهو ربنا بيقدرنا".

وتابع: "البياعين اللي القاهرة ييجوا مليون بياع ومعاهم بتاع 2 مليون بيساعدوهم، دول كلهم ميهمهمش الشمس ولا الحر ولا حتى المطرة في الشتا، لكن مشكلتهم في مخالفات الحي، أزمتنا فعلًا أن الواحد بيتعمله مخالفة فيها 6 بنود بست قضايا اشغال وتعدي على طريق وعلشان ميتحبسش احتياطي يدفع كفالة 500 جنيه، وبعدين يروح نيابة في كل بند لوحده، ولو الحكومة عاوزة تحل المشكلة مش هنقولهم ادونا محلات واكشاك علشان الشس، لكن هم بس يسيبونا نشتعل علشان عيالنا، يقننوا شغلنا هندخل فلوس كتير للبلد".

« بياع الرفايع» تجده أمام محطة البحوث، يقف مواجها للشمس دون ساتر بينه وبينها، يواجه سخونة الجو وارتفاع درجات الحرارة بجسد نحيل، وبشرة قالاربت علة الاستمرار، يحاول أن يجتذب الزبائن لرفع حصيلة يومه من العمل في بيع الأدوات البسيطة والتي لا تتخطى أسعارها إمكانيات البسطاء، قائلًا: «ياريتها تيجي على قد الشمس والجو، ما هو البياعين بيحصل لهم أكتر من كده بكتير، المحلات بتولع والناس بتخسر ولا حد بيعوضهم، هنخاف من الشمس يعني هي هتعمل ايه اكتر من الحرايق».

ولأنه لا يمكننا تعداد الباعة الجائلين، فذاك الخطر من التعرض المباشر يواجهه جميعهم، بما فيهم بائع الذرة المشوية، بائع الجرائد، بائع الملابس في الشارع، بائعوا الفاكهة على الأرصفة وبالشوراع.

«رجال المرور»

هكذا هو عمله وسط الشارع، لا يمكن الاستغناء عنه، فدون وجوده لا تنعم الشوارع بالحركة، ولا يمكن منع المشكلات التي تحدث أحيانًا حتى في وجوده بسبب الزحام، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، والتي تتسبب في تكدس حركة المرور خاصة في وقت الذروة.

وفي حين تتسبب حرارة الجو والزحام في نشوب المشادات بين السائقين وبعضهم، فيكون على رجل المرور التعامل بحرفية مع مثل هذه المواقف، إلا أنه يلجأ إلى أخذ استراحة تحت ظل كوبري أو حائط أو شمسية صغيرة، ليتمكن من مزاولة عمله تحت أشعة الشمس.

«عمال البناء»

يبدأ يومه حاملًا عدته، متوجهًا إلى موقع البناء، يرفع مواد البناء، والطوب، ورغم تقدم أساليب البناء مازال الإنسان عنصرًا هامًا فيها، وبقدر أهميته فهو مهدد للإصابة بضربات الشمس خاصة في الأيام التي تكون درجة الحرارة فيها عالية.

وتعد أعمال البناء من الأعمال الشاقة والتي تسبب إجهادًا كبيرًا للأفراد، وهو ما يزيد من احتمالية إصابتهم بحالات إغماء أو غيرها مع ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن العاملين بها لا يستطيعون تبديل مواعيد العمل حيث أنها مرتبطة بأعمال النهار ولا يمكن بناء حائط خلال الليل.

«الطلاب»

يعيش الطلاب هذه الأيام أصعب مراحل العام صعوبة وهي "الامتحانات" حيث بدأت امتحانات طلاب الجامعات للفصل الدراسي الثاني لهذا العام، فيما يستعد طلاب الثانوية العامة للامتحانات الشهر المقبل.

ويعاني الطلاب من ارتفاع درجات الحرارة سواء خلال مشوارهم من الامتحان وخلال العودة منه، وكذلك في أماكن الامتحانات حيث ان مصر تشهد هذا العام ارتفاع شديد في درجة الحرارة، وهو الأمر الذي لم تعد له الحكومة خطة للتعامل معهخ والتسهيل على الطلاب.

«الفلاحين »

يبدأ عمل الفلاح مع بزوغ ضوء الشمس، ويستمر حتى غروبها، لكنه لا يمكن أن يمتد لما بعد الظلام، فهو بذلك يتعرض مباشرة للشمس.

يتزامن بداية فصل الصيف مع موسم الحصاد، وبداية بذر الأرض بالمحصول الجديد، ويعد "الحصاد" لحظة هامة ينتظرها الفلاح، ففي هذه المرحلة يحصد محصول موسم من التعب والعمل في أرضه، كما أنه عندما ينتهي منه يضطر إلى العمل أيامًا متتالية أيضًا لحرث الأرض لإعادة زراعتها مرة أخرى بمحصول جديد، ما يجعله عرضة للشمس فترة أطول، تهدد بإصابته بضربة شمس.

«رجال الإسعاف والإطفاء»

مع تزايد ارتفاع درجات الحرارة، تزداد الحرائق والتي تكون هي أحد أسبابها في أحيان كثيرة، ولهذا يكون على رجال الإطفاء والإسعاف، الاستعداد الدائم لمثل تلك الحوادث.

«الصحفيين الميدانيين»

في محاولة لمتابعة ما يحدث في الشارع المصري، يتعرض الصحفيين خاصة اللذين يعملون على قضايا الشارع إلى الشمس بشكل كبير.

ومع ارتفاع درجات الحرارة يكون الصحفيون عرضة للإصابة بضربات الشمس والصداع وغيرها، إلا أن ذلك لا يجعلهم يقصرون في أداء عملهم، ليس لمجرد كونه عمل لكن لأنه رسالة يؤدونها.

«السائقين»

عندما تزداد درجات الحرارة ويبلغ الحر أقصاه، لا يمكن الاستغناء عنهم، ولا يمكنهم المكوقث في منازلهم، حيث يعمل السائقون طوال اليوم، خاصة وقت الذروة، وهو وقت خروج الموظفين من أعمالهم وهي نفس الساعة التي تشتد بها درجة الحرارة.

«الأسطى علي» قال إن السائقين تعودوا أن العمل في مثل تلك الظروف، وأن بعض السائقين يعتبرونه موسم كسائقي التوك توك مثلا، حيث ان الناس يخافون من الإصابة بضربة شمس، فيقرروا أن يركبوا توك توك، وحتى لو كانت المسافة صغيرة نسبيًا.

وأضاف علي: "الواحد بيبقى حران ومش طايق نفسه، والناس بتبقى مستعجلة عاوزة تروح بسرعة من الشمس، وحتى اللي بيركبوا المترو بيتخنقوا واحنا منقدرش نقعد ف البيت ده رزق عيالنا ولازم نسعى ليه، والمرض كله من عند الله، وربنا يعدي اليومين اللي جايين على خير".

«بائع العصير»

يسير تحت أشعة الشمس، ومعه ما يبرد فوج كل ظمآن، «عادل» بائع العرقسوس، يقول إن الناس تعتقد أن العرقسوس موسمه رمضان، لكن الحقيقة أن العصائر موسمها هو هذه الفترة، حيث ارتفاع درجات الحرارة.

وأضاف "عادل" : "أنا بشتغل الأيام دي رغم أن الحر جامد شوية وفعلا بحس بصداع جامد على آخر اليوم، لكن أكل العيش بقا، وكمان الواحد بيشتغل الايام دي اكتر من كل الايام حتى رمضان، خاصة ان الناس بتحس ان الصودا مش بتروي فيشتروا العصير والعرقسوس".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram