تعاني ليبيا من الحروب منذ 2011، وكانت قبلها عرضة لحصار دولي طويل في الثمانينات والتسعينات، وتحتاج لإعادة إعمار واسعة، خاصة أنها بلد مصدر للنفط والغاز، وتمتلك احتياطات هامة بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى مصانع للحديد والصلب وأيضاً للإسمنت، بالإضافة إلى مناجم خام الحديد والجبس ورمال السيليكوم، ولعل هذا ما يجعلها مطمع لكثير من الغزاة على رأسهم الأتراك، والارهابيين لحدودها الغربية مع مصر، فما قصة ثروات ليبيا الضائعة؟ وكيف يستغلها الإرهابيين؟
منجم ثروات ليبيا
ليبيا ليست مجرد صحراء جنوب البحر المتوسط، لا تنتج سوى النفط وقليل من الغاز كما يعتقد البعض، بل تملك ثروات معدنية هامة، لكنها في أغلبها غير مستغلة، على غرار الذهب واليورانيوم والحديد الخام وغيرها من المعادن، لذلك كانت منذ القدم محل أطماع دولية.
كما أنها وفقا لصحيفة الديري بيست تمتلك ساحلاً طويلاً مطلاً على البحر الأبيض المتوسط يبلغ 1770 كلم، ويوفر لها ثروة سمكية هامة لم تستغل بالشكل المطلوب، خاصة على مستوى خليج سرت، والبحر بالنسبة لليبيين ليس فقط للاصطياف وصيد السمك، بل هو مصدر للثروة النفطية والغازية، حيث كانوا من أوائل الشعوب المتوسطية التي اكتشفت النفط والغاز بكميات كبيرة، على غرار حقل البوري النفطي الذي اكتُشف في 1976، ويعد الأكبر من نوعه في البحر المتوسط، كما أن البلاد تحتوي على احتياطات منجمية هامة خاصة من الجبس والحديد، اللذين يدخلان في تصنيع عدة مواد متعلقة بالبناء، على غرار الحديد الصلب، والإسمنت والزجاج، والسيراميك.
الايد العاملة واستخراج الثروات تحتاج للامن
اليد العاملة المتوفرة سواء من مصر شرقاً، أو تونس غرباً، أو من الدول الإفريقية، خاصة ب سيطرة حكومة الوفاق الوطني بقية فايز السراج الداعمة للإرهابيين والتي تعمل لحساب تركيا مسيطرة على عدة مناطق في طرابلس العاصمة مما أدى إلى خطف العمالة المصرية السهر الماضي ومحاولة تعذيبهم والتنكيل بهم إلا أن السيادة المصرية استطاعت جلب أبناءها للوطن، ويمكن لليبيا استقطاب شركات المقاولات الدولية سواء من أوروبا أو آسيا ومن الدول العربية أيضاً، شريطة توفر حد أدنى من الأمن، كما أن تطوير قطاع المناجم يحتاج إلى خبرات أجنبية ورأس مال، وذلك لتوفير المواد الأولية للصناعات التحويلية، التي تملك فيها ليبيا تجربة لا بأس بها، ولكنها تحتاج تطويرها أكثر.
النفط والغاز الصخري
بحسب وكالة الطاقة الأمريكية، فإن احتياطات النفط الصخري الليبي رفعت احتياطات البلاد من 48 مليار برميل إلى 74 مليار برميل، ما يجعلها الأولى عربياً من حيث احتياطات النفط الصخري والخامسة عالمياً، بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين.
واللافت هنا هو أن النفط الصخري يوجد شمال غربي ليبيا وفي جنوبها الغربي، ما يعني أن مستقبل النفط الليبي سينتقل من إقليم برقة (شمال) إلى إقليمي طرابلس (غرب) وفزان (جنوب غرب)، أما الغاز الصخري فارتفعت الاحتياطات الليبية إلى ثلاثة أضعاف، من 55 تريليون قدم مكعب إلى 177 تريليون قدم مكعب، وذلك بإضافة 122 تريليون قدم مكعب من الاحتياطي القابل للاستخراج من الصخور.
وبذلك تحتل ليبيا المرتبة الثانية إفريقيا (8 تريليونات متر مكعب) بعد جنوب إفريقيا (13 تريليون متر مكعب) وقبل الجزائر (6.5 تريليون متر مكعب)، لكن استغلال النفط والغاز الصخري في ليبيا يحتاج إلى تقنيات متطورة، ناهيك عن خطورته على البيئة، وإمكانية تدمير الأحواض المائية الجوفية الضخمة في الصحراء، والتي تغذي مدن الشمال الأكثر كثافة عبر النهر الصناعي.
احتياطات هامة من الحديد
وأيضاً تمتلك ليبيا احتياطات ضخمة من خام الحديد، تفوق حتى احتياطات موريتانيا، إذ تصل إلى 3.5 مليار طن مع نسبة الحديد بين مكونات الصخور تصل إلى 35-55%، بحسب المجلس الليبي للنفط والغاز، كما تم اكتشاف مناجم الحديد بالجنوب الغربي لليبيا، خاصة في منطقة تاروت ببراك الشاطئ شمال مدينة سبها (750 كلم جنوب طرابلس).
وتنتج الشركة الليبية للحديد والصلب مليوناً و750 طن سنوياً من الحديد والصلب، بحسب موقعها الإلكتروني، وتمكن مصنع الشركة بمصراتة من تصدير كميات منه إلى الخارج.
اليورانيوم سر اهتمام فرنسا
وتتحدث عدة تقارير عن تواجد مناجم اليورانيوم بالجنوب الغربي لليبيا في منطقة العوينات الغربية بالقرب من مدينة غات، الحدودية مع الجزائر، بحسب المجلس الليبي للنفط والغاز.
وهذا المثلث الحدودي بين ليبيا والجزائر والنيجر معروف بتواجد كميات من اليورانيوم به، لكنه غير مستغل إلا في النيجر، نظراً لأن الشركة النووية الفرنسية 'أريفا' تحتكر استغلال هذا المنجم، وعبر خام اليورانيوم يتم استخراج الطاقة الكهربائية في فرنسا بعد تخصيبه في مفاعلات نووية، وهذا أحد الأسباب التي تجعل فرنسا تهتم بإقليم فزان، الذي يوجد به اليورانيوم، ناهيك عن النفط والغاز.
أهمية مثلت العوينات لمصر
توجد شواهد من اليورانيوم في منطقة العوينات الشرقية، قرب مثلث الحدود الليبية مع مصر والسودان، وأيضاً تتواجد في جبال تيبستي من الجانب الليبي على الحدود مع تشاد شواهد للذهب والمنجنيز.
لكن ذهب ليبيا في تيبستي عرضة للنهب من الباحثين الأفارقة عن المعدن الأصفر، والذين يجوبون الصحراء الكبرى من السودان شرقاً إلى موريتانيا غرباً مروراً بتشاد وليبيا والنيجر والجزائر للتنقيب عن الذهب بوسائل بسيطة.
وفي نفس المنطقة، يوجد بها ما يسمى بالأتربة النادرة أو العناصر النادرة، والتي تدخل في صناعة التقنية النووية والإلكترونية المتطورة، مثل الهواتف الذكية ومكبرات الصوت والخلايا الضوئية المستخدمة في صناعة الألواح الشمسية.
وتحتكر الصين إنتاج 90% من العناصر النادرة المشكلة من 17 عنصراً كيميائياً، وتعاني الولايات المتحدة من تبعية قاتلة لبكين في هذا المجال، حيث تستورد منها 80% من حاجاتها، لذلك تبحث واشنطن عن بدائل، وقد تكون ليبيا مستقبلاً إحدى هذه البدائل.
مشروع الطاقة التي تستغله تركيا
من مشروعات الطاقة إلى أحاديث إعادة الأعمار، وصولا إلى الاستحواذ على قطاع الكهرباء لا يحتاج التغلغل التركي الممنهج بالاقتصاد الليبي إلى براهين كثيرة، فالخطط والأطماع تفضح نفسها، والأذرع الممتدة إلى خيرات البلد العربي تمتد فوق الرمال وصولا إلى غايتها المنشودة.
في سبيل تحقيق هذه الأطماع، بدأت تركيا باتخاذ خطوات فعلية لترسيخ نفوذها في الغرب الليبي، ومد أذرعها داخل مفاصل طرابلس وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
أنقرة كشفت أن شركة تركية تستعد لإرسال فريق فني إلى طرابلس، من أجل تزويد العاصمة وغيرها من المناطق بالطاقة الكهربائية، عبر أسطول من محطات توليد كهرباء عائمة، فيما ينتظر أن تكون العائدات بالمليارات.
الشركة قالت أيضا إنه سيجري تقييم البنية التحتية حتى تتمكن من تقديم مقترح متكامل حول 'الصفقة الجديدة'، كاشفة عن نوايها باستمرار ببيع الكهرباء لطرابلس، حتى إن تم إصلاح محطات الكهرباء المحلية.
خطوات تتضح معها الأطماع التركية في ثروات الليبيين يوما بعد يوم، من خلال إغراق ليبيا بفوضى الإرهاب والسلاح لإطالة أمد الأزمة، وتحقيق أجندتها في النهاية.
لكن المفارقة أن تلك الشركة التي ستبيع الكهرباء إلى الميليشيات، قالت إن محطاتها ستستخدم الوقود والغاز الليبيين حتى يتثنى لها بيع الكهرباء إلى طرابلس.