ads
ads

استعادة دولة الجنوب في اليمن: بين الإرادة الشعبية والانعكاسات الإقليمية والدولية

اليمن
اليمن

مع استمرار الصراع في اليمن منذ عام 2015، عادت قضية استعادة دولة الجنوب لتتصدر النقاشات المحلية والإقليمية والدولية، في ظل سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على معظم أراضي الجنوب اليمني السابق، وتزايد الدعوات لاستقلال الجنوب كحل محتمل لإنهاء الفوضى وتعزيز الاستقرار.

التطورات الأخيرة في الجنوب اليمني تؤكد أن إرادة السكان المحليين، مدعومة بتحرك المجلس الانتقالي العسكري والإداري، تشكل عامل ضغط قوي على مختلف الأطراف الإقليمية والدولية. ومع تصاعد الاهتمام الدولي بالموقف، تصبح مسألة "الاستقلال الجنوبي الثاني" أكثر من مجرد حلم شعبي، بل قضية استراتيجية محتملة لها انعكاسات أمنية واقتصادية وجيوسياسية على مستوى المنطقة بأسرها.

يرى مؤيدو فكرة دولة الجنوب أن إعادة استقلالهم يشكل حقاً تاريخياً لشعب الجنوب، ويضمن أمن المنطقة الجغرافية الحيوية التي تطل على البحر الأحمر وخليج عدن، أحد أهم الممرات البحرية العالمية. ويؤكد قادة المجلس الانتقالي أن هذه الخطوة ليست مجرد مطلب سياسي، بل عامل استقرار اقتصادي وأمني في مواجهة التهديدات الإقليمية والجماعات المتطرفة.

تقدم عسكري واستقرار محلي

شهد الجنوب في الأشهر الأخيرة تقدماً عسكرياً ملحوظاً لقوات المجلس الانتقالي، التي سيطرت على محافظات حضرموت والمهرة وأجزاء من جنوب شرق اليمن الغنية بالنفط، مما يعزز الأساس الاقتصادي لأي دولة مستقلة. وتمت السيطرة على نحو 90% من أراضي الجنوب السابق، مع مقاومة محدودة من القوات الموالية للحكومة أو المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، ونجح المجلس في تحقيق هذا التقدم دون مواجهات كبيرة، ما يعكس دعماً محلياً واسعاً من القبائل والمجتمعات.

التوسع الجنوبي يأتي بالتوازي مع عمليات مكافحة الإرهاب، حيث أطلقت القوات الجنوبية حملات واسعة ضد تنظيم القاعدة وعناصر داعش، ما ساهم في تعزيز الاستقرار في المناطق التي استعادتها، ورفع من مصداقية المجلس الانتقالي داخلياً وخارجياً.

إرادة شعبية ومظاهرات حاشدة

على المستوى الشعبي، شهدت مدن مثل عدن وحضرموت والمهرة مظاهرات ضخمة في ديسمبر 2025، شارك فيها ملايين المواطنين مطالبين بالاستقلال الثاني ورفعوا أعلام جنوب اليمن. وقد امتدت هذه الاحتجاجات إلى العواصم الأوروبية، حيث نظم أبناء الجالية الجنوبية تجمعات أمام مقر الحكومة البريطانية، مطالبين المجتمع الدولي بالاعتراف بحقهم في استعادة دولتهم والتصدي للتهديدات الإقليمية مثل الجماعات المتطرفة والحوثيين وجماعة الإخوان.

المجلس الانتقالي، الذي تأسس عام 2017، نجح في توحيد الفصائل المحلية وتوفير إدارة محلية فعالة، ما يعزز الصورة الإيجابية للجنوب كمنطقة مستقرة ومستعدة لإدارة شؤونها بعيداً عن الفوضى الناتجة عن الوحدة السابقة مع الشمال في 1990، والتي شهدت تهميشاً سياسياً واقتصادياً للجنوب.

انعكاسات إقليمية ودولية

تثير تطورات الجنوب اليمني مخاوف وإعجاباً في الوقت ذاته لدى القوى الإقليمية والدولية. فبينما تحذر السعودية من أي تصعيد وتطالب بالانسحاب من حضرموت والمهرة، يرى محللون أن دولة جنوبية مستقرة يمكن أن تكون عاملاً إيجابياً في المنطقة، خصوصاً لتأمين الممرات البحرية الحيوية وحماية الاقتصاد العالمي.

ويشير التحليل إلى أن نجاح المجلس في إدارة الجنوب، وضبط الأمن ومكافحة الإرهاب، يمنحه قاعدة قوية للمفاوضات المستقبلية، سواء على المستوى الداخلي مع الحكومة اليمنية أو على المستوى الإقليمي والدولي، ويعيد طرح السؤال حول شكل الحل السياسي في اليمن: هل سيكون استقلال الجنوب خياراً واقعياً يعزز الاستقرار، أم مجرد أداة تفاوضية في الصراع المستمر منذ سنوات؟

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً