بدأت رحلة تصدير واستيراد مواد التدخين (التبغ) من وإلى الدول الأوروبية عبر ميناء الإسكندرية البحري من مختلف أنحاء الدولة العثمانية فى تلك الفترة، وكان لمواد التدخين دورًا كبيرًا فى عوائد الدخولية للخزينة المصرية، وقامت باستيراد التبغ خاصة الأوروبي في عهد عباس حلمي الثاني، وعرف في ذلك الوقت بـ'ملك الدخان'.
مخزن الدخان الأول للتبغ في مصر
وقال أحمد مصطفى، باحث في التراث، إن محمد علي باشا احتكر زراعة الدخان والتبغ في مصر بشكل كبير في ذلك الوقت، ولكن كانت التربة المصرية في ذلك الوقت غير جيدة؛ لكي تخرج تبغًا جيدا وكان بعض أصحاب المال يفضلون الدخان الوارد من بلاد الشام ودول أوروبا لجودته.
وأضاف مصطفى، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن رسم علماء الحملة الفرنسية رصد الكثير من الصور للمصريين، وهم يتعاطون الدخان من خلال 'الجوزة' وفي عام 1810م، وأن عباس حلمي هو من قام بإنشاء أول مخزن للتبغ على مستوى جمهورية مصر العربية بمنطقة الجمرك داخل ميناء الإسكندرية.
وقال مصدر بوزارة الآثار، إن مبنى مخزن الدخان من الأماكن التراثية وتم تصميمه بشكل هندسي فريد، حيث يتكون المبنى على شكل مستطيل في الأعلى على شكل فرنتون، وتم تجهيز المخزن من الجوانب بفتاحات من الزجاج المتحرك لعميل دخول أشعة الشمس لتهوية التبغ الموجود بداخل المخزن على مدار العام.
لوحة تاريخية على جدار مخزن الدخان
وأوضح المصدر، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر' أن مخزن الدخان التاريخي حتى الآن لم يتم تسجيله في وزارة الآثار وهو أحد الأبنية التاريخية الموجودة داخل ميناء الإسكندرية وتم بنائه في عام 1896م وتوجد لوحة تاريخية على جدار المبنى من ناحية شارع الدخان داخل ميناء الإسكندرية، مضيفا أن التدخين في مصر انتشر بكثرة في مصر قبل الحرب العالمية الأولى، حيث احتكر الخديوي عباس حلمي الثاني صناعة وإنتاج السجائر حتى تم تلقيبه بملك الدخان في العالم.
صورة المخزن من الخارج
يذكر أن السجائر انتشرت قبل الحرب العالمية الأولى بأنواعها المعروفة، حيث انتشرت السجائر بطعم العرقسوس والنعناع وغيره، بل انتشر التدخين في فئة السيدات في الطبقات الثرية، حيث كانت أشهر المدخنات في مصر هى الأميرة نازلي فاضل حفيدة إبراهيم باشا، أول من قامت بتنظيم صالون أدبي في مصر كان يحضره رجال الأدب والسياسة، مثل: 'سعد زغلول والشيخ محمد عبده' وغيرهما.
المخزن
وأنشأ حلمي الثاني الكثير من المصانع حتى أنه أنشأ مصنعًا لإنتاج السجائر في بلجيكا، إلى أن من خلال احتكار وسيطرة الخديوي عباس حلمي الثاني علي سوق السجائر، كانت السجائر المصرية يتم تداولها في جميع أنحاء العالم حيث ظهرت أكثر من 100 ماركة من السجائر المتنوعة التي كانت باسم الرجال المشهورين، مثل سجائر ماسبيرو التي تم إطلاقها على رجل الآثار الشهير.
وكانت هناك ماركات عالمية يُرسم عليها معالم مصر والقاهرة في ميلانو بإيطاليا، ويتم بيعها وتسويقها في أوروبا، فيما شهدت مصر في نهايات القرن التاسع عشر إنشاء الكثير من المصانع على يد اليونانيين والأرمن مثل مصنع سركسيان للدخان وغيره.
واحتجت إنجلترا على احتكار حلمي الثاني سوق السجائر في العالم إلا أن الخديوي استمر في احتكاره لسوق السجائر، حيث كان اليونانيون يشتغلون في مصانعه، وبعد قيام الحرب العالمية الثانية بدأ كساد كبير في سوق الدخان في مصر والعالم أجمع بسبب الأزمة الاقتصادية حيث كانت الحرب الثانية مختلفة اختلافًا كبيًرا عن الحرب الأولى، خاصة بعد هجرة اليونانيين والنمساويين والسويسريين الذين كانوا يعملون في صناعة السجائر في مصر لبلدانهم في أوروبا بسبب أحداث الحرب.