تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط بشكل غير مسبوق فجر اليوم الجمعة، بعد أن شنت إسرائيل هجوماً واسع النطاق على أهداف إيرانية، أطلقت عليه اسم 'الأسد الصاعد'، مستهدفةً منشآت نووية وقادة عسكريين بارزين. وجاء الرد الإيراني سريعاً بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، في تطور ينذر بفتح جبهات صراع أوسع في المنطقة.
تفاصيل الهجوم الإسرائيلي والرد الإيراني:
أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، آفي دوفرين، في مؤتمر صحفي، أن أكثر من 100 طائرة مسيرة إيرانية تم إطلاقها نحو إسرائيل، مؤكداً أن العمل جارٍ على اعتراضها. وأفادت مصادر إعلامية عبرية باعتراض هذه المسيرات في الأجواء السعودية والأردنية، فيما أعلن الجيش الأردني رسمياً اعتراض 'صواريخ ومسيّرات' دخلت مجاله الجوي، مؤكداً أن المملكة لن تكون ساحة للحرب.
أفاد المتحدث الإسرائيلي عن اغتيال شخصيات إيرانية رفيعة خلال الهجوم، وهم: رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، وقائد قيادة حاتم الأنبياء الإيرانية غلام علي رشيد. كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر أمني لم تسمه، 'القضاء على أكثر من 10 علماء نوويين إيرانيين في الضربة الافتتاحية، يُعرّفون على أنهم مراكز المعرفة في البرنامج النووي الإيراني'.
من جانبها، أكدت إسرائيل أن الهجوم جاء بتوجيهات من المستوى السياسي، واصفة إياه بـ'الهجوم الاستباقي الدقيق والمتكامل لضرب البرنامج النووي الإيراني'. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي إن 'هدف العملية غير المسبوقة هو ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية والعديد من القدرات العسكرية'.
في المقابل، توعد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بـ'عقاب صارم' رداً على الهجمات، مؤكداً أن 'ذراع القوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية القوية لن تتركه بإذن الله'. وتتوقع إسرائيل هجمات إيرانية عديدة رداً على الهجمات الإسرائيلية المستمرة، حيث أشارت القناة 13 العبرية إلى أن التقييم في إسرائيل هو أن الرد الإيراني سيأتي على عدة موجات، أولها إطلاق مئات الصواريخ الباليستية.
تحليل الموقف:
يمثل هذا التصعيد المباشر بين إسرائيل وإيران نقطة تحول خطيرة في ديناميكيات الصراع الإقليمي. إليك تحليل لأبرز النقاط:
كسر قواعد الاشتباك: لطالما دار الصراع الإسرائيلي الإيراني في الظل، عبر وكلاء أو عمليات سرية. هذا الهجوم الإسرائيلي المباشر على الأراضي الإيرانية واستهداف قادة عسكريين وعلماء نوويين يمثل خرقاً صريحاً لقواعد الاشتباك السابقة، ويفتح الباب أمام ردود فعل مباشرة وغير مسبوقة.
أهداف إسرائيل: يبدو أن الهجوم الإسرائيلي يهدف إلى تحقيق عدة أهداف:
تعطيل البرنامج النووي الإيراني: استهداف 'أهداف نووية' و'علماء نوويين' يشير إلى محاولة جدية لتقويض قدرات إيران النووية، أو على الأقل تأخيرها بشكل كبير.
شطب القدرات العسكرية الإيرانية: استهداف مصانع الصواريخ الباليستية وقادة الحرس الثوري يهدف إلى إضعاف القوة العسكرية الإيرانية وذراعها الطويلة في المنطقة.
إعادة بناء الردع: قد تحاول إسرائيل إعادة بناء قوة الردع التي ربما شعرت بتآكلها في الفترة الأخيرة، وإرسال رسالة حازمة لطهران.
خيارات الرد الإيراني: أمام إيران خيارات صعبة ومعقدة للرد:
الموجات المتعددة: التقييم الإسرائيلي بأن الرد الإيراني سيأتي على 'عدة موجات'، تبدأ بالصواريخ الباليستية، يعكس فهمًا للقدرات الإيرانية والرغبة في تحقيق تأثير تراكمي.
الرد المباشر وغير المباشر: قد يشمل الرد الإيراني هجمات مباشرة من الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى تفعيل وكلائها في المنطقة (مثل حزب الله في لبنان والفصائل المدعومة إيرانياً في العراق وسوريا واليمن) لفتح جبهات إضافية.
تصعيد نوعي: اغتيال قادة بارزين قد يدفع إيران إلى رد نوعي غير تقليدي، ربما يستهدف مصالح إسرائيلية أو أمريكية في المنطقة أو في أماكن أخرى.
تداعيات إقليمية ودولية:
الأردن والسعودية: استخدام المجال الجوي لهذه الدول لاعتراض المسيرات يضعها في قلب الصراع، ويزيد الضغط عليها للحفاظ على حيادها المعلن، وهو أمر قد يكون صعباً في ظل التصعيد.
دور الولايات المتحدة: سيتعين على الولايات المتحدة أن تتخذ موقفاً واضحاً، ودعم إسرائيل مع محاولة احتواء التصعيد ومنع حرب إقليمية شاملة. أولويتها المعلنة في 'تأمين حلفائها' تشير إلى دعم عسكري ودفاعي.
مخاطر الحرب الشاملة: الهجوم المباشر والرد الصريح يرفعان بشكل كبير احتمالية الانزلاق إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، مع تداعيات اقتصادية وإنسانية كارثية على المنطقة والعالم.
المخاطر النووية: الحديث عن استهداف 'أهداف نووية' إيرانية يثير قلقاً كبيراً بشأن سلامة هذه المنشآت وتأثير أي أضرار عليها على البيئة الإقليمية.
بشكل عام، تشير هذه التطورات إلى أن المنطقة على أعتاب مرحلة بالغة الخطورة، حيث تتصاعد المواجهة بين قوتين إقليميتين رئيسيتين، مع تداعيات محتملة على الأمن والاستقرار العالمي. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذا الصراع المتصاعد.