دعا الجيش الإسرائيلي السكان الفلسطينيين في مدينة غزة وجباليا، شمال قطاع غزة، إلى إخلاء منازلهم على الفور والتوجه جنوبًا نحو منطقة المواصي، وذلك مع تصاعد حدة القتال في المنطقة. جاء هذا الإعلان عبر منشور للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، حيث حدّد الأحياء المستهدفة بشكل دقيق، والتي تشمل الزيتون الشرقي، والبلدة القديمة، والتركمان، والجديدة، والتفاح، والدرج، والصبرة، إضافة إلى جباليا البلد، وجباليا النزلة، ومعسكر جباليا، والروضة، والنهضة، والزهور، والنور، والسلام، وتل الزعتر.
تأتي هذه الأوامر في سياق العمليات العسكرية المستمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي في القطاع، والتي أجبرت بالفعل أعدادًا كبيرة من السكان على النزوح في الأشهر الماضية، كما يتضح من الصورة المرفقة التي تظهر نازحين يفرون من جباليا في يونيو الماضي.
تحليل: أبعاد أوامر الإخلاء الجديدة
تثير دعوة الجيش الإسرائيلي الجديدة لإخلاء مناطق واسعة في شمال قطاع غزة عدة تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لهذه الخطوة وتأثيراتها الإنسانية.
1. تصعيد محتمل للعمليات العسكرية
تشير أوامر الإخلاء الفوري إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يستعد لشن عمليات عسكرية واسعة النطاق أو مكثفة في هذه الأحياء. عادة ما تسبق مثل هذه التحذيرات غارات جوية مكثفة أو اجتياحات برية، بهدف تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وفقًا للموقف الإسرائيلي المعلن، ولكنها غالبًا ما تؤدي إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية.
2. الضغط على حماس والفصائل الفلسطينية
قد يكون الهدف من هذه الأوامر هو ممارسة المزيد من الضغط على عناصر حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى التي يُعتقد أنها تعمل من داخل هذه الأحياء المكتظة بالسكان. فإجبار السكان على المغادرة يمنح الجيش الإسرائيلي حرية أكبر في استهداف ما يعتبرها مواقع عسكرية، دون القلق بشأن "الدروع البشرية" التي لطالما اتهم إسرائيل حماس باستخدامها.
3. الأزمة الإنسانية المتفاقمة
تزيد هذه الأوامر من تعقيد الوضع الإنساني الكارثي بالفعل في قطاع غزة. فمنطقة المواصي التي طُلب من السكان التوجه إليها هي منطقة ساحلية صغيرة ومكتظة بالنازحين بالفعل، وتفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل الملاجئ الكافية، وشبكات المياه والصرف الصحي، والخدمات الصحية. هذا النزوح القسري المتكرر يؤدي إلى تشريد آلاف العائلات مجددًا، مما يعمق معاناتهم ويضع ضغطًا هائلاً على الموارد المحدودة بالفعل في المنطقة الجنوبية.
4. التداعيات طويلة المدى
يعكس هذا الإجراء نمطًا متكررًا في الصراع، حيث تُفرض مناطق عازلة أو تُعاد صياغة الخريطة السكانية للقطاع بشكل قسري. هذا الأمر يثير مخاوف حول مستقبل السكان في شمال القطاع، وإمكانية عودتهم إلى منازلهم في ظل الدمار الهائل والعمليات العسكرية المستمرة.