يصعد الاحتلال الإسرائيلي، من لهجته وتهديداته لإيران بشكل دائم حتى أنه يستهدف مواقع حيوية تمتلكها طهران داخل سوريا والعراق، ولكن يبدو أن اللهجة الحادة بدأت تأخذ طريقها نحو التهدئة، والسبب وراء هذا هو ما شهدته العاصمة الروسية موسكو، اليوم الأربعاء؛ إذ حدثت زيارة غريبة من نوعها جمعت بين ممثلين للاحتلال الإسرائيلي ووفد من حزب الله اللبناني، الذي يأتمر بأوامر من الحرس الثوري الإيراني.
اجتماع سري
بدا الأمر بإعلان الخارجية الروسية، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، سيلتقي في 17 مارس الجاري، مع نظيره الإسرائيلي، غابي أشكنازي، بغرض بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتبادل وجهات النظر حول القضايا الدولية والإقليمية.
وفي الوقت ذاته، أعلنت الخارجية الروسية، أن اجتماعًا سيعقده وزير الخارجية الروسي، مع وفد من حزب الله اللبناني، في نفس الإسبوع الذي يلتقي فيه وزير الخارجية الإسرائيلي.
وقالت صحيفة "لبنان اليوم"، أن الاحتلال الإسرائيلي يتخوف من اليوم الذي تتراجع فيه قوة علاقاته مع الولايات المتحدة؛ لأن إسرائيل لم تعد تلك الثروة الاستراتيجية، التي لا تستطيع أمريكا الإستغناء عنها، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن والتفاهم على تقاسم مناطق النفوذ في العالم، لذا لجأت دولة الاحتلال إلى للتطبيع مع الدول العربية، والآن تحاول ذلك مع عدوتها الأولى إيران.
لماذا حزب الله؟
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى التطبيع مع حزب الله اللبناني؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في عدة محاور، أهمها: تمهيد الطريق أمام الرأي العام الإسلامي لتقبل إعلان التطبيع بين الكيان المحتل والمملكة العربية السعودية، ويتحقق هذا بمجرد إعلان التطبيع مع حزب الله في البداية كون الحزب هو رمز المقاومة ضد إسرائيل لدى الكثير من المسلمين والعرب وتطبيعه مع الكيان الإسرائيلي يجعل مسألة التطبيع مع السعودية أمرًا مستساغًا.
وفي هذا السياق، قالت مصادر: إن التطبيع بين حزب الله وكيان الاحتلال الإسرائيلي يعتبر تمهيداً للاعلان الرسمي للتطبيع بين السعودية ودولة الاحتلال.
والمحور الثاني، الذي يركز الاحتلال الإسرائيلي على تحقيقه من إعلان التطبيع مع حزب الله اللبناني، هو تضييق الخناق أكثر على الحكومة السورية برئاسة بشار الأسد، ووقف الدعم الذي يقدمه الحزب إليه.
مكاسب إيران من التطبيع
عملية التطبيع بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، تتم بموافقة تامة من النظام الإيراني؛ إذ أن حزب الله تابعًا للحرس الثوري الإيراني ولا يستطيع قيادات الحزب اتخاذ مثل هذا القرار المصيري دون الحصول على موافقة إيران.
ولعل أسباب موافقة النظام الإيراني على التطبيع بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، تكمن في إعطاء نظام الملالي الضوء الأخضر لبدء تخصيب اليورانيوم.
والذي يؤكد ذلك أن اللقاء الذي جمع بين مبعوثي الكيان الإسرائيلي وحزب الله اللبناني بوساطة روسيا، تزامن مع تصريحات وكالة الطاقة الذرية ببدء إيران الدخول في المرحلة الثالثة من تخصيب اليورانيوم، إضافة إلى (وهذا هو الأهم) تصريح وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي أنهم مستعدون للتعاون مع إيران، في تصريح هو الأول من نوعه.
وقالت صحيفة العرب اللندنية: إن تزامن زيارة أشكنازي، مع وجود وفد من حزب الله لا يبدو أمرًا بريئًا، وقد يكون في سياق مسعى روسي لتطبيع الأوضاع الحدودية الملتهبة بين الجانبين، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون حصول حزب الله على ضوء أخضر إيراني، كون الحزب تابعًا بشكل مباشر للحرس الثوري الإيراني.