أردوغان يستغل رحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان ليستعيد الإرث العثماني.. تهديدات باستهداف القوات التركية.. وتحذيرات من استيلاء طالبان على السلطة

أردوغان
أردوغان

أيام صعبة وحاسمة تعيشها أفغانستان بعد خروج القوات الأمريكية والرحيل المفاجيء للولايات المتحدة عن البلاد بعد 20 عامًا من احتلالها، ما تسبب في حالة من الانفلات الأمني داخلها.

وازدادت الأوضاع الأمنية سوءً خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد فشل محادثات السلام بين طالبان وممثلي الحكومة والجماعات السياسية في قطر، عن أي نتائج، كما لا توجد حتى الآن مؤشرات بشأن وقف إطلاق النار.

واستغلت حركة طالبان فرصة الفراغ الأمني مع انسحاب القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان، وكثفت من هجماتها وتقدمها، ما يشير حتى الآن إلى أن جميع العوامل والأسباب جاهزة لاقتناص طالبان السلطة في أفغانستان.

واستغلت تركيا الوضع داخل أفغانستان لتخلق لنفسها فرصة للتواجد وإيجاد دور لها على أراضيها، مع انسحاب القوات الأجنبية خاصة الأمريكية من أفغانستان.

و تحاول تركيا ملء الفراغ الذي خلفه الوجود الأمريكي والناتو،كانت القوات التركية شريكة مع قوات الناتو في أفغانستان على مدار العشرين عامًا الماضية، وبالطبع اكتسبت طوال تلك الفترة خبرية ميدانية كبيرة قد تساعدها على التمدد داخل أفغانستان.

وتجري تركيا محادثات مع واشنطن للحفاظ على وجود عسكري في أفغانستان، وتردد أن أردوغان وبايدن توصلا إلى “اتفاق عام” بشأن الأمن في مطار كابول بعد انسحاب الناتو والولايات المتحدة.

والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرًا بنظيره الأمريكي جو بايدن في بروكسل وقال إن القوات التركية يمكنها البقاء في كابول بعد انسحاب الناتو والولايات المتحدة لحماية مطار حامد كرزاي.

ومع ذلك، شدد أردوغان على أنه من أجل تنفيذ هذه المهمة، يجب على الولايات المتحدة دعم تركيا في الشؤون الدبلوماسية واللوجستية والمالية، وكذلك باكستان والمجر.

في الوقت نفسه، قوبل الإعلان عن استمرار الوجود العسكري التركي في أفغانستان برد فعل حاد من طالبان، الذين هددوا تركيا ببدء الصراع.

وفي هذا السياق، قال محمد نعيم وردك المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان: “إننا نعارض بقاء تركيا في أفغانستان بحجة تأمين مطار كابول، إذا بقيت القوات التركية في أفغانستان، فسنقاتلها”. وأضاف نعيم وردك إن “أنقرة تعهدت بالفعل بعدم اتخاذ أي إجراء لا نقبله”. لسوء الحظ، سمعنا لاحقًا في وسائل الإعلام أنهم ينوون البقاء في أفغانستان، هذا الموضوع انتهى ولا يوجد حديث عنه مع تركيا”.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووشو، إن مطار كابول هو “بوابة أفغانستان إلى العالم” وإن الحكومة الأفغانية متفقة مع بقاء القوات التركية في تأمين المطار. وردا على تصريحات وزير الخارجية التركي، شدد وزير الخارجية الأفغاني “محمد حنيف أتمار” على أهمية دور تركيا في تأمين مطار حامد كرزاي في كابول بعد انسحاب القوات الأمريكية، وأشار إلى أن أفغانستان مستعدة للتعاون مع تركيا في هذا الصدد. في الوقت نفسه، أثار عرض باكستان التعاون مع تركيا حساسية الحكومة الأفغانية. بالطبع، تجدر الإشارة إلى أن تركيا بحاجة إلى هذا التعاون بسبب علاقتها الخاصة مع باكستان وتأثيرها على طالبان.

وفي إشارة منه لطموحه في التمدد داخل أفغانستان، كشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن موقفه من تمدد حركة طالبان في أفغانستان، وبيانها الأخير الذي أصدرته بشأن تركيا.

وقال أردوغان: إن حركة طالبان، يتوجب عليها إيقاف احتلال أراضي إخوانهم بالقوة، وإنهاء تلك الحركات والأعمال التعسفية والطائشة.

وأضاف الرئيس التركي، أن على طالبان أن يبادروا بشكل فوري، لإظهار السلام، والتشجيع على نشره وليس منعه أو مكافحته.

وأشار أردوغان إلى أن الأسلوب التي تنتهجه الحركة، في تعاملها وتصرفاتها، ليس هو الأسلوب الذي يتعامل به المسلمون مع بعضهم.

وتسيطر حركة طالبان، على 80 بالمئة من الأراضي الأفغانية، ولا زالت عملياتها مستمرة في البلاد، وفي المقابل تكثف تركيا من جهودها، لإدارة مطار كابول، بعد انسحاب خلف شنال الأطلسي منه، وتأمين الدعم الكامل لقواتها بتلك المهمة.

ووضع الرئيس التركي شروطًا لقيام تركيا بمهمة تأمين مطار العاصمة الأفغانية كابل عقب الانسحاب المقرر للقوات الأميركية وقوات «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» المقرر اكتماله بحلول 11 سبتمبر المقبل.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن بلاده تدرس إمكانية تشغيل مطار كابل في أفغانستان، في حال تلبية شروطها، وستناقش مع حركة «طالبان» المستاءة من بعض الأمور ملف أفغانستان والمسيرة المتعلقة بتشغيل المطار.

وأضاف أردوغان أن "هناك الآن حقبة جديدة، حيث قررت الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان، وتركيا كانت تقوم بتشغيل مطار كابل بالفعل منذ 20 عاماً، والآن هناك رغبة لمواصلة تولينا هذه المهمة، ونحن ننظر بإيجابية لهذا الأمر".

وتابع إردوغان: "لدينا بعض الشروط التي عرضناها على الولايات المتحدة... على واشنطن أن تقف إلى جانبنا دبلوماسياً ولوجيستياً، وفي حال تحققت شروطنا؛ فإننا سندرس إمكانية تشغيل المطار".

وقال الرئيس التركي: "كما أجرت (طالبان) بعض المحادثات مع الولايات المتحدة... ربما ينبغي عليها إجراء مثل هذه المحادثات مع تركيا بشكل أكثر أريحية. أعتقد أنه يمكننا مناقشة هذه القضايا والاتفاق مع (طالبان) بشكل أفضل".

التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة في أفغانستان يدفعنا للتساؤل حول تفاصيل الصفقة التي تم التوصل إليها بين الجانبين، والتي تشير إلى أن التنسيق أصبح أكبر من مجرد إدارة مطار العاصمة الأفغانية بعد انسِحاب القوات الأمريكية في أوائل سبتمبر المقبل، وما هو الثمن الذي ستَحصل عليه أنقرة مقابل قيامها بدور الوكيل لأمريكا في أفغانستان خلال المرحلة المقبلة.

ومن المؤكد أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان سيترك فراغا، قد تسارع حركة طالبان المتمردة إلى سده، خاصة في ظل ضعف الحكومة المحلية.

وفي ظل هذه المعطيات، برزت تركيا التي عرضت تحمل أعباء أمنية بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانسان.

ويدور الحديث حاليا عن أن الدور التركي سينحصر في تأمين مطار العاصمة كابل، الذي يعتبر منشأة استراتيجية بالغة الأهمية، إذ يعد مركزا اقتصاديا وعسكريا ولوجستيا.

لكن عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتولي مهام أمنية في أفغانستان، كان مقرونا بطلب دعم مالي ولوجيستي وسياسي، لتتمكن بلاده من إدارة وحماية المطار.

وأعلنت حركة "طالبان"، أنها تسيطر على 90 في المئة من الحدود العامة لأفغانستان مع الدول المجاورة.

وأوضح الناطق الرسمي باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد أن معظم أجزاء الحدود الأفغانية الأوزبكية تخضع لسيطرة طالبان، مشيرًا إلى أن الحدود مع تركمانستان والحدود مع إيران تحت سيطرتهم بصورة كاملة.

المتحدث باسم "طالبان" إلى أن الحركة "لن تسمح بالوجود العسكري لتركيا في أفغانستان، وتطالبها بحل القضايا وسحب قواتها العاملة ضمن حلف الناتو"، وذلك في أعقاب الاقتراح التركي لتأمين مطار كابول بعد خروج القوات الأجنبية.

وقال إن "تركيا اتخذت هذا القرار بحجّة أمن المطارات، ونحن رفضنا هذا القرار ولن نقبله"، مضيفاً "أننا لا نؤكد، بصورة عامة، أن تركيا أعلنت أنها ستجلب قوات سورية أو غيرها إلى أفغانستان، لأن وجود مثل هذه القوات لا يساعد على تحسّن الوضع الراهن".

ويتوقع المراقبون حرب أهلية أخرى أو استيلاء طالبان على السلطة، بينما حظرت الجماعة المسلحة التدخين وحظرت الرجال من الحلاقة في بعض المناطق التي تسيطر عليها، مما بدا وكأن عقدين مضيا وكأنهما سراب.

و لا يوجد لتركيا قوات قتالية في أفغانستان، لكنها دعمت عمليات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هناك منذ عام 2002. وقد ساعدت القوات التركية في تدريب ضباط الجيش الأفغاني والمدربين ووحدات الكوماندوز، وتقود وحدة تركية حاليًا القوة متعددة الجنسيات التي تدرب وتقدم المشورة و يساعد الفرق العسكرية الأفغانية في كابول.

وذكرت صحيفة ذا ناشيونال، أن تركيا تسعى إلى تولي الأمن في مطار حامد كرزاي الدولي في كابول. فالصفقة ليست نهائية بعد، لكن المسؤولين الأمريكيين وحلف شمال الأطلسي أكدوا اهتمامهم في سيطرة القوات التركية على رمز مهم ومركز لوجستي واقتصادي وعسكري. ويُقال إن المحادثات الأمريكية التركية الأسبوع الماضي قد أحرزت تقدمًا حقيقيًا.

ولكن في الأيام الماضية هددت طالبان باتخاذ موقف ضد القوات التركية إذا بقيت في أفغانستان، وحثت أنقرة على التراجع عن قرارها بشأن مطار كابول. ورفض مسؤول أمني تركي هذه التصريحات ووصفها بأنها تصريحات رمزية من طالبان وتعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بأن يكون جنديًا جيدًا في الناتو.

وفي الشهر الماضي، قدرت المخابرات الأمريكية أن الحكومة الأفغانية يمكن أن تنهار في مواجهة هجوم طالبان في أسرع وقت بعد ستة أشهر من الانسحاب الأمريكي. وهذا يعني أن القوات التي تمثل دولة تركية والتي يديرها الإسلاميون قد تتواجه مع حركة طالبان الإسلامية المتشددة .

قد تكون هناك حاجة إلى عدة آلاف من القوات التركية لتأمين مطار كابول. بالفعل، يتمركز حوالي 600 جندي تركي في أفغانستان وفي كانون الثاني، تولى الجيش التركي زمام المبادرة في مهمة استعداد الناتو الرئيسية، ووضع الآلاف من الجنود في حالة تأهب، وجاهزين للانتشار في أي لحظة. تحتفظ تركيا بقواعد عسكرية في أذربيجان وقطر، والتي يمكن أن توفر دعمًا سريعًا، ويمكن أن تعزز أنقرة وجودها العسكري من خلال استيراد بعض الآلاف من المرتزقة السوريين الذين سبق لهم ان حاربوا في ليبيا وقره باغ.

وفي المقابل هاجمت المعارضة التركية خطوة أردوغان بالتمدد في أفغانستان، واعتبر المتحدثون باسم أحزاب المعارضة، وفي مقدّمتها "الشعب" الجمهوري والحزب "الجيد" و"الشعوب" الديمقراطي، "حماس الرئيس االتركي في ملف أفغانستان مغامرة تهدد بسقوط تركيا في المستنقع الأفغاني، كما ورطتها في سوريا وليبيا، لأن الحديث عن حماية مطار كابول كلام غير جدي، لأن أميركا، وبكل قواتها وقوات الأطلسي، وهي أكثر من 200 ألف، ومعها 300 ألف من القوات الأفغانية، هُزمت أمام طالبان"، في الوقت الذي يرى الإعلام الموالي في حديث الرئيس أردوغان عن أفغانستان "فرصة تركيا التاريخية لاستعادة الإرث العثماني.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً