ads

داليا عماد تكتب: افتحوا المعابر

الكاتبة داليا عماد
الكاتبة داليا عماد

مرّ أكثر من 60 يومًا على وقف إسرائيل الكامل للمساعدات الإنسانية عن قطاع غزة المنكوب، الذي يعيش تحت الحصار منذ قرابة عقدين، منذ اندلاع انتفاضته الأولى عام 2007. هذا الحصار تسبب في اختفاء الاحتياجات الأساسية من الغذاء والدواء من الأسواق، فتحولت المدينة إلى أطلال يملؤها الموت.

الوضع الكارثي لم يترك للطواقم الطبية أي خيارات؛ فقد نفدت الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، وأصبحت حياة المرضى وكبار السن والأطفال والرضع في مهب الريح.

أمام هذه الظروف المأساوية، وجدت الفرق الطبية نفسها عاجزة عن إنقاذ الأرواح التي تُزهق في كل لحظة، دون أدنى وسيلة للمحاولة أو حتى المسكنات.

في المقابل، تُصر إسرائيل على أن الحصار لن يُرفع إلا بالإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، وتخلي الأخيرة عن سلاحها، معتبرة أن هذا الحصار "قانوني" ولن ينتهي قريبًا.

أما حماس، فمتمسكة بخيار المقاومة حتى آخر رمق، وتربط الإفراج عن الأسرى بوقف إطلاق النار بشكل كامل، ورفع الحصار، والسماح بدخول الماء والغذاء.

الحصار ألحق أضرارًا جسيمة بكافة مناحي الحياة لأكثر من مليوني إنسان عالقين داخل القطاع، لا يجدون أدنى مقومات الحياة. رائحة الموت أصبحت هي السائدة، تغلف الشوارع والمستشفيات والملاجئ.

الدعم الإنساني لسكان غزة على وشك الانهيار التام، في ظل شلل كامل في الاستجابة الدولية، أمام هذا الحصار الوحشي، الذي يقف أمامه المجتمع الدولي عاجزًا عن فرض أبسط حقوق الحماية للمدنيين العزّل.

وقد نشر صحفيون محليون ونشطاء فلسطينيون مؤخرًا مقاطع فيديو وصورًا لأطفال يعانون من نحافة شديدة، في مشاهد مؤلمة توثّق عمق الكارثة.

هذا الوضع يُلقي بمسؤولية إنسانية وأخلاقية على مصر، التي كانت دومًا داعمة للأشقاء، وعلى الدول العربية التي عليها أن تتحرك بجدية، وتمارس ضغوطًا حقيقية على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر وإنقاذ الأرواح، بدلًا من الاكتفاء بخطابات الشجب والتنديد التي لم تُجدِ نفعًا.

فعلى الجانب المصري، تقف مئات الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء في انتظار التصريح بعبور المعبر لتقديم الإغاثة العاجلة لأهالي غزة.

ومن "أهل مصر" نوجّه نداءً للمجتمع الدولي: اضغطوا على إسرائيل لفتح المعابر، حتى تعود الحياة إلى أهل غزة، أبطال المقاومة على مر العصور. فالتاريخ لا يُمحى، والاحتلال لا يدوم، وأصحاب الأرض دومًا منصورون، مهما طال الزمان.

صوت الحق، وإن خفت، يبقى زلزالًا يهزّ أعماق الوجود، ويخرج من رحم الأرض من يعيد لها الحياة. فهم – أهل غزة – قادرون على بث الحياة في شعوب تعوّدت الهوان، وقادرون على تحدي الضمائر الخربة، التي وافقت على تصريح إجرامي أدلى به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حين قال: "سكان غزة يتضورون جوعًا وسنمنحهم بعض الطعام"، وكأنه يتحدث عن قطيع، لا عن بشر؛ وكأنه يمنّ بالفتات على شعب محاصر، يُباد ببطء أمام مرأى العالم.

هذا التصريح لا ينطوي فقط على استخفاف سافر بالمعاناة الإنسانية، بل يكشف عن عقلية استعمارية متغطرسة، ترى في الجوع وسيلة للتركيع والإخضاع.

أن يُختصر مصير أكثر من مليوني إنسان، نصفهم من الأطفال، بجملة باردة كهذه، لهو سقوط أخلاقي وإنساني لا يغتفر.

فسلامًا ودعمًا لأهل غزة من كل مصري وعربي، ولا عزاء لأولاد........

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً