الإمارات تطلق "مسبار الأمل".. هل سيتحقق الحلم العربي بالسفر إلى المريخ؟

كتب : سها صلاح

أطلقت الإمارات مسبارًا في أول مهمة عربية إلى المريخ، وبعد إخفاق محاولتين سابقتين في الأسبوع الماضي بسبب الطقس،أقلع 'مسبار الأمل' في الساعة 06:58 بتوقيت اليابان، وتهدف المهمة إلى دراسة الطقس والمناخ في الكوكب الأحمر 'المريخ'،ومن المفترض أن تشهد رحلة المسبار التي تبلغ 500 مليون كيلومتر وصول الروبوتات الآلية في فبراير 2021 - في وقت الذكرى الخمسين لإنشاء دولة الإمارات،ومهمة مسبار الأمل هي واحدة من ثلاث بعثات تنطلق إلى المريخ هذا الشهر، وتستعد كل من امريكا والصين لإطلاق مهمتين مماثلتين.

ومع إطلاق مسبار الأمل الإماراتي نحو كوكب المريخ، يبدأ أول تحد في المهمة، وهو نجاح 'مهلة الإطلاق' التي تم اختيار شهر يوليو موعدا لها.

ويعود هذا الأمر إلى أن الأرض أسرع في دورتها حول الشمس من المريخ، ولهذا فهي تلحق به أحياناً وتسبقه أحياناً أخرى أثناء دوران كل منهما في فلكه، ولكنهما يكونان في أقصى نقطة تقارب لهما مرة واحدة فقط كل سنتين، وهذا ما سيحدث في يوليوالجاري،وبنجاح مهمة الإطلاق سيكون المسبار على موعد مع تحد آخر في بداية عام 2021 مع اقترابه كثيراً من كوكب المريخ.

اقرأ أيضاً: مركز محمد بن راشد للفضاء يتلقى أول إشارة من "مسبار الأمل" بعد انطلاقه

لماذا تذهب الإمارات إلى المريخ؟

تتمتع الإمارات بخبرة محدودة في تصميم وتصنيع المركبات الفضائية، ومع ذلك فهي تحاول شيئاً نجحت امريكا وروسيا وأوروبا والهند فقط في القيام به.

لكن ذلك يعبر عن طموح الإماراتيين بوجوب التجرؤ على مواجهة هذا التحدي، وأنتج مهندسوها، بإرشاد من خبراء أمريكيين، مسباراً متطوراً في ست سنوات فقط - وعندما يصل هذا القمر الصناعي إلى المريخ، من المتوقع أن يقدم علماً جديداً، وأن يكشف عن رؤى جديدة حول عمل الغلاف الجوي للكوكب.

وعلى وجه الخصوص، يعتقد العلماء أنه يمكن أن يزيد من فهمنا لكيف فقد المريخ الكثير من هوائه ومعه الكثير من مياهه.

يعتبر مسبار الأمل إلى حد كبير وسيلة للإلهام - وهو شيء سيجذب المزيد من الشباب في الإمارات وفي المنطقة العربية للإقبال على العلوم في مراحل التعليم المختلفة.

والقمر الصناعي هو واحد من مشاريع عدة تقول حكومة الإمارات إنها تشير إلى نيتها في تقليل اعتماد الدولة على النفط والغاز والتوجه نحو مستقبل قائم على اقتصاد المعرفة.

كيف تمكنت الإمارات من القيام بذلك؟

قالت حكومة الإمارات لفريق المشروع إنها لا تستطيع شراء المركبة الفضائية من شركة أجنبية كبيرة، فكان عليها أن تبني بنفسها القمر الصناعي.

وهذا يعني الدخول في شراكة مع الجامعات الأمريكية التي لديها الخبرة اللازمة، مسبار 'الأمل' والطموح يدفعان الإمارات إلى كوكب المريخ

عمل المهندسون والعلماء الإماراتيون والأمريكيون جنباً إلى جنب لتصميم وبناء أنظمة المركبات الفضائية والأدوات الثلاث الموجودة على متن السفينة التي ستقوم بدراسة الكوكب.

وفي حين جرى قسم كبير من تصنيع القمر الصناعي في 'مختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء' في جامعة كولورادو في بولدر، أنجز أيضاً عملٌ كبير في مركز محمد بن راشد للفضاء.

اقرأ أيضاً: تأجيل إطلاق "مسبار الأمل" للمريخ بسبب سوء الأحوال الجوية

ما هو العلم الذي سيمارسه مسبار الأمل على المريخ؟

لم يكن الإماراتيون يريدون ممارسة العلم على طريقة 'أنا ايضا'، فلم يرغبوا في الحضور إلى الكوكب الأحمر وتكرار القياسات التي قام بها الآخرون سابقاً.

لذلك ذهبوا إلى لجنة استشارية تابعة لوكالة الفضاء الأمريكية 'ناسا' تسمى 'مجموعة تحليل برنامج استكشاف كوكب المريخ، وسألوا عن البحث الذي يمكن أن يضيفه مسبار الإمارات إلى الوضع الحالي للمعرفة،لقد صاغت توصيات المجموعة أهداف مسبار الأمل.

في سطر واحد، سيقوم القمر الاصطناعي الإماراتي بدراسة كيفية تحرك الطاقة عبر الغلاف الجوي - من الأسفل إلى الأعلى، في جميع أوقات اليوم، وخلال جميع مواسم السنة.

وسوف يتتبع سماتٍ مثل الغبار العلوي على المريخ والذي يؤثر بشكل كبير على درجة حرارة الغلاف الجوي،وسينظر أيضاً في ما يجري مع سلوك الذرات المحايدة من الهيدروجين والأوكسجين في أعلى الغلاف الجوي.

اقرأ أيضاً: مسبار الأمل.. الإمارات تعلن موعدا جديدا لرحلة المريخ

هناك شك في أن هذه الذرات تلعب دوراً مهماً في التآكل المستمر لجو المريخ بسبب الجسيمات النشطة التي تتدفق بعيداً عن الشمس،ويصب ذلك في مصلحة معرفة سبب افتقاد الكوكب الآن معظم المياه التي كان من الواضح أنه يمتلكها في وقت مبكر من تاريخه.

ولتجميع ملاحظاته، سيأخذ مسبار الأمل مداراً شبه استوائي يقف بعيداً عن الكوكب على مسافة 22000 إلى 44000 كيلومتر.

ماهو مسبار الأمل؟

جرت عملية إطلاق المسبار الذي يزن 1350 كيلوغراما، على متن الصاروخ الياباني 'إتش 2-إيه' من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان، في رحلة تستغرق 7 أشهر، يقطع خلالها المسافة من الأرض إلى المريخ والتي تقدر بحوالي 493.5 مليون كيلومتر، بحيث يدخل المسبار مداره المحدد حول الكوكب الأحمر في فبراير 2021.

وترتكز مهمة أول مسبار عربي إلى المريخ، أو إلى أي كوكب خارج الأرض، إلى دراسة مناخ الكوكب الأحمر بشكل مفصل على مدار اليوم والفصول، ليكون أول مرصد جوي للمريخ.

ومن المقرر أن يظل مسبار الأمل في مداره حول المريخ فترة عامين، أو 'سنة مريخية'، يدرس خلالها كل ما له علاقة بطقس وجو الكوكب الأحمر، مستعينا بثلاثة أجهزة علمية متطورة، هي المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، والمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، وكاميرا استكشاف رقمية عالية الدقة.

مسبار الأملمسبار الأمل

وصممت الأجهزة العلمية الثلاثة، خصيصا لإتمام هذه المهمة ودراسة الجوانب المختلفة للغلاف الجوي للمريخ، فالمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، سيقوم بدراسة الطبقة السفلى من غلاف المريخ بواسطة حزم من الأشعة تحت الحمراء، كما سيقوم بقياس انتشار الغبار والسحب الجليدية وبخار الماء وأنماط درجة الحرارة.

ويمكننا من خلال هذا المقياس معرفة الروابط بين الطبقة السفلى والعليا من الغلاف الجوي للمريخ بالتزامن مع المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية وكاميرا الاستكشاف الرقمية.

من ناحيتها، ستقوم كاميرا الاستكشاف EXI بدراسة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ بشكل مرئي، حيث ستلتقط صورا عالية الدقة للمريخ، وقياس العمق البصري للماء المتجمد في الغلاف الجوي، وقياس مدى وفرة الأوزون، ثم تقديم صور مرئية للمريخ ملتقطة عبر الغلاف الجوي.

ومن مهام المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS، تحديد مدى وفرة وتنوع أول أكسيد الكربون والأكسجين في الغلاف الحراري على نطاقات زمنية شبه موسمية، وحساب التركيب ثلاثي الأبعاد والنسب المتغيرة للأكسجين والهيدروجين في الغلاف الخارجي، وقياس نسب التغير في الغلاف الحراري.

ويتلخص هدف هذه المهمة في دراسة الغلاف الجوي للمريخ وأسباب تآكله، وسيتم توفير البيانات التي سيجمعها 'مسبار الأمل' للمراكز العلمية والبحثية في العالم، لدراسة أعمق لطبقات الغلاف الجوي للمريخ وأسباب فقدان غازي الهيدروجين والأوكسجين منها، ودراسة التغيّرات المناخية وعلاقتها بتآكل سطح المريخ الذي كان أحد أسباب اختفاء الماء السائل عنه.

أما أبرز الأهداف الوطنية/الاستراتيجية لـ'مسبار الأمل' فتتلخص في وصول المسبار إلى المريخ تزامنا مع احتفالات اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات، وتطوير قطاع العلوم والتكنولوجيا في الدولة، ورفع مستوى الكفاءات الوطنية في مجال علوم الفضاء، وزيادة إسهام الإمارات في الجهود العلمية الدولية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً