مكان صغير بشارع السوق، فى مدينة دكرنس التابعة لمحافظة الدقهلية، يقصده الكثيرون من أبناء المدينة، حيث تجلس وداد محمود بدوى، البالغة من العمر 70 عاما، والتي تعمل فى شوى الأسماك منذ أكثر من 35 عاما، من خلال 'كشك' صغير تحول لونه إلى الأسود بسبب النيران المشتعلة فيه من صباح اليوم حتى نهايته.
السيدة العجوز التى تأتي صباح كل يوم، فى مكانها المعروف لمعظم أبناء المدينة، تبدأ يومها منذ الساعة الثامنة صباحا، تجمع الأخشاب القديمة، وتقوم بوضعها بجوار الفرن البلدى القديم، ثم تبدأ بإشعال النيران بها وشوى الأسماك، وتكملة يوم عملها، ويأتى إليها زبائنها يوميا.
السيدة التى كتب عليها أن تخوض رحلة شقاء من أجل بناتها بعد أن توفى زوجها منذ 35عاما، وترك لها طفلتين، فقررت أن تبدأ رحلتها مع الكفاح من أجلهما، فقامت بشراء منزل بأقساط شهرية لمدة 12 عاما كاملة، كانت تعمل ليلا ونهارا فى شوى الأسماك من أجل جمع أقساط منزلها، وتمكنت مع ذلك من الإنفاق على ابنتيها حتى حصلتا على شهادتين جامعيتين، ولم تقف قصة كفاحها عند ذلك فقط، بل تمكنت من تجهزيهما وتوصيلهما إلى عش الزوجية.
السيدة المكافحة قررت مواصلة العمل واستكمال المسيرة من أجل مساعدة أحفادها ومساعدتهم حبا فيهم ، ولم تستسلم لكبر سنها، ولم تترك عملها وأصبحت أقدم سيدة فى السوق بأكمله، بعد 35 عاما من الكفاح أمام النيران.
تقول وداد إنها أصبحت ترتبط مع نار الفرن بصداقة كبيرة، تحكى معها وتشكى لها همومها، ولكنها لا تتحدث إلا وتنهى كل جملة تقولها بـ'الحمد لله'، مؤكدة أنها لا تريد من الحياة سوى سعادة أحفادها وابنتيها مع زوجيهما، فيما يقصد الكثيرون من أهل المدينة مكان عملها لأخذ نصيبهم اليومى من دعواتها.
السيدة العجوز لا تتمنى شيئا إلا إجراء عملية فى عينها، فضلا عن أمنيتها الغالية بالحصول على رحلة عمرة أو حج إلى بيت الله.
وقالت 'وداد' لـ'أهل مصر': 'عندي زباين من فترة طويلة، بشوى السمك في الفرن البلدى لتوفير ثمن الأنابيب، وبجمع الأخشاب القديمة لإشعال النار، والحمد لله ماشية، أنا بشتغل عشان محتجش لحد والحمد لله، كل يوم بصحى من النوم وأشوف الشمس بحمد ربنا على نعمة اني قادرة أصرف على نفسى وأوفر جميع التزماتى'.
وداد
وأضافت: 'أعمل هنا من 35 سنة من أجل تربية بناتى ولا أريد شيء من الحياة إلا أن أراهم سعداء وفى نعيم، بشتغل يوميا إلى أن وصل عمرى 70 عاما، ولا أريد سوى أن أقوم بإجراء عملية فى عينيى بعد أن تسبب طبيب فى عدم الرؤية بها، وأتمنى أن أزور بيت الله وأعمل عمرة'.