◘ الدكتور شوقي علام شخصية رصينة.. تولى المهمة في ظروف صعبة.. وبصماته نقلت دار الإفتاء إلى مصاف المرجعيات العالمية
◘ نعمل على إعادة الخطاب الديني المختطف.. لا نلتقت لـ'الحملات المغرضة'.. ولن نتوانى في إيصال الفكر الصحيح لكافة الناس
◘ أصدرنا 10 ملايين فتوى خلال 8 سنوات.. نركز على مختلف القضايا التي تهم المسلمين.. وحاضرون بقوة في المحافل الدولية
◘ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حجر الزاوية بالعالم الإسلامي.. وتضم في عضويتها مؤسسات وهيئات ذات ثقل ووزن عالمي
◘ الإخوان جماعة إرهابية.. لم تقدم عبر تاريخها أي منجز يخدم الوطن أو الدين.. ولا يملكون سوى الشعارات الجوفاء والخطب الرنانة
◘ نقود حربًا ضروسًا ضد الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية.. وأعددنا 1000 رسالة للرد ودحض أباطيل الإرهاب وأكاذيبه
◘ التنظيم الدولي للإخوان لديه خلايا سرية مسلحة في جميع أنحاء العالم.. ومرصد الفتاوى التكفيرية يواصل فضح مخططاتهم
◘ تجديد الفتوى هو رأس حربة الإصلاح.. وتيارات الخراب تستخدم الفتاوى لشرعنة ممارساتها الإجرامية وخدمة أجندات خارجية
◘ الإخوان يعانون من انقسامات وسط صفوفهم في تركيا.. والجماعة انتقلت من حالة التماسك والوحدة التنظيمية إلى التفكك والانحلال
د. إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية
قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن دار الإفتاء أصدرت على مدار السنوات الثمان الماضية ما يقارب ١٠ ملايين فتوى في مختلف الفروع والقضايا التي تهم المسلمين في الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن الدار في عهد الدكتور شوقي علام، تحولت قاعدة العمل بها من العمل الفردي إلى المؤسسي، وأصبحت مؤسسة رائدة ذات مرجعية فقهية إسلامية متفردة في صناعة الفتوى والعلوم الشرعية، يلجأ إليها الأفراد والمؤسسات محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
اقرأ أيضًا.. انفراد لـ أهل مصر.. شوقي علام مفتيًا للجمهورية حتى أغسطس المقبل بعد رفض مرشحي الأزهر
وأضاف مستشار مفتي الجمهورية، في حواره لـ'أهل مصر'، أن دار الإفتاء منذ ثورة 30 يونيو 2013 واجهت جماعة الإخوان الإرهابية، وقادت ضدهم حربًا ضروسًا، مؤكدًا أن عناصر الجماعة الإرهابية لم يقدموا عبر تاريخهم أي منجز حضاري يخدم وطنهم أو دينهم، اللهم إلا الشعارات الجوفاء والخطب الرنانة.. وإلى نص الحوار:
الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية
◘◘ ما هي أهم الإنجازات التي حققتها دار الإفتاء خلال 8 سنوات منذ تولي الدكتور شوقي علام منصب المفتي؟
◘ حظيت دار الإفتاء المصرية بمسيرةَ انجازاتِ خلال عهد مفتى الجمهورية الدكتور شوقي علام، حيث ساهم فضيلته في تتويجِ مسيرةِ عمل الدارِ بكَم هائلِ من الإنتاجِ العلمي والوطني الذي اتسمَّ بالتميزِ والدقةِ والعمقِ والإتقانِ والمواكبةِ لمقتضياتِ العملِ الديني والوطني، فضلا عن عدد من المشروعات والمبادرات المهمة التي تستشرف بها الدار ما هو منتظر منها فى المستقبل من خطط طموحة ومشروعات واعدة وفعاليات دولية وإصدارات علمية وكل ما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، ويدعم نشر قيم التسامح والتعايش والرحمة، ويمنع نشر الأفكار الإرهابية المتطرفة، ويعزز مسيرة العمل الوطني.
وقد نجح الدكتور شوقي علام، في تحويل قاعدة العمل بدار الإفتاء من الأفراد إلى العمل المؤسسي؛ فأصبحت مؤسسة رائدة ذات مرجعية فقهية إسلامية متفردة في صناعة الفتوى والعلوم الشرعية، يلجأ إليها الأفراد والمؤسسات محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا، وإيمانًا من الدار بأهمية التطوير بصفة عامة والتطوير الإداري بصفة خاصة، والعناية بالعنصر البشري، وضمان تلبية حاجة المستفتين، حيث توسعت الدار في إنشاء مجموعة مختلفة من الإدارات والأقسام الجديدة لضمان الوصول إلى كافة شرائح الأمة داخليًّا وخارجيًّا، فأنشأت مجموعة من الإدارات لضمان رسالتها لأكبر شريحة ممكنة من المسلمين منها: الفتاوى الشفوية، والفتاوى الهاتفية، والفتاوى المكتوبة، والإلكترونية بعشر لغات، وإدارة الحساب الشرعي، وإدارة التعليم عن بعد لتدريب المبتعثين على الفتوى، والترجمة، والموقع الإلكتروني، ومجلة دار الإفتاء، وإدارة فض المنازعات.
أقرأ أيضًا.. انفراد.. مجلس النواب يُعيد طرح قانون تنظيم دار الإفتاء خلال أسابيع
كما كانت الدار حاضرة بقوة في المحافل الدولية والعلمية والملتقيات الفكرية حول العالم، واستطاعت الدار أن تقدم خطابًا علميًّا رصينًا وأمينًا نسجته من خلال الفهم الصحيح والإدراك العميق لمعطيات الواقع المعاش ومقاصد وغايات الفقه الصحيح، وانطلق علماء الدار إلى مختلف بلدان المعمورة لتقديم يد العون والدعم للمسلمين، ويد التواصل والحوار مع غير المسلمين، وفتح آفاق التعاون والتآلف والتعايش بين أبناء الحضارات والأمم المختلفة.
كما أصدرت دار الإفتاء في عهد الدكتور شوقي علام، ما يقارب ١٠ ملايين فتوى في مختلف الفروع والقضايا التي تهم المسلمين في الداخل والخارج.
وكان أيضًا للدار سجلًا حافًلا من المشروعات العلمية على رأسها تدشين الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم والتي تكمن أهميتها في سياق زمانها ومكانها، وتنفيذ خطة تطوير الخطاب الديني على كافة النطاقات، إضافة إلى اطلاق المؤشر العالمي للفتوى وهو أول مؤشر من نوعه، وتدشين مركز سلام، وإنشاء منصة 'هداية'؛ من أجل مد المسلم في كل مكان بما يحتاجه من معارف وعلوم ومهارات، ولمكافحة التيارات المتطرفة والأفكار الهدامة، فضلا عن تدشين مجموعة من المراصد العلمية والمراكز البحثية لمواجهة التطرف والإسلاموفوبيا، والمساهمة بخمسة مؤتمرات عالمية.
وتمتلك الدار منظومة عمل تكنولوجية متقدمة، ولديها إدارة خاصة بالوسائل التكنولوجية، ومنذ إرهاصات أزمة كورونا وضعت الدار خطة عمل لمواكبة الأحداث والتواصل مع الجمهور بطرق مبتكرة، وبالفعل نجحت دار الإفتاء المصرية، في سد فجوة الفتوى في ظل جائحة كورونا.
أما الواقع الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي فتعد دار الإفتاء المصرية رائدة المؤسسات الدينية في هذا المجال، سواء في مصر أو في العالم العربي والإسلامي، كما اهتمت دار الإفتاء بتنوع إصداراتها لتشمل الموسوعات العلمية والكتب الرقمية والمطبوعة والدوريات والمجلات العلمية المحكمة.
كما عززت من دورها في مجال الإرشاد الأسري وتأهيل المقبلين على الزواج، واستطاعت من خلال برنامج تأهيل المقبلين على الزواج أن تقدم للمتدربين معارف وخبرات تساعدهم في كافة أمور حياتهم الزوجية مع فريق متخصص من علماء الشريعة والنفس والاجتماع.
كما أولت الدار أهمية خاصة للحوكمة والتخطيط الاستراتيجي الأمر الذى وضعها في مكانه مميزة بين المؤسسات الإفتائية خلال السنوات الأخيرة.
وحصدت الدار مجموعة من الجوائز العالمية لجهودها الدولية في مجال التواصل وبناء الجسور بين الحضارات ومعالجة الأفكار المغلوطة؛ منها جائزة عالمية في الإعلام والتواصل من مؤسسة 'ميديا تينور' الدولية بسويسرا، وجائزة أكاديميك ميديا إمباكت من هيئة الأمم المتحدة بنيويورك على خلفية عرض تجربتها العالمية في مجال التواصل وبناء الجسور بين الحضارات والثقافات.
د. إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية
◘◘ بصفتك مستشارًا لفضيلة المفتي وأمينًا عامًا لدور الإفتاء العالمية؛ ما هي أبرز السمات المكونة لشخصية الدكتور شوقي علام؟
◘ فضيلة المفتي شخصية رصينة هادئة طيب المعشر لا يتوارى عن الإدلاء بدلوه في أحلك القضايا وأصعب الظروف المحلية والدولية، تولى مهمة دار الإفتاء في ظروف صعبة ولكنه استطاع ببصماته في حقل الإفتاء أن ينقل دار الإفتاء المصرية إلى مصاف المرجعيات العالمية خاصة بعد إنشاء ذراع دولية تحت مظلتها متمثلة في 'الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم'، والتي أصبحت بمثابة حجر الزاوية في العالم الإسلامي، حيث ضمت في عضويتها مؤسسات وهيئات إفتائية ذات ثقل ووزن، واستطاعت الدفع بمجال الإفتاء نحو القيام بدوره في حل مشكلات العالم الإسلامي.
دار الإفتاء المصرية
◘◘ منذ ثورة 30 يونيو 2013 ودار الإفتاء تخوض معركة وطنية ضد جماعة الإخوان الإرهابية؛ هل نجحتم في تحصين العقل الجمعي من ضلالات الجماعة أم أن المعركة لم تنتهي بعد؟
◘ مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية بشكل خاص، والفكر المتطرف للجماعات الإرهابية بشكل عام، تحوذ على اهتمام فضيلة المفتي، ويبذل فيها جميع العاملين بالدار جهودًا كبيرة، حيث انتهجت الدار مسارات متنوعة بمعاونة ذراعها البحثية متمثلة في مراكز الدار البحثية ومرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، وفى مسار آخر استحدثت الدار إدارات جديدة تواكب العصر وتسهم في إيصال رسالتها للكافة، وأصدرت عدد من الدراسات النوعية الهادفة لتفكيك الفكر المتطرف ودحض دعاوى الإرهابيين.
ودار الإفتاء واجهت جماعة الإخوان الإرهابية في الداخل والخارج، حيث قادت حربًا ضروسًا ضد الجماعة الإرهابية الذين لم يقدموا عبر تاريخهم أي منجز حضاري يخدم وطنهم أو دينهم، اللهم إلا الشعارات الجوفاء والخطب الرنانة، وعلى مدار 6 سنوات تابع الدكتور شوقي علام، تقارير مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع للدار، حول دراسة التطرف والتكفير للتعرف على مختلف الدعايات والأباطيل التي يرددها المتطرفون من مختلف المشارب والاتجاهات، حيث أعد المرصد في مواجهة ذلك ألف رسالة ترد وتفند وتدحض أباطيل الإرهاب وأكاذيبه، في صورة مبسطة، كذلك قدم المرصد مجلة 'Insight' باللغة الإنجليزية للرد على مجلتي 'دابق' و'رومية'، التي يصدرهما تنظيم داعش الإرهابي، فضلا عن تحذير فضيلة المفتي من 13 كتابًا ومرجعًا ترتكز عليها الجماعات والتنظيمات التكفيرية، وهى كتب تعتمد عليها تلك التنظيمات لشرعنة فكرهم المتطرف.
كما أصدرت الدار عددًا من الدراسات بشأن جذور التطرف والعنف عند جماعة الإخوان الإرهابية، حيث انتهت الدراسة إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية بمختلف فروعها وتنظيماتها في أنحاء العالم تعتمد على تنظيمات سرية مسلحة.
كذلك تواصل دار الإفتاء المصرية تفنيدها للشبهات التي يثيرها الإرهابيون سواء الإخوان أو الدواعش، خاصة وأن الدار تقود حملة لفضح المخططات الإرهابية للجماعات المتطرفة سواء داخليا أو خارجيا، ولم تكتفى الدار بفضح الإخوان بل مازالت تفند الشبهات والادعاءات الباطلة لداعش ومن على شاكلتها، وذلك من خلال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع للدار.
د. إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية
◘◘ خلال مجابهتكم الفكرية للجماعة الإرهابية تعرضتم لحملات تشويه عديدة؛ هل وقفت هذه الحملات عند حد الحروب الإلكترونية أم أن هناك تهديدات على أرض الواقع تعرض لها قيادات الدار؟
◘ دار الإفتاء المصرية ماضية في مشروعها التنويري التاريخي، وفضح زيف الإخوان وكافة التنظيمات الإرهابية، ولا نأبه لتلك الحملات المغرضة ولا نلتفت إلا إلى الإنسانية، والإخوان جماعة إرهابية تسعى إلى هدم المرجعيات الدينية والمؤسسات المعتمدة ويصفون من يخالف منهجهم بـ'علماء السلطان'، وهذه الجماعة شوهت الدين وتجنَّوا على الله ورسوله، وعمدوا إلى الآيات التي نزلت في الكفار فأنزلوها على المؤمنين، ومشروع الإخوان منذ بدايته كان يكتنفه محاولات خبيثة لإيجاد جذور لهم داخل المجتمع عن طريق استخدام الدين ولي عنق النصوص وتحريفها، ولكنهم فشلوا أمام صمود المنهجية السلمية، فالتنظيمات المتطرفة ذات عقلية جافة وقلب فيه غلظة، وهؤلاء شوهوا الدين وتجنَّوا على الله ورسوله وكذبوا على الناس وادَّعوا أن مشروعهم خاص بالدعوة، ليتبين بعد ذلك من خلال أفعالهم ومراجعهم ما يدل على اللاسلمية عندهم.
◘◘ ما هي أبرز منابع الفكر التكفيري؟ وكيف أصبح التشدد مسيطرًا على عقول الكثير من العامة؟
◘ جماعات التطرف والإرهاب روجت حزمة من الأكاذيب المغرضة بهدف الانتقاص من أهل العلم والفتوى المعتمدين، وجاءت فتاواهم الشاذة المتشددة المبنية على اجتزاء بعض آيات القرآن الكريم أو بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم على خلاف ما أفتى به علماء المؤسسات العلمية العريقة الراسخة في العلم كدار الإفتاء المصرية وكافة المجامع الفقهية والمؤسسات الإفتائية؛ ولذا فتشويه صورة مجتهدي المؤسسات الدينية كان هدفًا أساسيًّا لهذه الجماعات؛ لأن المؤسسات الدينية وحدها هي القادرة وبجدارة على دحض افتراءاتهم وتفنيد شبهاتهم وتفكيك أفكارهم، وتحت ذلك الزعم قامت تلك الجماعة بمحاولات عديدة لتشويه سمعة المؤسسات الدينية وهم بعيدون كل البعد عن فقه الواقع وفهم مقاصد الشريعة، وكان الأولى بهم إحسان الظن في هذه المؤسسات العريقة التي تلتزم المنهج العلمي السليم في كل فتاويها وأبحاثها، بدلًا من التشهير النابع عن المكايدة والجهل.
وجماعة الإخوان وباقي الجماعات التي خرجت من رحمها، كانوا ومازالوا من أهم مصادر إثارة الخلاف والانقسام في المجتمع المصري، نتيجة لفكرهم المتشدد المنغلق، حيث استغلوا الاختلاف في كل أمر دنيوي وتحويله إلى اختلاف ديني وتكفير أي صاحب رأى مخالف لفكرهم.
دار الإفتاء المصرية
◘◘ متى تتخلص مصر من الإخوان والفكر المتشدد؟
◘ الجماعات الإرهابية تعيش حالة من الذعر بعدما أيقنت بافتضاح كذبها أمام الدول الحاضنة لها منذ ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، وجماعة الإخوان تعانى انقسامات وسط صفوفها في تركيا، بما يؤكد انتقال الجماعة الإرهابية من حالة التماسك والوحدة التنظيمية إلى حالة التفكك والانحلال؛ نتيجة الضغوط الدولية التي تحيط بها بعدما انكشفت حقيقتها الإرهابية أمام دول العالم أجمع، كما أن العلاقة بين الجماعة الإرهابية والنظام التركي علاقة انتهازية تغلبها المصالح المتبادلة، خاصة وأن طموحات النظام التركي وتطلعاته المستقبلية تعارضت مع مشروع الجماعة؛ مما أصابها بانتكاسة كبرى وخيبة أمل في استمرار الدعم التركي لمشروعها التخريبي مستقبلًا في ظل إجماع النظام التركي على الخسائر الاقتصادية التي أصابته جراء تبنيه الجماعة الإرهابية.
وكل المؤشرات والشواهد والممارسات اليومية تكشف اتساع الفجوة بين أجنحة الإخوان المتصارعة في تركيا بعد أن قامت تركيا بتسليم عدد من المحكوم عليهم إلى الحكومة المصرية، ومنهم هارب من حكم غيابي بالإعدام؛ مما يؤكد انتهاء شهر العسل بين الجماعة والنظام التركي، كما أن علاقة المصالح بين جماعة الإخوان الإرهابية والدول الداعمة لها لم تُجْدِ نفعًا، ولم تشفع لأعضاء الجماعة وقيادتها الفارين من أحكام في مصر، فَتَحت تأثير المقاطعة الخليجية، قامت قطر بإبعاد عناصر الإخوان، الذين لجئوا إلى تركيا التي باتت محطتهم الرئيسة في الخارج، إلا أن أنقرة لم تعد أيضًا ملجأً آمنًا، خاصة بعد أن وضعت السلطات التركية شروطًا جديدة لإقامة عناصر الجماعة في أراضيها، مما يكشف عن تضييق جديد على الإخوان هناك، وهو ما يشكل تغيرًا في السياسة التركية تجاه الحضور الإخواني، بعد أن كانت تركيا ملاذًا آمنًا للفارين من إخوان مصر.
وإضافة إلى ما سبق؛ فإن وحدة المتابعة بمرصد الفتاوى التكفيرية التابع لدار الإفتاء رصدت أن الجماعة الإرهابية تواجه مزيدًا من الخلافات والانشقاقات بين قادتها الهاربين لدول متعاطفة معهم مثل قطر وتركيا، وأن هذا الصراع الداخلي يدور حول المناصب والأموال، ويحاول كل جناح استقطاب الشباب إليه، وأن هذا الصراع بين الأجنحة الإخوانية عَرَضٌ لنزاعٍ عميقٍ وقديمٍ داخل الجماعة، حول القيادة والسيطرة والنفوذ، فبعد تسعين عامًا من الخداع الديني والسياسي والاجتماعي، الذي حفَّز ظهور جماعات إرهابية عنيفة في المنطقة، بدأت الجماعة في تمزيق نفسها.
ولا شك أن الجهود الدبلوماسية المصرية أثبتت لدول العالم أجمع إرهاب جماعة الإخوان وانتهازيتها؛ ما أفقد الجماعة الكثير من الدعم المادي والسياسي الذي كانت تتلقاه من دول وأجهزة استخبارات مختلفة في مناطق عدة بالعالم، وهو الأمر الذي تسبب في مزيد من الانقسامات والانشقاقات في صفوف الجماعة الإرهابية.
الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية
◘◘ دار الإفتاء بقيادة الدكتور شوقي علام وجميع علمائها ترفع لواء تجديد الخطاب الديني؛ هل ترى أن ما حققته الدار في هذا الجانب كافٍ أم أنكم تطمحون في المزيد؟
◘ منذ دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تجديد الخطاب الديني، حملت دار الإفتاء راية التجديد ولم تتوانى في إنجاز مشروعات عصرية بهدف إيصال الفكر الصحيح لكافة الفئات، ونعمل على إعادة الخطاب الديني المختطف إلى حضن المؤسسات الدينية العريقة المعنية بصحيح الدين، فهناك بلا شك أناس اختطفوا الخطاب الدين، ورسخوا مفاهيم خاصة بهم لتحقيق أغراض سياسية بدعم جهات خفية وجهات أخرى معروفة للجميع.
وفي سبيل ذلك نعمل في دار الإفتاء على عدد من المحاور لإعادة تصحيح المفاهيم، كان آخرها افتتاح وحدة للرسوم المتحركة لاستخدامها في الرد على المتطرفين وتصحيح الأفكار الشاذة، فقد انصرفت أذهان الكثيرين إلى أن التجديد قاصر على الخطاب الديني الدعوي، متجاهلين ضرورةَ أن يكون التجديد في الفتوى هو رأس الحربة التي تنطلق منها دعاوى التجديد، خاصة بعدما أصبحت الفتاوى سلاحًا تستخدمه تيارات الدم والتخريب لشرعنة ممارساتها التي تخدم بها الأجندات الخارجية الممولة.
كما أننا نحرص في دار الإفتاء على أن يجذب الخطاب الديني أفكار الشباب والأطفال وجميع الفئات، حتى يتوافق مع العصر، فتجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربع: «الزمان، والمكان، والأشخاص، والأحوال»، بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه وفى إطار منظومة القيم والأخلاق.
◘◘ في فتاوى مثل: مشروعية فوائد البنوك، وتجريم ختان الإناث، وغيرها؛ تعرضتم لهجوم عنيف من العامة على صفحة الدار بـ«فيس بوك»، كيف ترى هذا الهجوم؟
◘ دار الإفتاء تتحدث بلسان الدين الحنيف وترفع لواء البحث الفقهي لخدمة قضايا الدين، ولم يتوقف دورها عند بيان الأحكام الشرعية فحسب بل تخطت هذا الدور إلى القيام بدور اجتماعي - لا يقل عن دورها الديني - فى سياق بيان الأحكام والفتاوى الشرعية الخاصة بمختلف القضايا الدينية والمجتمعية؛ فعلماء الدار لا يخشون في الحق لومة لائم، حيث نعتمد على خطاب ديني وسطي، وذلك انطلاقًا من أن وسطية الأمة الإسلامية أمر ثابت قرره الله تعالى في مُحكم كتابه؛ فقال جلَّ وعلا: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143].
وتتمثل وسطية الحضارة الإسلامية في اتخاذها منهجًا متوازنًا في تحديد علاقة الإنسان بربه وخالقه وعلاقته بغيره من البشر، وهو منهج وسط جمع بين الروحانية والمادية، ووفق بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة؛ فلم يهمل مطالب الجسد بجوار عنايته بالروح وتهذيب النفس وتربية الوجدان، كما أنه لم يقيد طاقات الفرد السليمة ليحقق مصلحة الجماعة، ولم يطلق للفرد نزواته لتؤذي الجماعة، وكل ذلك بدون إفراط ولا تفريط.
د. إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية
◘◘ ما هي استراتيجية دار الإفتاء خلال الفترة المقبلة؟
◘ لدينا خطة خمسية نعمل على تحقيقها خلال السنوات الخمس القادمة، وتتضمن هذه الخطة العديد من الأهداف والمشروعات المتنوعة التي تغطي كافة جوانب العملية الإفتائية، ويمكن رصدها في 7 أهداف استراتيجية، هي:
أولًا: الوصول بالدار كمرجعية إفتائية إلى العالمية.
ثانيًا: سد الحاجة إلى معرفة الأحكام الشرعية.
ثالثًا: تعزيز الدور المجتمعي لدار الإفتاء.
رابعًا: تعزيز المنهج الوسطي ومحاربة الفكر المتطرف.
خامسًا: توفير الدعم المتواصل للصناعة الإفتائية والارتقاء بأدواتها.
سادسًا: إثراء البحث العلمي في مجال الإفتاء ومستجداته.
سابعًا: تأهيل وإعداد الكوادر الإفتائية والشرعية وزيادة خبراتها في مجال العمل الإفتائي.