قال الشيخ ماهر المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الصبر في ديننا الحنيف بمنزلة الرأس من الجسد، وهو من فضائل الأعمال، منوهًا بأنه لا إيمان لمن لا صبر له.
وأوضح ' المعقيلي' خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الصبر من أركان الإيمان وطريق إلى رضا الرحمن، والصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد، فلا إيمان لمن لا صبر له، لذلك جعله المولى تبارك وتعالى من عزم الأمور، وأهل الصبر هم أهل الهمم والعزائم العالية.
ونبه إلى أن أهل الصبر هم أهل التفكر والتدبر والانتفاع بالآيات والعبر، والإمامة في الدين لا تُنال إلا بالصبر واليقين، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى: “وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون”، مشيرًا إلى “سعادة الدنيا والآخرة لا تكون إلا بالصبر واليقين، فبالصبر يدفع القلب الشهوات وباليقين يدفع الشبهات”.
وأشار إلى أن “الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجه، فلا ينجو من عذاب الله إلا من دفع شهواته بالصبر وشبهاته باليقين”، منوهًا بأنه لذا علينا جميعا أن نتعلق بالصبر في كل أمورنا فهو من فضائل الأعمال”.
يا حسرة من مات
وفي جمعة سابقة قال الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن المقصرين لهم أمنياتهم ، وآخر يتمنى الرجوع ليقدم صدقة لله عز وجل حيث يقول الحافظ بن رجب رحمه الله : ( إن غاية أمنية الموتى في قبورهم حياةُ ساعةٍ يستدركون فيها ما فاتهم من توبة ، وعملٍ صالح ، وأهل الدنيا يفرطون في حياتهم فتذهب أعمارهم في الغفلة ضياعا ، ومنهم من يقطعها في المعاصي ) .
وأضاف ' بن حميد' خلال خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة: 'يا حسرة من مات ولم تمت ذنوبه معه ، فهو يتمنى العودة إلى الدنيا ليتخلص مما اقترفته يداه ، ليس البكاء على النفس إذا ماتت ، ولكن البكاء على التوبة إذا فاتت وإن الأموات يحتاجون إلى أن يلتزم فيهم هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، فقدِّموا لهم ما أذن الشرع فيه من : الدعاء ، والصدقة ، وقضاء الديون ، والحج ، والعمرة ، وغيرها .
وأوصى قائلاً: وإذا كان ذلك كذلك فلا تزال أرواحكم في أجسادكم فاستكثروا من الطاعات ، وجدوا في عمل الصالحات ، واحذروا السيئات ، فها أنتم في الدنيا فأطيعوا الله ورسوله ، وأصلحوا أعمالكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، فما هي إلا أيام وتلاقون اعمالكم ، وتواجهون بما كسبتم ، مشددًا على أن الدنيا دار العمل ، والآخرة دار الجزاء ، فمن لم يعمل هنا ندم هناك ، وكل يوم يعيشه المرء غنيمة .
أعظم المواقف الواعظة
وحذر من زلة القدم ، وطولَ الندم ، وأن يغتنم الناس الوجود قبل العدم فأي حسرات تلحق صاحب الأمنيات ، وأي ندامات تعصر قلب أهل الغفلات، وقال: 'الحمد لله خلقنا من تراب ، وإليه المرجع والمآب ، أحمده سبحانه ، وأهب الحياة وسالبها ، وباعث الأرواح وقابضها، ناصحًا المسلمين بأن يكونوا من ذوي الهمم العالية والأعمال الجليلة، الذين لا يرضون بغير جنة الخلد بديلاً، ولا بغير الفردوس منزلاً، وأن يجتهدوا في طلب الخير لأنفسهم ، وأن يسألوا ربهم من خيري الدنيا والآخرة ، وأن يتأملوا قول بعض السلف: 'لو علم العبد ما بقى له من أَجلَهِ لزهد في طول أَمَلِه ، ولَجد َّفي الزيادة من عمله'.
وأشار إلى ما يقول بعض أهل العلم إن من أعظم المواقف الواعظة إفاقةَ المحُتضَر عند موته فقد قالوا: 'إنه ينتبه انتباهاً لا يوصف ويقلق قلقاً لا يُحد ، ويتلهف على ما مضى من زمانه ، ويتمنى لو تُرِك ليرجعَ ويتداركَ ما فاته ، ويصدقَ في توبته ، لأنه يعاني من الموت ما يعاني ، ويكاد يقتل نفسه أسفا وحسرة، ذلك أن الموتى انتهت فرصهم في الحياة وقد عاينوا الآخرة، عرفوا ما لهم وما عليهم، أدركوا أنهم كانوا في نعم فهل حفظوها، وفي أوقات فهل أحسنوا العمل فيها.
أي ندامة هم الآن
وتابع: وأي حسرة وأي ندامة هم الآن فيها كانوا يعيشون بين الورى فأصبحوا تحت الثرى، كانوا في الوجود ثم صاروا إلى اللحود، رهائن أعمالهم لا يطلقون وغرباءَ سفر لا يعودون هذه هي حال الدنيا ، وهذه حال أهلها ، وحال من فارقها، لكن ها هنا وقفة مع مسألة عجيبة وحال غريبة بُسطت في الكتاب والسنة، مسألة تتحدث عن مواقف لهؤلاء الأموات فيها العظة ، والعبرة ، والدرس ، بل فيها المبادرة والمسارعة لمن وفقه الله وأعانه.
وأشار إلى أن الأموات انتقلوا من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ، عاينوا الجنة ، وشاهدوا النار ، رأوا ملائكة الله ، وعرفوا حقيقة الدنيا ، وحقيقة الآخرة وأيقنوا وهم في البرزخ أنهم سيبعثون ليوم عظيم ، يومٍ يقوم فيه الناس لرب العالمين اقرأوا كتاب ربكم ، وانظروا في سنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم لتعرفوا هذه المسألة ، وتتعرفوا على هذه القضية إنها أمنيات الموتى.