أصبحت موريتانيا أحد أقل بلدان أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط تأثراً بفيروس كورونا، حيث بدأت البلاد في تسجيل أولى حالات الإصابة في العاصمة في ثاني أيام شهر رمضان الماضي، وتجاوزت حالات الإصابة 6 الآف مصاب، وبلغت الوفيات 156 مريضاً، وهو عدد قليل نسبياً مقارنة ببقية دول أفريقيا خاصة الشمال، فيما ارتفعت حالات الشفاء فيه بشكل ملحوظ.
ولكن التأثر بدأ واضحا مع حلول أول أيام عيد الأضحى بسبب الأحوال الاقتصادية السيئة للدولة، ويمثل العيد بالنسبة للشعب الموريتاني فرصة للتكافل والتضامن بين أبناء الطبقات المختلفة، وتعد صلاة العيد أول وأهم الطقوس التي يشارك فيها الجميع في الساحات المفتوحة، وتوزع الهدايا من ملابس وأطعمة وأغراض للأطفال، على المحتاجين بعد الانتهاء من الصلاة مباشرة، لكن يبقى هذا العيد مختلفاً، إذ تضاعفت أعداد المحتاجين بسبب جائحة كورونا، ما أضر بعدة شرائح وطبقات لم تكن تتخيل يوماً أن تحتاج للمساعدة.
أضحية العيد في موريتانيا لها طابع خاص
تقول صحيفة 'ميدل ايست اي' أن أغلب أراضي موريتانيا صحراوية، ولا تزيد نسبة الأراضي الصالحة للزراعة فيه عن ١%، بحسب منظمة 'الفاو'، لكنها تعتمد بشكل كبير على تصدير فائض ثروتها الحيوانية.ويقع أكثر من ثلث سكان موريتانيا تحت خط الفقر برغم الكثافة السكانية المنخفضة للغاية والتي تبلغ 3.9 كم مربع لكل فرد.
وبحسب إحصاءات البنك الدولي في تقريره عن الفقر والتنمية في موريتانيا لعام 2019، بلغت نسبة الفقراء 33.2%، وليس من أرقام رسمية حتى اليوم ترصد أشكال الفقر التي اجتاحت البلاد بعد الوباء، لكن أبرزها كان ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة كبيرة، بما فيها اللحوم التي تعد أحد الثروات الأساسية في البلاد.
ووفقا للصحيفة فإن الكثير من الشعب تم تخفيض راتبه بسبب جائحة كورونا، مما أسفر عن عدم شراءهم أضحية العيد.
عيد الأضحى في موريتانيا
وفي هذا السياق، قال مصطفي على للصحيفة: حرمنا من إدخال البهجة على أطفالنا بشراء ملابس العيد، بعد ارتفاع كبير في أسعار الملابس الجاهزة، والتي يأتي أغلبها من الصين، ولا أعلم هل هو بسبب جشع التجار أم أن الظروف الاقتصادية للبلاد حقاً متعثرة، وذلك ما سبب هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار'؟
لكن بعد إجراءات تخفيف الحظر، بدأ الأهالي في الخروج مع أطفالهم للتنزه،و تقول أستاذة الرياضيّات سكينة موسى: 'لديّ أربعة أطفال منهم توأمان، كان الضغط كبيراً لدى تواجدهم معاً في المنزل طوال الوقت، ولاحظت التغيرات النفسية التي طرأت عليهم، لكن ما باليد حيلة'.
وتؤكد أن : 'إعالة أربعة أطفال في تلك الظروف أمر سيء جداً، خاصةّ وأنّ والدهم متوفي وهو ما يشكل عبئاً مادياً كبيراً، في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، الذي يمنعني من شراء ملابس جديدة وإدخال البهجة على أطفالي، لكن تغلبت عليه بشراء بعض الأقمشة وحياكتها مع نساء العائلة ليفرح الأطفال'.
برغم الأزمة تبقى البهجة
برغم بداياتها الناجحة في ستينات القرن الماضي، أغلقت آخر صالات السينما في العاصمة نواكشوط أبوابها أمام الزوار عام 2014، والذين قلّ إقبالهم على قاعات العرض، لانصرافهم إلى العروض الذكية عبر منصات الإنترنت المختلفة، وعلى عكس بقية بلدان العالم العربي، التي تعتبر الأعياد الدينية، مواسم ارتياد المسارح ودور السينما برفقة عائلاتهم، يبقى الموريتانيون في المنزل، أمام شاشات الأجهزة الكمبيوتر ويفضلون الذهاب للتسوق أو لزيارات العائلة والاصدقاء.عيد الأضحى في موريتانيا
وتقول الصحيفة، إن الحركة في الأسواق في الأيام القليلة الماضية، عادت لطبيعتها، بل تشهد إقبالاً كبيراً بعد طول مكوث في المنازل، ولا أثر للكمامات إلا نادراً، رغم أن السلطات أوصت بها، لكننا تجاوزنا كورونا الذي سجل في موريتانيا حتى الآن 6249 حالة بينها 156 حالة وفاة.
ويعتبر: 'هذا العيد جاء في وقت مختلف جداً بالنسبة للموريتانيين؛ فقد صادف أجواء الخريف، موسم تساقط الأمطار، وفيه يتقاطر الموريتانيون نحو الداخل للاستمتاع بأجواء المطر في المنازل، ما يجعل الحركة ضعيفة نسبية في العاصمة خلال أيام العيد، خصوصاً أنّ المدارس متوقفة حتى مطلع شهر سبتمبر، وفي ظل إغلاق المطارات والحدود بسبب كورونا فالغالبية ستختار العيد في أجواء الداخل.