اعلان

نساء كازبلانكا .. كل الأحداث واقعية وإن تشابهت الوقائع فهذا عن قصد و ليس مصادفة !

نساء كازبلانكا رواية
نساء كازبلانكا رواية

بين سفرة عبد الرشيد الأولى والأخيرة لبنغازي مرت عشرون سنة، في بنغازي 2012 كانت صور القذافي ممزقة أو مشوهة، وشوارع بنغازي تحت إمرة سرايا الثوار، وفي كرافانات متحركه تقبع لجان الامن الوقائي التابعة للثوار، كل من هو أسود اللون، سوداني أو تشادي أو حتي مصري أو ليبي ، يتم خطفه وتعذيبه حتي يثبت أنه ليس من مرتزقة القذافي الذين استباحوا المدن الليبية خلال الثورة، الموت بالمجان للجميع لكن الفرحة بالثورة تعلو وجوه الجميع، لحسن الحظ كان عبد الرشيد يرتدي ملابس فاخرة ويتحدث بلكنة أهل البلد فلم يستغربه عمال المطاعم، موظف الاستقبال في الفندق أخبره أن أخواله من مصر، مكث عبد الرشيد في بنغازي يومين فقط، ثم استقل طائرة من مطار بنينة إلى مطار طرابلس العالمي، في السماء بين بنغازي وطرابلس تخيل عبد الرشيد أنه سوف يرى مطارا عالميا مثل مطار الرياض أو جدة أو القاهرة، لكنه لم يجد أكثر من مهبط طائرات محاط بسيارات مسلحة من كل جانب وغرف من ألمونيوم أو خشب، وموظفون أو ضباط بملابس مدنية يسيئون معاملة المسافرين من المصريين والسودانيين لدرجة أن أحد هؤلاء الضباط ضرب فلاحا مصريا بشكل مهين أمام الجميع ولم ينطق الفلاح ولم ينطق أى شخص في طابور الجوازات المحاصر بالمسلحين من كل اتجاه.

نادلة بنغازي .. القذافي واللجان الثورية

رجع عبد الرشيد بذكراته لسنوات الحصار على ليبيا، كان القذافي ملء السمع والبصر ولجانه الثورية في كل مكان من بنغازي أول مدينة خرج لها عبد الرشيد ...

النادلة : كيداير

لم يفهم عبد الرشيد أن النادلة تقول له : ( كيف حالك )، ولم يظهر عبد الرشيد أنه لم لا يفهم اللهجة المغربية لكن صوت النادلة زاد من شكوكه في حقيقتها..

عبد الرشيد : الجو فعلا حر وأنا عطشان جدا لكن بصراحة جمال المكان عندكم أنساني الحر.

النادلة: بالصاااح

لم يطل عبد الرشيد الحديث مع النادلة، نظر لها مرارا تحت ذقنها وبين ساقيها فوقع في ظنه أن حدسه صحيح، وأن النادلة أنثى صناعية، وأن مفاتنها نضجت بفضل الهرومونات الأنثوية.

كان عبد الرشيد في هذا الوقت شاب مقبل على الحياة أنهى دراسته الجامعية لتوه، وانشغل خلال دراسته في الجامعة بالعمل وهو طالب فدخل الجامعة وغادرها بدون أى خبرة سابقة في التعامل مع النساء ولم يعرف عن مكرهن إلا ما قرأ عنه في الكتب التي يطالعها بين وقت وآخر، وكان شابا بكرا بلا حياة عاطفية من أى نوع ، فانزعج عندما تأكد له حدسه، فسأل عبد الرشيد النادلة ،أو النادل المتخفي في جسد امرأة صناعية، في عجالة عن الحساب..

النادلة : حضاش دينار

لم يفهم عبد الرشيد ما قالته النادلة أو النادل، أخرج من جبيه الدينارات الليبية وعرضها بين كفي يديه على النادلة وأشار له بأنه لا يفهم المطلوب، فأخذت النادلة من بين كفي عبد الرشيد ورقة بعشرة دنانير، وورقة أخرى بدينار واحد، ففهم عبد الرشيد أن المبلغ الذي طلبته النادلة هو 11 دينار، وفيما عرف أن النادلة سرقته عيانا وفي وضح النهار، لأن هذا المبلغ في هذا الوقت كان يكفي لوجبة غداء فاخرة لأربعة أشخاص وليس مجرد كوب من الشاى وفنجان قهوة وشيشة تفاح.

ميلشيات عماد الطرابلسي ومعمر الضاوي هنا مطار طرابلس العالمي

تلفت عبد الرشيد من حوله فوجد كل حوائط مطار طرابلس العالمي مزدحمة بمنشورات تحمل طابعا ثوريا، على جوانب ممر مدرج المطار توجد سيارات عسكرية مبعثرة يوحي شكلها بعدم الانضباط العسكري، وفي ممرات المطار وحول مداخل ومخارج الجمرك مسلحون يخلطون بين قطع الملابس المدنية وملابس عسكرية مموهة ولحي غير مهذبة تدل على أنهم أفراد ميلشيات وليسوا من قوة عسكرية نظامية، في طرابلس عرف أنهم خليط من ميلشيات عماد الطرابلسي وميلشيات معمر الضاوي.

مطار طرابلسمطار طرابلس

من سجن بريمان في جدة لسجن الاستئناف بدرب سعادة وبالعكس

غادر عبد الرشيد سكنه في حى الحرمين بجدة قبل موعد الرحلة ب3 ساعات، لكنه فوجئ أن المطار لا يبعد عن السكن بأكثر من دقائق بالسيارة التي قطعت الطريق بسرعة تزيد عن 180 كيلو في الساعة كعادة سائقي التاكسي الباكستانيين في المدينة التي يقصد مطارها ضيوف الرحمن من كل صوب في طريقهم لزيارة بيت الله الحرام للعمرة والحج .

في الدقائق التي قضاها عبد الرشيد في التاكسي لم يعدم ثرثرة سائقي التاكسي الباكستاني بلغته التي تجمع خليط من ألفاظ لا تنتمي لأى لغة لكنها محببة في النهاية، على الرغم من أن عبد الرشيد كان بالكاد لا يفهم عن أى موضوع يتكلم السائق الباكستاني .

سائق التاكسي : هذا نفر مخ خربان ايش كلام هذا كله ، هذا امسك بعدين شغل على بابا ، نفر ناس تبغي مأكول ما تبغي جرجر جرجر !!

في الطريق للمطار مر التاكسي بسجن بريمان، شاهد السيارات الحديثة تنتظر على البوابة وبداخلها عائلات أسر السجناء، فكتم ضحكته عندما قارن مشهد الانتظار المنظم بالقرب من بوابة سجن بريمان بمشهد المئات من أهالي نزلاء سجن الاستئناف وهم يصطفون أمام محال بيع الأخشاب بدرب سعادة ينادون على ذويهم من نوافذ السجن الضيقة والمغلقة بالقضبان والشبك الحديدي، في سجن طرة رأى عبد الرشيد سجناء قضوا زهرة شبابهم في زنازين تشبه المقابر مغلقة من كل جانب سوى فتحة ( نظارة) تفتح عليهم من الخارج للتفتيش عليهم وفتحة أسفل الباب يدخل منها التعيين من طعام تأنفه الحيوانات، قبل تجربة السجن كان عبد الرشيد يظن أن السجون مثلما تظهر في أفلام الثلاثي وعادل إمام، بيوت كبيرة مغلقة بأبواب حديدية وعليها حرس والسجناء بالداخل يعيشون كأنهم في معسكرات يعدون الطعام في مطبخ السجن وينظفون الحمامات والأفنية ويلعبون الكرة ويعملون في ورش أو حتى في الجبال، وفي نهاية اليوم يعودون إلى الزنازين يتشاجرون أو يغنون ويتبادلون النكات البذيئة، لكن في تجربة السجن عرف عبد الرشيد أن ما يحدث في هذا المنطقة من العالم أكثر مرارة مما يمكن حتى أن يحكى.

طالع عبد الرشيد موقع اخباري بعد أن قفز إعلان عنه على بالونة إعلانية على الشاشة الملحقة بمقعد الطائرة، لكن ذلك لم يمنع نفسه من التلصص على جارته في الطائرة وهى تتخفف من الإيشارب الذي يغطي خصلات شعرها بعد أن تخلصت من العباءة السوداء حتى قبل أن تجلس لكرسي الممر ، شعر مموج مصفف بعناية يفوح منه عطر خاص يختلف ويختلط بعطر نسائي يفوح من جسد أنثوي تدعو كل ثنية فيه العاشقين لينهلوا من بئر لا ينتهي من متعة حسية لا يعلم متعتها إلا من خبرها

نساء كازبلانكا روايةنساء كازبلانكا رواية

صدمة في الأرض وصدمة فوق السحاب ( يا رجال العالم افتتنوا) !

في مطار كازبلانكا صدمت اللغة الفرنسية عيون وآذان عبد الرشيد الذي هبط لتوه من طائرة الخطوط الجوية السعودية القادمة من جدة ، كانت الصدمة الأولى لعبد الرشيد في الطائرة فوق السحب ، صدمة من بين صدمات كثيرة تلقاها في كل ما يؤمن به وكل من حوله خلال العامين الأخيرين، في مطار كازبلانكا كان الجميع يتحدث بالفرنسية، زاغت أعين عبد الرشيد بين النهود العارية والسيقان المكشوفة ولكن هذه المرة لم تعد الفتنة قاصرة على اللحم الأبيض للمغربيات أو السعوديات فقط، إفريقيات فارهات الطول بأجساد تصرخ ( يا رجال العالم افتتنوا)، وأوربيات تفضح لغتهن الاسبانية جنسيتهن وتصدق علي الفضيحة نهود وأكتاف برونزية عارية تماماً وسيقان وأفخذ مثالية التكوين ومؤخرات عابثة لا تسترها إلا قطعة قماش جينز صغيرة في شكل ( شورت ) لا يمكن وصفه أبداً بأنه نوع من أنواع الملابس .

أمام عريف الجوازات ابتسم عبد الرشيد نفس الابتسامة التي درب نفسه عليها ليظهرها في أي مطار عربي يجتازه ، ابتسامة بلهاء توحي بطمأنينة زائفة يخفي بها عبد الرشيد خوفه الدائم من المطارات العربية ، تلتقط عين عبد الرشيد ملامح مباني حديثة ومبهرة ومكاتب أنيقة لشركات الطيران العالمية ، ومضيفات فاتنات من كل بقاع الأرض يتجولن في صالاته ينثرن عطورهن المثيرة ويتباهين بأجسادهن الفاتنة والعارية ، ومحال للأسواق الحرة تعرض الخمور والسجائر وأنواع باهظة الثمن من الملابس والهدايا . هذا هو الظاهر أما ما خفى فكأن أعظم !

لعنة المطارات العربية فاتنات من كل الجنسيات ومفقودين في أقبية مكاتب الأمن

كان عبد الرشيد ينتظر طائرته المغادرة للقاهرة ، تعود أن يذهب للمطارات العربية مبكراً جدا قبل توقيت الإقلاع حتى إذا حدثت مشكلة أمام منفذ الجوازات يكون لديه وقت على الأقل ليفكر فيما يتوجب عليه أن يفعله. مرت ساعات على عبد الرشيد وهو يتصنع أنه مفقود بين المقهي وصالات المطار لترى عينه بطريقة تظهر أنها عفوية الفاتنات من كل جنسية في المطار، مرت الساعة ومرت بعدها ساعات ولم يظهر أي أثر لهؤلاء المساكين، عاد عبد الرشيد إلي أقرب نقطة لمركز إنهاء إجراءات السفر متعلقاً بالأمل في أن ينجو من كمائن المطار، مرت ساعة أخرى أو أكثر وصوت مذيع صالات المطار ينادي منبهاً على النداء الأخير ،ومع كل مغادرة لطائرة ينتهي أمل المساقين إلي أقبية مكاتب الأمن بالمطار في النجاة .

(يا إلهي !! هل هي لعنة نسج طلاسمها شيطان على عتبة كل مطار عربي ؟ المغادر مفقود والعائد مفقود أيضا ! فمن يدخل مطاراً عربيا مغادرا أو يصل له قادماً يتوقع أن رحلته قد تتحول مسارها إلى زنزانة بعد أن يمر على اقبية بنيت بمهارة لتكتم بين جدرانها صرخات المعذبين وهم يصعقون بالكهرباء ويجلدون بالسياط حتي لا تزعج صرخاتهم من السائحين الأجانب وأو تفزع أنات المعذبين المضيفات الجميلات وتفسد على من يراهن طلعتهن البهية ).

هكذا همس عبد الرشيد بينه وبين نفسه ثم انشغل بإنهاء إجراءات المغادرة، أمام عريف الجوازات في مطار كازبلانكارسم عبد الرشيد على وجهه نفس الابتسامة البلهاء التي يبرع في إظهارها أمام ضباط وأفراد الأمن العرب، ابتسامة مصنطعة بمهارة يخفي بها قلقه وخوفه ، في مطار القاهرة سأله ضابط الجوازات : الضابط: ماذ ستفعل في المغرب ؟

عبد الرشيد : سياحة ..

ومدد عبد الرشيد ابتسامته مليمترات في كل اتجاه

عريف الجوازات : أهلاً بك أول مرة تزور المغرب . عبد الرشيد : أول مرة فعلاً

عريف الجوازات : إيش حال مصر ؟

عبد الرشيد : بخير

أعاد عريف الجوازات بطاقة التعريف لعبد الرشيد وطلب منه أن يكتب محل إقامته بمدينة الدار البيضاء، مدد عبد الرشيد ابتسامته البلهاء في كل اتجاه ...

عبد الرشيد: لا أعرف هذه أول مرة كما اخبرتك وسوف ابحث عن فندق مناسب .

ابتسم عريف الجوازات ابتسامة صفراء يعرفها عبد الرشيد ، فقدم عريف الجوازات لعبد الرشيد قلم وقال له (اكتب نزل افريقيا) كتب عبد الرشيد في استمارة التعريف ما أراده عريف جوازات مطار كازبلانكا .

قدم العريف جواز السفر لعبد الرشيد بعد أن ختمه وقال له ..

عريف الجوازات : أهلا بك .. الإكرامية ؟

نقد عبد الرشيد عريف الجوازات ثلاثة ورقات من فئة 10 ريال سعودي، فظهر الامتعاض على وجه العريف المغربي، فعاجله عبد الرشيد بكيس الحلوى الذي كان في يده.

في الطريق من المطار للفندق صدم عبد الرشيد غلاء الأسعار في المغرب ، سمع من صديق له أن الحياة في المغرب أرخص في التكاليف من السعودية لكن فوجئ بالعكس تماماً،سائق التاكسي اشترط قبل ان يحمله من المطار لوسط المدينة أن تكون أجرة التوصيل 300 درهم، حسم السائق محاولة عبد الرشيد تخفيض الأجرة، فرضخ له عبد الرشيد مكرها، لكن في الطريق بدا السائق ألين عريكة وتبادل الحديث مع عبد الرشيد بكل ود .

السائق : إيش حال مصر ؟

عبد الرشيد : الحمد لله ، بعض متاعب بسبب الاقتصاد. (يتبع)

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصدر رفيع المستوى: مشاورات مصرية مع كافة الأطراف لحسم الخلاف حول بعض نقاط الهدنة