قدمت الحكومة السودانية، اليوم، ثلاثة مقترحات إلى المحكمة الجنائية الدولية للتعامل مع المتهمين في الجرائم المرتكبة في إقليم دارفور غربي السودان، وعلى رأسهم الرئيس المعزول، عمر البشير، حسب ما ذكرت سكاي نيوز.
وفي مؤتمر صحفي مقتضب بالخرطوم، قال وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري، إن ممثلي المحكمة الدولية قدموا مقترحات أيضا بالشأن التعامل مع المواطنين السودانيين الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف، لكنه لم يكشف هذه المقترحات.
وأكد عبد الباري، أن حكومته مستعدة للتعاون مع المحكمة في إطار القانون الدولي، معربا عن تطلع بلاده إلى استمرار النقاش بين الطرفين من أجل رؤية العدالة تتحقق بما يتماشى مع القانون الجنائي الدولي.
ومن جانبها، قالت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، إن الهدف الأساسي من اللقاء مع المسؤولين السودانيين التعاون في القضايا التي تتابعها المحكمة في دارفور، مشيرة إلى أن المحكمة ستحاول مع الخرطوم تعزيز التعاون قدما في هذه المسألة، وأكد النائب العام السوداني تاج السر الحبر إنه تم الاتفاق على أنه لا إفلات من العقاب.
ماذا فعل البشير في السودان؟
السودان الذي كان من أكبر دول إفريقيا فيما مضى، جذب انتباه العالم في التسعينيات وبداية الألفية الجديدة ولكن ليس للأسباب الجيدة، وكان مسرحًا لحرب أهلية طويلة بين الجنوب المسيحي والشمال المسلم.
كما أنه استضاف أسامة بن لادن في السنوات الأولى من حركته الجهادية التي أدت إلى إنشاء القاعدة مما أدى إلى أن يصبح في قائمة الولايات المتحدة للدول التي تدعم الإرهاب.
بعد 29 عامًا تقريبًا من حكم البشير، من المرجح أن يتم تذكر تلك الفترة على أنها الأكثر قمعًا في تاريخ السودان، فهو حاول قمع التمرد الجنوبي، ولكن لم ينجح هذا.
قدم البشير نفسه كزعيم لموجة 'الإسلام السياسي' -في تسعينيات القرن الماضي- بينما كان يبني علاقات مع الجهاديين العنيفين، وأنشأ ميليشيات موالية له لحماية حكمه واستطاع جذب رجال الأعمال والسياسيين الذين احتفظوا بالقوة وحشدوا ثروة هائلة في الدولة الفقيرة، وذلك عن طريق حشد الجماهير باستخدام الأيدلوجية الإسلامية.
وأدى فرض البشير المتجدد للشريعة الإسلامية إلى تنفير الكثيرين وتمزيق النسيج الاجتماعي لبلد له تركيبة دينية وعرقية مختلفة. وأصبح منبوذًا على المستوى العالمي بسبب استخدامه للميليشيا الإسلامية في دارفور، ووقع اتفاق السلام مع الجنوب في محاولة جزئية لإنقاذ مكانته.
لكن بعد استقلال الجنوب، أخذ معه ثلاثة أرباع موارد النفط السودانية، وترك الشمال دون محرك اقتصادي. ومنذ ذلك الحين، ظلت أولويات البشير الرئيسية المحافظة على قبضته القوية على السلطة في أثناء بحثه عن طرق للإصلاح الاقتصادي.
فإذا نظرنا إلى العقد الأول من القرن الماضي، كان السودان معروفًا بالقمع الوحشي للانتفاضة في منطقة دارفور، وهي الفترة التي أصبحت فيها الميليشيات الموالية للحكومة المعروفة باسم الجنجويد سيئة السمعة بسبب الأعمال الوحشية التي تقوم بها، واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بتهم حرب وإبادة جماعية.
وفي تقرير لوكالة أسوشيتدبرس تقول، إنه بعد استقلال الجنوب عام 2011 في استفتاء شعبي، خسر السودان ثلث أراضيه وخرج من دائرة الضوء العالمية. وفي السنوات التالية، ازدادت حدة البؤس الاقتصادي الذي ظهر في عدة مرات على شكل احتجاجات أخمدها البشير في كل مرة وحاول أن يفعل نفس الشيء في الاضطرابات الأخيرة التي اندلعت في 19 ديسمبر.
الاضطرابات كانت في البداية بسبب ارتفاع حاد في الأسعار ونقص الموارد، وتم الإبلاغ عن مقتل العشرات، واعتقل البشير زعماء المعارضة، وفرض حكم الطوارئ وحظر التجول في مدن متعددة، وتعليق للدراسة في المدارس والجامعات.
واعترف البشير في تقرير وثائقي عرضته قناة العربية، بأن كل مفاصل الدولة السودانية بعد انقلاب 1989 أصبحت تحت سيطرة الإخوان، بعد أن وضع الضباط الإخوان والمجموعة المدنية المسلحة بقيادة حسن الترابي وعلي عثمان طه اللمسات الأخيرة لانقلاب 1989.
كما يعترف بفصل أكثر من 600 ألف سوداني من وظائفهم واستبدالهم بعناصر إخوانية، لافتاً إلى أن عضو الإخوان يجب أن يكون لديه قدرة على حمل السلاح دائماً، وينفذ الأوامر بمبدأ السمع والطاعة.
ويقر نائب الرئيس السوداني السابق علي عثمان طه، الذي قاد ميليشيات الانقلاب في 1989 في جلسة سرية 'سننقلب على السلطة مرة أخرى إذا عادت نفس الظروف'، وشمل اعترافات لرموز نظام البشير بدعم الإخوان في تونس وموريتانيا والمغرب وفلسطين.
وتسعى السودان اليوم للتوصل إلى اتفاق مع أمريكا لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
ونقلت رويترز عن مسؤولين أمريكيين قولها إن أمريكا والسودان اقتربا من التوصل لاتفاق يقضي برفع الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذكر المصدران أن 'الإعلان ربما قد يتم خلال الأيام القليلة المقبلة'.
وكشف مسؤول أمريكي أن الاتفاق على رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب 'قد يحدد خطوات للخرطوم نحو إقامة علاقات مع إسرائيل'.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الولايات المتحدة سترفع اسم الخرطوم من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد دفع الحكومة السودانية 335 مليون دولار تعويضات لعائلات الضحايا الأمريكيين المتضررين من الإرهاب.