في المسافة بين شارع فيصل للدقي لفت نظري مئات العبارات التي كتبها بسطاء من باعة جائلين على عربات الفول وسيارات الميكروباص وعربات النقل، معظم العبارات مكتوبة بلغة بسيطة وبإملاء خاطىء ، لكن أخطاء الإملاء تكشف عن أن الشعب المصري البسيط من باعة جائلين وسائقين هم النواة الصلبة الحقيقية للأمة الإسلامية، وأن بساطة هؤلاء وحتى عدم معرفتهم بالقواعد الأساسية للغة العربية وحتى الإملاء لم يمنع هؤلاء من التعبير عن مشاعر صادقة وإن عبروا عنها بلغة وإملاء غير صحيح مثل كتابة جمل بسيطة تظهر نقاوة ونبل من كتبها حتى وإن لم يكن يعرف كيف يكتب بصورة صحيحة، ومن بين هذه الجمل التي شهدتها عيني وأسعدت قلبي بالرغم من الأخطاء الإملائية الواضحة فيها عبارات : ( تحيا شوهداء الفلسطين ) و(غذة حرة )، فقد كتب إنسان بسيط كلمة شهداء كما ينطقها فخرجت منها في شكل ( شوهداء)، وفلسطين في شكل ( الفلسطين)، و(غزة) في شكل ( غذة )، ولم تقتصر هذه الأخطاء على الإملاء فقط، بل أن بعض هؤلاء البسطاء رفع علم السودان بدلا من علم فلسطين، وإن لفت نظري بائع توت متجول يضع صورة المسجد الأقصى ملونة على عربته التي يتحرك بيها بين الحواري، فيتجمع حول الأطفال فرحين بالتوت ليرسخ هذا البائع البسيط قضية المسجد الأقصى في نفوس وقلوب وعيون الأطفال الذين يتحلقون حوله فرحين بقراطيس التوت الملون، بل أن بائع خضروات فنان وعبقري كان يرتب حبات الطماطم الحمراء والباذنجان الأسود والأبيض والخيار الأخضر على شكل علم فلسطين .
برتقال غزة .. عشان غزة حلوة .. عودة إلى درس بائع البرتقال
وليس بعيدا عن جمل الأخطاء الإملائية التي تظهر حقيقة معدن الشعب البسيط وصدق موقفهم النضالي ما نتذكره من قصة بائع البرتقال المتعاطف مع غزة، البائع الذي وهب كل من يملكه من رزق اليوم من برتقال يبيعه لشاحنة المساعدات التي مرت به في طريقها إلى غزة،
وكان تصرفه كاشفا لمشاعر التضامن والتعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة من جانب البسطاء الذين أظهروا أنهم أكثر صدقا من المثقفين الزائفين من محترفي المواقف وتجار السياسة الذي يبيعون مواقفهم في نذالة وخسة لا يعرفها ولا يفهمها بائع البرتقال الذي لم يتردد في أن يمنح كل ما في يده من رزق اليوم لأطفال لن يراهم ولن يروه ولم يكن يعرف أن موقفه سوف يعرفه أحد أو يشعر به، وعندما سألوه عن سبب موقفه رد بجملة بسيطة لا تحمل تقعر محترفي السياسة وتجار المواقف جملة قد لا تكون من الجمل السياسية المصكوكة لكنها تحمل صدقا لا يعرفه السياسيون الأوغاد الذين يتاجرون ليس فقط بمواقفهم بل وبشرفهم السياسي والوطني إن ظنوا أنهم سوف يربحون من هذه المتاجرة.
علم غزة بألوان الخضروات
البسطاء الأميون كشفوا الوجه الكاذب للمثقفين الزائفين
لقد كشف البسطاء الأميون الذين لا يجيدون حتي قواعد الإملاء ولا يعرفون من العلم إلا كتابة المفردات والجمل والكلمات كما يسمعونها حقيقة المثقفين الزائفين، و ظاهرة المثقفين الزائفين هم الظاهرة الخطيرة التي لاتهدد المعرفة والثقافة فقط في مصر، بل حتى يهددون الوعى العام، وهؤلاء المثقفون الزائفون هم أشخاص يدّعون امتلاك المعرفة والثقافة لكنهم في الواقع يفتقرون إلى ذلك، لكن الأخطر من ذلك أن هؤلاء المثقفين الزائفين لا يعلنون عن مواقفهم إلا بعد مراجعة الخسائر والمكاسب، وقد ظهر في كل تاريخ مصر أن هؤلاء المثقفين الزائفين قد اتخذوا مواقف انتهازية وغير أخلاقية، وقد لا نملك في هذه المساحة الصغيرة أن نعدد حتى أمثلة على هذه المواقف الانتهازية غير الأخلاقية للمثقفين الزائفين، بداية من مواقفهم بعد هزيمة عرابي ووقوع مصر تحت الاحتلال، وحتى حرب غزة الجارية حاليا، فقد خرج مثقفون زائفون يهاجمون المقاومة فقط لمجرد أنهم اعتقدوا أو ظنوا أن هذا هو الخيار الرسمي ، وبعض هؤلاء الزائفين بل كبيرهم لم يستحي أن يخرج في برنامج عام ليقول أن المسجد الأقصى هو أكذوبة تاريخية وأن القدس العربية المحتلة ليست أكثر من مدينة يدور حولها خلاف عقاري وليس صراع عقيدي وتاريخي .
بائع البرتقال
سطحية المعرفة والتعصب خصائص المثقفين الزائفين
يتميز المثقفين الزائفين بخصائص تتكرر في كل المجتمعات، وأبرزها سطحية المعرفة، فلا يتمتع المثقفون الزائفيون بعمق في المعرفة، وإنما يكتفون بمعلومات سطحية يجمعونها من مصادر غير موثوقة. أما التعصب الأحمق لأراء حمقى مثلهم فهى سمة أخرى للمثقفين الزائفين، ف يميل المثقفون الزائفيون إلى التعصب لآرائهم وأفكارهم، وهم غير منفتحين على النقاش أو الرأي الآخر. كما يُلاحظ تناقض في تصريحات المثقفين الزائفين وسلوكياتهم، وهم غالباً ما يروجون لأفكار ونظريات لا يؤمنون بها إيمانًا حقيقيًا. أما السعي للشهرة فهو المرض العضال الذي يعاني منه هؤلاء المثقفون الزائفون، فلا يسعى المثقفون الزائفيون إلى نشر المعرفة والثقافة، وإنما يسعون إلى الشهرة والظهور، وهم غالباً ما يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم المضللة.
نشر الأفكار المضللة وإضعاف الثقة بالمجتمع مخاطر المثقفين الزائفين
يساهم المثقفون الزائفيون في نشر الأفكار المضللة والمعلومات الخاطئة، ما يُشكل خطرًا على المجتمع ويُعيق تقدمه. كما يُساهم وجود المثقفين الزائفين في إضعاف الثقة بالمثقفين الحقيقيين، ما يُشكل خطرًا على المعرفة والثقافة بشكل عام.وفي نفس الوقت يمكن للمثقفين الزائفين التأثير على الرأي العام ونشر أفكارهم المتطرفة والمتخلفة، ما يُشكل خطرًا على الاستقرار الاجتماعي.ولذلك يجب نشر التثقيف والوعي بين أفراد المجتمع لمساعدتهم على تمييز المثقفين الحقيقيين عن الزائفين.كما يجب دعم المثقفين الحقيقيين وتوفير المنصات لهم لنشر أفكارهم وإيصال صوتهم إلى المجتمع. لكن الأهم هو أنه يجب محاسبة المثقفين الزائفين على نشرهم للمعلومات المضللة وإساءتهم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.