اعلان

رامى علم الدين يكتب.. صدمة نيكسون

رامي علم الدين
رامي علم الدين

أصبحت متابعة أسعار العملات النقدية والتحويلات هذه الأيام ومع تزايد الأزمة الاقتصادية جانب يشغل بال وفكر المواطن في الشارع، نظرا لتأثيراته المباشرة على مناحي الحياة عامة، وارتباطه بمدى الحجم والطلب وتحديد الأسعار والسبع والخدمات، جزء من العملات الورقية في الأساس هي مستندات مالية، وكانت فكرتها هي أن الدول تطبع نقود بغطاء من مخزون الذهب كاحتياطي نقدي آمن، مما يجعل لورقة النقود قيمة تساوي قيمة سوقية تحددها الدولة في فئات مختلفة يعادلها أوقية ذهبية.

لا شك أن هذه الفكرة انتهت مع الوقت وأصبحت جزء من الماضي وتغيرت الفكرة، بعد إعلان فك ارتباط الدولار تحديدا بالذهب (صدمة نيكسون) كانت تقريياً مكشوفة ومعروفة، ولكن كل الدول وافقت وأجبرت على قبول الدولار كاحتياطي وضامن بديل الذهب، مما شكل هيمنة وسيطرة قوية من الدولار على أسواق التجارة العالمية، وأصبح العملة الدولية الأولى عالميا، خاصة عن دول أوروبا، والتي رأت أن أمريكا قوة عسكرية واقتصادية جبارة يستحيل قهرها خاصة بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار المحور الشرقي وتفكيك الاتحاد السوفيتي وظهور أمريكا كقوي أحادية في العالم ، فكان من الحكمة السير في فك المحور الغربي بقيادة أمريكا العظمي وعدم معاداتها والقبول شروطها وعملتها الدولار كبديل آمن لكافة العملات الدولية، أدركت انجلترا خطورة سيطرة الدولار، فرفضت الانضمام للاتحاد الأوروبي في البداية، كما تتعامل على أنها ما زالت قطب عالمي وقوة عظمى لكنها فشلت في التطبيق فى نهاية المطاف، وانضمت في الأخير إلي كافة دول القارة العجوز في قبول الأمر الواقع، خاصة في أعقاب هزيمة 1956 في العدوان الثلاثي، وحينها تحول الدولار من كونه عملة ورقية، إلى كونه أداة للهيمنة لفرض النفوز على البشر والحبيب قبل العدو، الاتحاد الاوروبي أدرك خطورة السيطرة واستحواذ الدولار ، فحاول من اصلاح أوضاعه، فقام باصدار عملة أوروبية (اليورو)، لكن الدولار ظل قوة مهيمنة على العالم من 1971 إلى وقتنا هذا، ونحن نشهد كتابة التاريخ بتراجع قوة الدولار شيئاً فشيئاً، الدولار ( ليس مجرد عملة ورقية) الدولار = أمريكا ، ليس مجرد أداة لدفع المعاملات التجارية، والتحكم في سير الأقتصاد الدولي والنمر الاقتصادي العالمي فحسب، وإنما أداة لإخضاع الدول وفرض سياسة أمريكا على الجميع، هل انت صديق وحليف لمحور العرب بزعامة أمريكا؟.

أمريكا في كل حروبها العسكرية كان هدفها الاستراتيجي هو فرض السيطرة والذعر بين دول العالم، " الدولار خط أحمر "، ما يحدث الآن من تغيرات دولية حالياً أن جزءا كبيرا من قوة الدولار تنهار، قوة الدولار هي قوة مركبة أساسها الثقة في الحكومة الامريكية، وقوتها، وقدرته على فرض السيطرة، هي قوة سياسية مدعومة بقوة عسكرية واستقرار اقتصادي ملتزمة به حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة للحفاظ على قوة العملة والابتعاد عن أي اضطرابات، مايحدث أن قوة أمريكا الاقتصادية تراجعت بصعود قوي جديدة وهو(التنين الصيني) والذي أدى إلى تراجع أسهم الإقتصاد الأمريكي ، وعدم السيطرة على التضخم من البداية، والاضطراب في اتخاذ القرارات الاقتصادية، قوة السياسة الأمريكية تراجعت بشكل حاد بعد انهيار مخطط الشرق الأوسط الكبير عقب ثورة 30 يونيو، فضلاً عن سياسة بايدن المتواضعة في شتى الجوانب، حتى عدم سيطرته على دول حليفة وعدم وضوح خطتة لانقاذ ما يمكن إنقاذه، وتخليه عن عدد كبير من حلفاء أمريكا التارخيين، فضلاً عن صعود أسهم روسيا بحرب أوكرانيا والتي كانت الإدارة الأمريكية مضطربة للغاية في إدارتها ، وبيانات متضاربة ودعم غير محدود لجانب من التوقع خسارته الحرب، فبدأت بانضمام القرم رسميا وعقبها إعلان استقلال إقليم (الدومباس) كامل، ما سيحدث في الفترة القادمة هو محاولة خروج عملة البريكس للنور ، مع الاستمرار في سياسة "التبادل التجاري بين دول العالم الجنوبي بالعملات المحلية"، بجانب إعتماد اليوان كعملة تبادل تجاري على غرار نظام الدولار، عملة البريكس لم تعد لها آمال، حيث أن ألكسندر باباكوف، نائب رئيس مجلس الدوما، أكد أن دول البريكس بصدد إنشاء عملة جديدة للمدفوعات، تأسست على أساس استراتيجية التخلي عن الدولار واليورو، لان جزء كبير من قوة الدولار، هو العملة الرسمية والأساسية في التبادل التجاري الدولي، فقوته متمركزة في الطلب المتزايد عليه والقدرة على شراء احتياجاتك، فى حين لو أصبح الطلب على الدولار عفيفا سيفقد الدولار جزء كبير من قيمته، كما تعلب مصر دورا هاما في هذا الأمر، كما اتخذت خطوات جادة وفعالة خلال فترة كبيرة، قيمة الدولار أصبحت فعلياً بدأت تقل من حساب الذهب كملاذ آمن، والسعي من خلال البنوك المركزية حول العالم لشراء الذهب، والاحتفاظ باحتياطيات أجنبية بجانب الدولار.

الخلاصة فيما هو قادم مايحدث الآن هو بناء أفقي للنظام الاقتصادي الدولي الجديد، لعام متعدد الاقطاب، وهذا في البداية مقبول وجيد، لكنه سينتج عنه اضطرابات عدة لأنه نظام في طور التجربة ومراحله الأولى ومن الطبيعي يصبح به بعض الأخطاء ، وغالباً سوف نرى تنازل عن مديونيات بالدولار، تخفيف الضرائب، البناء الأفقي هي مرحلة أولى سوف تمر بعدة أطوار مختلفة ولحين اكتمالها يبدأ الصعود الرأسي، وهنا هتظهر التنافسية الشديدة وفرض السيطرة، نحن أمام مرحلة حرجة تاريخياً وقدرنا أننا نحيي في تلك الظروف والأحداث الاقتصادية، والتغيرات العالمية الدولية، جائحة كورونا العالمية وتأثيرها، حرب أكرانيا، ومصر تسير في طريقها بخطى ثابتة وصحيحة وكانت من أولى الدول مبكراً التي أعلنت رفضها للدولار وإعتماد سلة عملات ، فسعت لتحقيق التوازن وتخفيف العبء على الدولار المهيمن، وافقت على إقامة علاقات تبادل اقتصادي بالعملة المحلية، فتحت قنوات اتصال مع الجميع روسيا والصين والهند، وترفقت مع المحور الغربي، ويكفي كلمة الرئيس السيسي وهي الاكثر جراءة ووضوح أن "الدولار هيكون تاريخ".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً