على مدار أكثر من 15 عاما، تحولت الوحدات السكنية المخصصة لمحدودي الدخل وإسكان الشباب بالمدن الجديدة إلى "سبوبة" لصنع المال من مالكي تلك الوحدات تارة ومن سماسرة العقارات تارة أخرى.
وعلى الرغم من تخصيص آلاف الوحدات السكنية بالمدن الجديدة لمحدودي الدخل بمحافظة المنيا ونقلهم لحياة أكثر آدمية ورُقي بدفع مبالغ مالية بسيطة كمقدم لتلك الوحدات وصل بعضها إلي 1000 جنيه فقط منذ ما يقرب من 20 عاما ويستمر مالك الوحدة السكنية في دفع قيمة إيجارية زهيدة يصل بعضها إلي 75 جنيها في الشهر الواحد لعدة سنوات حتى يكمل دفع ثمن الوحدة لوزارة الإسكان إلا أن عدد كبير من مالكي تلك الوحدات يقومون بعرض وحداتهم السكنية للإيجار بعشرة أضعاف سعر إيجارها لتحقيق أرباح لملاك الوحدة.
لم ينته الأمر بقيام مالكي الوحدات السكنية التابعة لوزارة الإسكان بعرضها للإيجار أو للبيع بل مع تزايد المعروض من الوحدات السكنية المخصصة لمحدودي الدخل وإسكان الشباب والتعاونيات تفرغ عدد كبير من السماسرة لصنع المال من وراء هذه الوحدات.
في هذا الصدد، قال محمد أنور، أحد مستأجري الوحدات السكنية بالمنيا: "إنني قدمت عدة مرات لدى وزارة الإسكان للحصول على وحدة سكنية ضمن الوحدات السكنية المخصصة لمحدودي الدخل في مدينة المنيا الجديدة ورغم احتياجي لها وعدم امتلاكي لوحدة سكنية قررت استئجار وحدة سكنية بنظام دفع الايجار بالنظام الشهري".
وأضاف أنور، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر": "بدأت منذ أكثر من 7 سنوات باستئجار وحدة سكنية من غرفتين وصالة وحمام ومطبخ مقابل دفع 400 جنيه لمالك الوحدة الذي تركها لعدم حاجته لامتلاكه منزل أخر، فضلا عن دفع مبلغ مالي تأميني لصاحب الوحدة حال حدوث أي مشكلات في الوحدة على أن يتم استردادها مرة أخرى عقب إنهاء عقد الإيجار وتزداد قيمة الإيجار كل عام عن العام الذي يسبقه".
فيما قال محمود صلاح، أحد المستأجرين بالمنيا، إن الجميع يلجأ لاستئجار وحدة سكنية بالمدن الجديدة؛ نظرا لارتفاع ثمن الوحدات السكنية داخل حيز المدن القديمة، لافتا إلى أن الوحدات السكنية تختلف أسعار إيجارها حسب المكان، حيث أن الوحدات المخصصة لمحدودي الدخل تعد هى الأقل من حيث الأسعار، ويليها مساكن الشباب، ثم التعاونيات وأكثرها ثمنا تلك الوحدات التي تقع في حيز الفلل وإبني بيتك، ومن ثم يتاح مالكي تلك الأراضي أن يقوم ببناء عدة طوابق ويطرح تلك الطوابق للبيع أو الإيجار.
واستكمل قائلاً: "أنني حاليا مستأجر لوحدة سكنية تضم غرفتين وأقوم بدفع 900 جنيه لمالك الوحدة السكنية شهريا رغم أنه مازال يقوم بتسديد ثمن تلك الوحدات ولم ينته منه، لكنه لم يرغب في العيش فيها بل يرغب في التربح من ورائها".
ومن جانبها، أكدت أسماء شريف، إحدى أهالي المنيا، أن الوحدات السكنية المخصصة لمحدودي الدخل وإسكان الشباب والتعاونيات الجميع يعلم أنها تقدم بشكل علني للبيع تارة والاستئجار تارة أخرى، مشيرة إلى أن الوحدات السكنية لمحدودي الدخل هى الأقل ثمنا وهناك وحدات أخرى تابعة لكموبندات خاصة يزيد سعرها عن سعر الوحدات التي قامت الحكومة بطرحها لمحدودي الدخل والتي يقطن بها عدد كبير من السوريين المتواجدين بمحافظة المنيا.
وأضافت شريف أن لا يوجد رقابة من قبل أجهزة المدن الجديدة؛ لمتابعة مدى التزام وجدية ملاك الوحدات السكنية بمساكن محدودي الدخل وإسكان الشباب وغيرها من تواجدهم داخل تلك الوحدات عقب استلامها، حيث أن العلاقة بين الجهاز وصاحب الوحدة تنتهي بمجرد حصوله عليها، موضحة أن عملية الاستئجار باتت لدى الكثير من المواطنين عملية مربحة على مرأي ومسمع الجميع.
على صعيد متصل، قال محمد عبد الرحمن، أحد السماسرة، إن العقارات بشكل عام باب رزق للجميع وليس محرم أن نقوم بعرض وحدة سكنية من المالك إلى المستأجر فعملية الإيجار أو البيع تتم برضا من الطرفين.
وأضاف عبد الرحمن، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن ما يعود على السماسرة فقط هو الإيجار الأول الذي يقوم بدفعه المستأجر للمالك على أن يحصل مالك العقار على ثمن الإيجار بداية من الشهر الثاني ومبلغ التأمين، موضحًا أننا نقوم بشراء عقود عادية يوقعها المالك والمستأجر لمدة عام وتجدد برفع قيمة الإيجار في كل عام عن العام الذي يسبقه
وأوضح السمسار أنه يتم تخصيص مبلغ تأميني يقدمه المستأجر إلى المالك خشية وقوع أي أضرار بالوحدة السكنية، ويبدأ ثمن المبلغ التأمين من 1000 جنيه، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 500 سمسارة بمدينة المنيا الجديدة عملهم الوحيدة ولقمة عيشهم هى السمسرة في تلك الوحدات.