ads
ads

ماجي قطامش تكتب: “لماذا تفككت الأسرة المصرية؟ سؤال أخطر من مجرد أرقام… كارثة ارتفاع نسب الطلاق”

ماجي قطامش
ماجي قطامش

لم تعد نسب الطلاق مجرد أرقام تُعلن في نهاية كل عام، بل أصبحت مرآة صادمة تعكس حجم التغيرات الاجتماعية والأخلاقية والسلوكية التي أصابت المجتمع المصري خلال العقدين الأخيرين. ارتفاعات غير مسبوقة، وحالات انفصال صامتة داخل المنزل الواحد، وتشوهات نفسية تتوارثها الأجيال… وكل ذلك يدفعنا إلى إعادة طرح السؤال الأهم:

لماذا وصلنا إلى هنا؟ ولماذا لم تكن هذه الظواهر موجودة بهذا الحجم في الماضي؟

المتابع للمشهد الاجتماعي يدرك أننا نواجه أزمة متعددة الجوانب، تتداخل فيها القوانين، والاقتصاد، والأخلاق، والتكنولوجيا، والتربية، والمخدرات، والإعلام، وانهيار منظومة القيم.

أولاً: أسباب الانهيار الأسري في المجتمع المصري

1. اختلال المنظومة القانونية للأسرة

يشير كثير من الآباء إلى أن القوانين الحالية خلقت حالة من عدم التوازن بين الرجل والمرأة، خاصة في:

• حضانة الأطفال

• الولاية التعليمية

• النفقة

• شقة الزوجية

• سهولة إجراءات الخلع

أصبح الرجل في أحيان كثيرة يقف أمام عشرات الدعاوى، بينما لا يمتلك سوى دعوى “الرؤية”، التي لا تُعاقب الأم في كثير من الأحيان عند عدم تنفيذها.

غياب التوازن القانوني ولّد شعوراً بالظلم، وأسهم في تصاعد الخلافات بدلاً من حلّها.

2. الضغوط الاقتصادية

غلاء الأسعار، وانشغال الأب بعدد ساعات عمل مرهقة لتأمين الاحتياجات الأساسية، جعل الأسرة بلا “وقت دافئ”.

البيت أصبح مكان نوم فقط، وفقد دوره كمحضن للمودة والسكينة.

ومع غياب الوقت، يغيب الحوار… ومع غياب الحوار، ينهار الزواج.

3. الإدمان وانتشار السلوكيات المنحرفة

انتشار المخدرات بين الشباب – وأحياناً الأطفال – أصبح كارثة تهدد الأمن الأسري.

معظم جرائم القتل الأسري وحالات الطلاق العنيف مرتبطة بمدمنين.

الإدمان يسرق الأخلاق، والإحساس، والضمير… ويخلق بيئة خصبة للانهيار.

4. خلل التربية وتجاهل الصحة النفسية

جيل كامل نشأ داخل أسر مشوهة، فأنجب بدوره أزواجاً وزوجات يحملون:

• صدمات طفولة

• اضطرابات شخصية

• عجزاً عن الاحتواء والتفاهم

الأمراض النفسية غير المعالجة تتحول في الزواج إلى قنابل موقوتة.

والأخطر… أنها تنتقل للأبناء، فتصبح الأجيال الجديدة أكثر هشاشة.

5. تأثير السوشيال ميديا وثقافة المقارنات

لم يعد أحد راضياً بحياته.

الصور اللامعة المزيفة خلقت شعوراً دائماً بالنقص لدى كلا الطرفين:

• الزوجة تقارن حياتها بحياة غيرها

• الزوج يقارن زوجته بما يراه على الشاشات

فقدنا الرضا، وفقدان الرضا يفقد العلاقة استقرارها.

6. تغير مفهوم الزواج نفسه

في الماضي كان الزواج سكينة ورحمة.

اليوم أصبح في كثير من الحالات:

• مشروعاً مادياً

• وسيلة للترقي الاجتماعي

• تجربة قابلة للإلغاء عند أول أزمة

لم تعد فكرة “نبني معاً” بنفس القوة، بل أصبحت “أستحق الأفضل فوراً”.

7. غياب الثقافة الجنسية الصحيحة

الكثير من حالات الطلاق تحدث بسبب:

• عدم توافق جنسي

• جهل بالاحتياجات الحقيقية للطرف الآخر

• ميول مختلفة تظهر بعد الزواج

• خجل يمنع المصارحة

كل ذلك نتيجة غياب التوعية قبل الزواج، خاصة في حالات الزواج التقليدي (الصالونات).

8. الانفصال العاطفي داخل البيت الواحد

هناك زيجات تستمر شكلياً… لكن المشاعر ماتت.

انعدام الحوار، وانفصال غرف النوم، وتدخلات الخارج، وأحياناً “انحلال سلوكي” داخل نفس المنزل… كله يؤدي لانهيار صامت.

ثانياً: مقارنة بين العلاقات الزوجية قديماً وفي الإسلام… واليوم

في الإسلام:

• الزواج مودة ورحمة وسكينة.

• الرجل مسؤول عن الإنفاق، والمرأة مسؤولة عن الاستقرار الداخلي.

• الخلاف يُحل بالحكمة، وبحضور العائلة، وبالتشاور.

• الطلاق آخر الحلول وليس أولها.

• لا مقارنات، ولا استعراض، ولا ضغوط مادية غير واقعية.

• الأخلاق أساس، والاحترام أساس، والستر قيمة.

أما اليوم:

• ضغط اقتصادي هائل.

• سوشيال ميديا تصنع نماذج وهمية للحياة المثالية.

• فقدان البوصلة الأخلاقية.

• قوانين لا تحقق التوازن المطلوب.

• تربية نفسية ضعيفة.

• مجتمع مرهق مادياً ونفسياً وسلوكياً.

السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا:

لماذا كانت العلاقات في الماضي أكثر ثباتاً رغم ضيق المعيشة؟

ولماذا تنهار اليوم رغم اتساع الإمكانيات؟

الإجابة واضحة:

لأن الماضي كان القيم فيه أعلى من الاحتياجات…

واليوم الاحتياجات أعلى من القيم.

ومهما تعددت الأسباب، سيظل الخلاف قائماً طالما استمر الصراع بين الرجل والمرأة على من يتحمل اللوم. هذه الحالة من تبادل الاتهامات جعلت كل طرف ينكر مسؤوليته الحقيقية عن استقرار البيت، بينما الحقيقة واضحة: المسؤولية تبدأ دائماً من الرجل السوي الذي يدير بيته بالحكمة، ثم يأتي رد الفعل من المرأة السوية التي تُكمل هذه الدائرة.

فالمرأة في الإسلام كانت مكرّمة، والرجل صاحب القوامة التي تقوم على الرحمة والعدل لا السيطرة. وكان الرجل يُعطي المرأة حقها قبل أن يطلب طاعتها، ويُقنعها بحكمته قبل أن ينتظر منها الامتثال. وحين يغيب هذا التوازن المتبادل، ينهار البناء من أساسه، لأن الأسرة لا تُدار بالحقوق وحدها وإنما بالمودة والاحترام والقيادة الواعية التي تجمع ولا تفرق.

ما الحل؟

• إعلان نسب الطلاق سنوياً بشفافية

• تعديل قانون الأسرة بما يحقق التوازن بين الطرفين

• حملات توعية عن الزواج الحقيقي، وليس الزواج السوشيال ميديا

• برامج قوية لمكافحة الإدمان

• دعم الصحة النفسية

• إعادة إحياء القيم الأخلاقية

• تعليم الأزواج ثقافة الحوار والخصوصية والمسؤولية

التغيير يبدأ حين نعترف أن المشكلة ليست في “الظروف فقط”،

بل في “الإنسان” نفسه: أخلاقه، ووعيه، وطريقة تربيته، ونظرته للحياة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بدء إعلان نتيجة 19 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات النواب.. (بث مباشر)