اعلان

اجبروا خاطر الناس

د. عبد اللطيف حسن طلحة
د. عبد اللطيف حسن طلحة

ذهب عم محمد إلى مديرية الشئون الإجتماعية لإنهاء أوراقه للحصول على المعاش، عم محمد كان يعمل بمهنة نادرة وهي صناعة الخوص ثم يحمل على ظهره ما صنعه لبيعه ليحصل على قوت يومه ، عم محمد بسيط الحال سعيدا بما يحصل عليه أخر النهار من بيع ما صنعت يداه ، عم محمد لم يفوت موقفا في مساندة المحتاجين رغم فقره وقلة ما في يده ، فمرة يذهب إلى المرضى ويحمل ما قدر أن يحمل من الزيارات لهم ومرة يساعد بيده إذا عجز عن تقديم المال ومرة دعى إلى شهادة حق فلم يتأخر رغم خطرها على حياته ، ذهب عم محمد إلى مديرية الشئون الإجتماعية مرة تلو الأخرى لإنهاء معاشه وفي المرة الأخيرة نهره الموظف بقوله هو أنا مش فاضي إلا ليك ؟ انصرف عم محمد منكسرا من سوء معاملة الموظف المتجبر ، الموظف وهو يشير إلى عم محمد بالانصراف داخل في أصبعه دبوسا كان في الأوراق، أخر النهار وجد الموظف أن أصبعه يشتد به الألم نتيجة الدبوس الذي انتزعه على إثر شجاره مع عم محمد ، في اليوم التالي ذهب الموظف إلى الطبيب عندما إزداد الألم، وصف الطبيب الدواء لكن حالة الموظف لم تستقر فذهب إلى طبيب أخر ثم طبيب أخر لكن دون جدوى ، رجع الموظف بذهنه لما حدث في ذلك اليوم وعرف السبب وأخذ على عاتقه البحث عن عم محمد للإعتذار له، وجد الموظف عم محمد فطلب منه الصفح والعفو عما بدر منه يومئذ وحكى له عما حدث لصابعه، قام عم محمد وقرأ بعض من الآيات وهو يمسك يد الموظف، يقول الموظف : انتهى الآلم الذي لازمنى أسبوعين فعرفت ساعتها قيمة جبر الخاطر وحسن إستقبال أصحاب الحاجات.

هذه القصة ليست نسجا من عالم الخيال فقد كنت شاهدا على أحداثها ولا أريد المطال والبحث في ثناياها ، من هنا يجب أن نقتدي ونهتدي بحديث المصطفى صل الله عليه وسلم

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: ((اللهم من وَلِيَ من أمرِ أمتي شيئًا فشَقَّ عليهم فاشقُقْ عليه، ومن وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فرفَق بهم فارفُقْ به))

يا سادة

يظن بعض الناس ممن لديهم المال أو لديهم المنصب أنهم أفضل من الناس في كل شئ وأنهم السادة وغير هم العبيد فحالهم دائما يريدون أن يكون إذا تكلموا يسمع لهم وإذا تقدموا يرجع الناس خلفهم، هذه من الأمور الخاطئة والغير مقبولة لا عند الله تعالى ولا عند رسله المنزلين،فكلنا جئنا من طريق واحد وسنذهب بطريق واحد وسنجتمع أمام رب واحد ، لا بل أن الله تعالى جعل الأفضلية عنده بالتقوى قال تعالى( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) فهذا هو خطاب الله تعالى للناس جميعا فلا فرق بين أبيض وأسود أو بين جنسية وأخرى ، من على شاكلة عم محمد من الذين لا يركبون السيارات ولا هم أصحاب المناصب كثر وهم أعظم عند الله ممن يملؤن الدنيا طنينا بكلامهم وصورهم وأخبارهم ، أجبروا خاطر البسطاء وأصحاب الحاجات

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً