تحاول الدولة الصهيونية بعد اتفاقها تجارياً مع الإمارات أن تلعب دوراً أكبر من تلك المبادلات الاقتصادية والتطبيع الذي تم الموافقة عليه بين الدولتين في 14 أغسطس الماضي، حيث تريد الدخول وبشدة في تجارة الطاقة والبترول في المنطقة، ويعتبر خط أنابيب إيلات عسقلان 'إيابك' المشروع الأفضل لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي تساعد فيه الإمارات من خلال اتفاق السلام من استكمال تنفيذه، وهو مشروع مشترك تأسس عام 1968، عندما كانت العلاقات ودية بين البلدين، لنقل النفط الإيراني عبر إسرائيل إلى البحر المتوسط، وفقاً لصحيفة 'فورين بوليسي' الأمريكية.
اقرأ أيضاً: في أول حوار مع موقع عبري.. قرقاش: اتفاق السلام مع إسرائيل لن يكون رمزيًا
ما هو مشروع "ايابك" للنفط الإسرائيلي؟
شركة خط أنابيب إيلات عسقلان 'إيابك' مشروع مشترك تأسس عام 1968، عندما كانت العلاقات ودية بين البلدين، لنقل النفط الإيراني عبر إسرائيل إلى البحر المتوسط.
وانقطعت العلاقات بين البلدين بعد الثورة الإيرانية عام 1979 وهناك الآن قضية تحكيم بين البلدين يمكن أن تصل قيمة التعويضات فيها إلى مليارات الدولارات.
ورغم أن النفط الإيراني لا يمر الآن عبر خط الأنابيب إلا أن شركة خط أنابيب إيلات عسقلان أصبحت موزعا مهما للنفط في إسرائيل وتطمح أن تصبح مركزا رئيسيا لتجارته.
وأضافت الشركة أيضا نظاما لتدفق النفط في الاتجاه المعاكس حتى يمكن شحن النفط من البحر الأسود أو بحر قزوين إلى إيلات ومنها إلى جنوب آسيا والشرق الأقصى كما زادت من قدرتها التخزينية للشركات التجارية في المنطقة.
ويزعم المسؤولون الإسرائيليون لشركة Europe Asia Pipeline Co (EAPC)، أن القناة التي يبلغ طولها 158 ميلاً من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط توفر بديلاً أرخص لقناة السويس المصرية، حيث أن شبكة خطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تزود العالم، وفقاً لمزاعم الاحتلال الإسرائيلي.
وزعم الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب، إيزيك ليفي، لمجلة فورين بوليسي: 'إنه يفتح الكثير من الأبواب والفرص'، ويعتقد أن خط الأنابيب، الذي يربط ميناء إيلات الجنوبي في إسرائيل بمحطة ناقلات في عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن يقضي على حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس وفقاً لمزاعمهم.
كيف تساعد الإمارات إسرائيل في مشروع الطاقة الخاص بها؟
مع إلغاء الإمارات رسميًا للمقاطعة العربية التي استمرت 80 عام لإسرائيل، ومن المرجح أن تحذو دول الخليج الأخرى الغنية بالنفط حذوها، فإن الدولة اليهودية على وشك أن تلعب دورًا أكبر بكثير في تجارة الطاقة في المنطقة، وسياسات البترول، والأعمال الكبيرة، استثمارات النفط.
وفي حين أن الكثير من الجدل حول الاتفاقية الإماراتية الإسرائيلية ركز على قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والسياحة، فإن خط أنابيب إيلات عسقلان يغير ملامح الصفقة الإماراتية الإسرائيلية لجانب آخر وهو البترول الذي تستثمر فيه الكثير من دول الخليج، وفقاً للصحيفة فإن هذا البند كان من أهم بنود ذلك الاتفاق لكنها بقيت غير معلنة بشكل كبير حتى لا تسبب جدلاً أكبر حول التطبيع.
هل تورطت الإمارات في مؤامرة ضد مصر دون وعي؟
كان خط أنابيب إيلات عسقلان مشروع بناء وطني ضخم يهدف إلى ضمان إمدادات الطاقة لإسرائيل وأوروبا في أعقاب أزمة السويس عام 1956، حيث فرض الرئيس المصري جمال عبد الناصر قيودًا على الشحن عبر القناة، مما أدى إلى غزو القوات الإسرائيلية والبريطانية والفرنسية، وقد لعبت الجهود اللاحقة التي بذلتها مصر لإغلاق الممر المائي الاصطناعي البالغ طوله 120 ميلًا دورًا أيضًا في الحروب الإسرائيلية العربية في عامي 1967 و 1973.
وجاء معظم النفط المتدفق عبر خط الأنابيب من إيران، التي كانت تربطها علاقات وثيقة وسرية مع إسرائيل لعقود في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وفي عام 1968، سجلت الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية ما كان يسمى حينها شركة خط أنابيب إيلات - عسقلان كمشروع مشترك 50-50 لإدارة تصدير النفط الخام الإيراني عبر الأراضي الإسرائيلية وما بعدها عن طريق الناقلات إلى أوروبا.
وقد تدفق النفط بوساطة تاجر السلع الملياردير مارك ريتش، الذي تم اتهامه لاحقًا في أمريكا لمواصلة التجارة مع إيران بعد عام 1979، عندما تم إعلانها دولة معادية، وحصل ريتش على عفو عام 2001 من قبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، الذي قال إنه تأثر جزئياً بمناشدات القادة الإسرائيليين ورؤساء المخابرات.
وفي عام 2015 أمرت محكمة سويسرية بدفع تعويضات لإيران بنحو 1.1 مليار دولار كحصة من الأرباح من الملكية المشتركة لخط الأنابيب منذ قطع الخصمين العلاقات في عام 1979، لكن إسرائيل رفضت الدفع.
وتم بناء خط الأنابيب الرئيسي للشركة البالغ قطره 42 بوصة لنقل النفط الإيراني شمالًا إلى البحر الأبيض المتوسط، فإنها تقوم الآن بمعظم أعمالها في الاتجاه المعاكس، حيث يمكنها ضخ النفط الذي تم تفريغه في عسقلان من السفن المرسلة من قبل منتجين مثل أذربيجان وكازاخستان إلى ناقلات في خليج العقبة لنقلها إلى الصين أو كوريا الجنوبية أو أي مكان آخر في آسيا، يعمل بالتوازي مع خط الأنابيب الخام أنبوب مقاس 16 بوصة يحمل المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل، كما تجني الشركة الأموال من تشغيل صهاريج التخزين في محطات الشحن الخاصة بها.
ويقول الرئيس التنفيذي للشركة السرية في إسرائيل أنه بموجب الاتفاق الإماراتي يجب أن تعبر بعض السفن النفطية للإمارات من ممرهم السري لنقل النفط إلى إسرائيل بدلاً من نقله عبر قناة السويس، مؤكداً أنه لم يتم بعد إخطار القناة المصرية بذلك حيث إن دول الخليج لها عقود طويلة الأمد مع قناة السويس ولكنها تدرس كيفية العمل على ذلك لتنفيذ ما يخصها من الاتفاق مقابل تنفيذ إسرائيل ما يخصها من الاتفاق بشأن فلسطين.
وأضاف زاعماً أن قناة السويس التي يبلغ عمرها 150 عامًا، عميقة وواسعة بما يكفي للتعامل مع ما يسمى بسفن سويز ماكس، مع نصف سعة ناقلة النفط العملاقة فقط، وبالتالي يتعين على تجار النفط استئجار سفينتين عبر القناة مقابل كل سفينة يرسلونها عبر إسرائيل، مع رسوم باتجاه واحد عبر السويس تصل إلى 300 ألف دولار إلى 400 ألف دولار، لكن خط الأنابيب يسمح لإسرائيل بتقديم خصم كبير.
وأوضح أن ما تتميز به قناة السويس أنها تعمل في العلن وليس في سرية، ولأن خط الانابيب عمل في سرية لمدة سنوات بسبب العقوبات المصرية أصبح ذلك مكلفًا للغاية بالنسبة لمعظم الشحنات، حيث كان على العديد من السفن التي جاءت إلى إيلات وعسقلان القيام بهذه العمليات حتى لا تتم مقاطعتها في ميناء أو آخر، إذ كانت السفينة تخشى أن يتم إدراجها في القائمة السوداء ومقاطعتها، فسيتم تسعيرها، كل هذا يكلفنا مالًا لذلك سيرتفع سعر النقل، وهذا ما نأمل أن تتشاور فيه الإمارات مع مصر بموجب التطبيع معها لإزالة تلك العقوبات، حيث إن هدف إسرائيل هو أن يستحوذ خط الأنابيب على ما بين 12 و 17 بالمائة من أعمال النفط التي تستخدم الآن قناة السويس.
ووفقاً للصحيفة الامريكية فإن خط الأنابيب التي تتفاخر به إسرائيل قد انهار في عام 2014 وتسبب في أسوأ كارثة بيئية في تاريخ إسرائيل، مما أدى إلى تسرب أكثر من 1.3 مليون جالون من النفط الخام إلى محمية عين إيفرونا الطبيعية الصحراوية.
وأضافت الصحيفة أن التعاون الإسرائيلي الإماراتي في مجال الشحن ليس جديدًا تمامًا، حيث سبق وتعاملوا من خلال شركة Zim لخدمات الشحن المتكاملة الإسرائيلية، التي كانت ترسو في الموانئ التي تديرها شركة دبي للشحن العملاقة لأكثر من 20 عامًا، واستثمرت في مشاريع مشتركة مع الشركة الإماراتية، حيث إن العلاقة بين مالك شركة Zim Idan Ofer ورئيس موانئ دبي سلطان أحمد بن سليم قوية جداً.