وصل الرئيس الفرنسي 'إيمانويل ماكرون' إلى العراق، اليوم الأربعاء، ليطلق مع الأمم المتحدة مبادرة لدعم 'سيادة' البلاد، وبينما يواجه العراق أزمات متعددة، يزورها ماكرون اليوم، وذلك في أول زيارة له لهذا البلد منذ انتخابه عام 2017، وبدت مشاهد الزيارة الثانية للرئيس الفرنسي أمس إلى لبنان بعد تفجيرات بيروت في 4 أغسطس والتي أعقبها زيارة أولى له في 6 أغسطس، أن 'ماكرون' حقق مراده في لبنان من خلال فرض شروطه لتشكيل حكومة جديدة مقابل الإصلاحات التي وعدت بها فرنسا منذ عدة سنوات، وأهمها الاستثمار في ميناء بيروت.
زيارة ماكرون لبلاد الأرز ثم زيارته إلى بلاد الرافدين طرحت العديد من الأسئلة أهمها (هل هل تعود فرنسا لاعبا جديدا في الشرق الأوسط ؟ ولماذا ركز ماكرون على مخاطبة الشعوب بشكل أكبر من القادة والسياسيين خاصة بعد زيارته 'جارة القمر' فيروز وزرع شجرة الأرز مع الأطفال لاكتساب وجه جديد له.
اقرأ أيضاً: بعد تصريحه "لقد عانى العراق كثيرا".. الرئيس الفرنسي يزور بغداد اليوم في أول زيارة رسمية
هل يحاول ماركون زرع قدم جديدة في الشرق الاوسط؟
قال مصدر في الحكومة العراقية لوكالة فرانس برس إن إيمانويل ماكرون سيلتقي في بغداد، برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، المعين في مايو ، ونظيره برهم صالح وقادة سياسيين آخرين، حيث ستركز المحادثات على 'السيادة' قائلة إن بغداد تسعى إلى طريقها بعيدا عن التوترات المتصاعدة بين حليفيها واشنطن وطهران.
ولقد وقع العراق بالفعل بين العاصمتين منذ سنوات، وهو موقف يزداد صعوبة منذ بداية عام 2018 لحملة 'الضغط الأقصى' من قبل الولايات المتحدة ضد إيران، ويجب أن تعكس رسالة رئيس الدولة الفرنسية ما قاله رئيس الدبلوماسية جان إيف لودريان ، الذي شدد خلال زيارة للعراق في يوليو الماضي ، على ضرورة أن 'تنأى بغداد بنفسها عن التوترات في جوارها '.
في يناير ، دعا إيمانويل ماكرون إلى ' وقف التصعيد' بعد مقتل الجنرال الإيراني القوي قاسم سليماني وملازمه العراقي في ضربة أمريكية بطائرة مسيرة في بغداد. وردت طهران بضربات ضد القوات الأمريكية في غرب العراق.
وتأتي الزيارة أيضًا في الوقت الذي أعاد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 21 أغسطس تأكيد رغبته في سحب القوات الأمريكية من العراق ، لكن دون تحديد جدول زمني،لا يزال هناك حوالي 5000 جندي ودبلوماسي أمريكي منتشرين هناك، وتتمتع إيران على الأراضي العراقية بدعم من الحشد الشعبي، وهو تحالف من القوات شبه العسكرية المندمج في الدولة ويطالب في البرلمان بطرد القوات الأمريكية.
على عكس معظم المسؤولين الأجانب الذين يزورون العراق ، لن يسافر إيمانويل ماكرون إلى أربيل ، عاصمة إقليم كردستان العراق ، ويأمل أن يلتقي بقادة أكراد في بغداد ، بحسب مصادر عراقية.
وعندما سئل في بيروت عن وجود جهاديين فرنسيين مفترضين مسجونين في العراق ، أكد إيمانويل ماكرون مجدداً أن أولئك الذين 'يتخذون حرية الذهاب والقتال في المسارح الخارجية والمذنبين بارتكاب أعمال إرهابية في دولة ذات سيادة' مدعوون إلى 'يحاكم في هذه الدولة'، من بين 150 فرنسياً تم اعتقالهم لانتمائهم إلى تنظيم داعش، فإن جميعهم تقريباً محتجزون في معسكرات وسجون موجزة للأكراد في شمال شرق سوريا، ويحتجز 11 فرنسيا في العراق حيث حكم عليهم بالإعدام.
أزمة اقتصادية وسياسية وصحية على قائمة ماكرون
وفقاً لصحيفة ' لو جورنال دو مانشو' الفرنسية نقلاً عن مصدر دبلوماسي مطلع فرنسي، فإن فرنسا تريد 'إعادة تأكيد تضامنها' مع هذا البلد 'الذي يحتاج إلى دعم وتوازن في وقت صعب'. تواجه حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي بالفعل أزمة اقتصادية وسياسية حادة ، وأزمة صحية ، وصدام بين الولايات المتحدة وإيران ، منذ الإطاحة بسليماني.
واضافت أن الشتاء الماضي انعكس على التوترات بين السنة والشيعة على الأراضي العراقية ، وكذلك التدخلات المتكررة للجيش التركي داخل الحدود العراقية. الكثير من الأزمات التي من شأنها أن تسمح لداعش ، بحسب الأجهزة الفرنسية ، بـ 'الظهور' مرة أخرى مع تضاعف الهجمات وإعادة تنظيم أنشطته الإرهابية بشكل سري.
اقرأ ايضاً: ماكرون يتوجه لبيروت قبل تشكيل الحكومة المقبلة
وسيناقش إيمانويل ماكرون مع القادة العراقيين والأكراد سبل القتال بشكل أكثر فعالية ضد داعش ، وربما جدول زمني لإعادة انتشار فرقة العمل الفرنسية مونتسابيرت المسؤولة عن تدريب القوات الخاصة العراقية،كما ينبغي أن تسمح الزيارة بإحراز تقدم في تحديد مشاريع 'هيكلة' في مجالات الطاقة والمياه والنقل ، مع توفير فرنسا مليار يورو.
ماكرون
هل حقق هدفه في لبنان؟
أهم إنجاز تحقق لماكرون، أنه حقق 84 مبادرة وتكتلاً دون أن تلغي خصوصية كل طرف أو توجهاته، واشار موقع 'دويتش فيله'، إلى أن أقصى ما يمكن للحراك الوصول إليه هو أن يفرض نفسه لاعباً على الساحة، وأن يفرض بعض الشروط التي تؤدي في النهاية لتأسيس دولة.
ويرى مراقبون أن حكومة أديب تحمل خلطة سياسية توافقية، إذ إنها تحظى بغطاء سني ومباركة من الطائفة التي يُفترض أن تشكل الحكومة وفق المحاصصة، كما أنها على علاقات طيبة مع الطائفة الشيعية، وتحظى برضا دولي، وتوافق فرنسي إيراني، وتأتي كحكومة 'تكنوقراطية' في مهمة إنقاذ سريعة تحتاج 'موظفين وإداريين' وليس سياسيين.