في خضم الأزمات التي يعيشها الشرق الأوسط في ليبيا وسوريا وما إلى ذلك بالإضافة إلى مشكلات سد النهضة الإثيوبي وتأثير كل هذا على مصر تغيب عن العالم قضية جيبوتي وأهميتها الاستراتيجية للكثير من الدول، وقبل الخوض في تلك الأهمية يجب معرفة ماهي جيبوتي ومن هم اللاعبين الأساسين بها و ماهي أهميتها لمصر وأثيوبيا؟
اقرأ أيضاً: إثيوبيا تعلن بدء ملء سد النهضة.. هل تلاعبت أديس أبابا بالألفاظ أم أنها نفذت تهديداتها؟
ماهي دولة جيبوتي؟
أكثر الممرات البحرية ازدحاماً في العالم، وهي بمثابة مركز للتزود بالوقود ونقل الشحنات، والميناء البحري الرئيسي للتجارة الإثيوبية ، ويسهلها قطار من القرن التاسع عشر يسير من جيبوتي إلى دير دواه وأديس أبابا في إثيوبيا الآن ، تم استبداله بقطار صيني في عام 2018.
ونظرًا للأهمية الاستراتيجية ، أراد العرب أيضًا ربط جيبوتي بشبه الجزيرة العربية من خلال بناء جسر قرون بطول 28.5 كم من جيبوتي إلى عدن،
وتقول صحيفة madrascourier أن امريكا تدفع 63 مليون دولار سنويًا لاستئجار معسكر ليمونير، لإيواء المؤتمرات والقوات الخاصة وكذلك الطائرات بدون طيار،كما تدفع فرنسا واليابان حوالي 30 مليون دولار سنويًا لوجود قواتهما في جيبوتي،أما الصين فتدفع 20 مليون دولار سنويا، ويذكر أن مبالغ الإيجار تشكل أكثر من 5 % من الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي.
خريطة النفوذ في جيبوتي
الأهمية الاستراتيجي لجيبوتي
فضلت جيبوتي أن تكون مجموعة من القواعد العسكرية والاقتصادية ، ولكنها لا تنضم إلى الحروب على عتباتها، كما أنها أبعدت عن الأزمة الصومالية بعناية، وفي سياق متصل، تستحوذ إثيوبيا على حصة في ميناء جيبوتي ، منفذها الرئيسي للتجارة، بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الدولتين، وتسعى جيبوتي لجذب المستثمرين إلى مينائها منذ أنهت امتياز موانى دبي العالمية ، المملوكة لحكومة دبي، لإدارة الميناء قبل شهرين، مشيرة إلى الإخفاق في حل نزاع تعاقدي الذى استمر ست سنوات.
وللميناء أهمية كبيرة لجيبوتي، وهي دولة صغيرة تقع على البحر الأحمر ولموقعها قيمة استراتيجية لدول مثل الولايات المتحدة والصين واليابان والمستعمر السابق فرنسا، ولجميعها قواعد عسكرية هناك،ولم يتضح بعد حجم الحصة التي تسعى أديس أبابا للاستحواذ عليها.
وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، إنه تم التوصل إلى الاتفاق في بداية الأسبوع، ويتضمن التطوير المشترك للمنشآت،في المقابل، سيكون لجيبوتي خيار الاستحواذ على حصص في شركات إثيوبية مملوكة للدولة.
وتقوم جيبوتي بإعطاء 95 % من إجمالي حجم التجارة المتجهة إلى إثيوبيا التي لا يوجد لها منافذ بحرية وتعد ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان وقوة اقتصادية في شرق القارة.
يأتي الاتفاف المبرم مع جيبوتي في أعقاب استحواذ إثيوبيا على حصة قدرها 19% في ميناء بربرة بمنطقة أرض الصومال الانفصالية، وتملك موانى دبي العالمية 51 بالمئة هناك، بينما تحوز الحكومة النسبة الباقية.
ومن بين الشركات الحكومية الإثيوبية التي ربما تتطلع جيبوتي للاستثمار فيها في أعقاب الاتفاق الثنائي، شركة الكهرباء الإثيوبية وإثيو تليكوم، وهي أحد الاحتكارات القليلة المتبقية في قطاع الاتصالات بإفريقيا.
أهمية جيبوتي في مصر بعد أزمة سد النهضة
تولي القاهرة أهمية جيوسياسية خاصة للدول المطلة على البحر الأحمر، خاصة مع ما تشهده بعض هذه الدول من الوقت للآخر من عدم استقرار داخلى ناتج من نزاعات عرقية وانتشار القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها، وتنامي الإرهاب بشكل مطرد بها، هذا إلى جانب النزاعات الحدودية، كما أن هذه الدول تقع على ممر مائي هام للدولة المصرية، وهو مضيق باب المندب وتقع في الممر المائي الرابط بين البحر الهندي والبحر الأحمر وصولا لقناة السويس، والذي تسبب في زيادة المطامع الخارجية والتدخلات الدولية لتحقيق مصالحهم في المنطقة، مما تطلب جهوداً مصرية حثيثة تجاه دول القرن الإفريقي حتى لا تهدد هذه التحديات ممر السفن لقناة السويس، إلى جانب جيرتها مع دول حوض النيل وهو ما أظهر الحاجة لتناول العلاقات المصرية ودول القرن الإفريقي في ضوء الاهمية الجيوسياسية، والتهديدات الخارجية المتفاعلة مع هذه الدول.
أسفرت اللقاءات الثنائية بين الدولة المصرية وجيبوتي في دراسة مصر إقامة منطقة حرة لوجيستية مصرية في جيبوتي؛ لإنعاش اقتصاديات دول القرن الأفريقي، وجذب الاستثمارات المصرية لجيبوتي، فضلا عن زيادة التبادل التجاري بين دول المنطقة، وأشارت بعض الصحف الإقليمية عن توفير السلطات الجيبوتية قطعة أرض تبلغ مساحتها مليون متر مربع تمهيداً لإقامة منطقة لوجستية مصرية، تمكن القاهرة تصدير المنتج المصري للعديد من الدول الأفريقية.