خبير أمن معلومات: انتحال الصفات وصل للبث المباشر واحذروا التطبيقات غير الآمنة
جمال فرويز: المبتز بلا مشاعر وشخصيته مضطربة
أزهري: الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ الحياة والابتزاز تعدي عليها
عضو بـ"اتصالات النواب": القانون هو الحامي ولدينا إمكانيات لتعقب المجرمين
الابتزاز الإلكتروني آفة تلتهم المجتمع وبصفة خاصة الفتيات، وأثير الجدل مؤخرًا حول العديد من قضايا الابتزاز الإلكتروني، فهناك من يُفبرك صورًا خاصة بالفتيات ليتمكنوا من ابتزازهن لإجبارهن على أعمال غير أخلاقية، ويتسبب هذا في وقوع الفتيات في مصيدة الاكتئاب أو الانتحار حتى تتخلص من هذا الكابوس مثلما فعلت بسنت خالد صاحبة الـ17 عامًا بمحافظة الغربية والتي استسلمت لليأس الذي سلب حياتها بعد أن وقعت ضحية ابتزاز مجرم نشر صورًا مخلة مفبركة لإجبارها على ممارسات غير شرعية، الأمر الذي جعلها تنتحر مستخدمة حبة الغلال السامة نتيجة مرورها بأزمة نفسية.
لم يتوقف الأمر عند بسنت، إذ انتحرت فتاة تدعى هايدي شحتة، 14 عامًا من محافظة الشرقية، على غرار بسنت، بعد أن نشر أحدهم صورًا مفبركة لها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، فأصبح الابتزاز الإلكتروني كارثة تهدد حياة وأمن الفتيات خاصة المراهقات منهن.
الخطوة الأولى للضغط على الفتيات يكون عبر اختراق هواتفهن أو ما يُعرف بـ"الهاكرز" للحسابات أو الهواتف وهي الخطوة الأولى للابتزاز الإلكتروني.
أكد المهندس محمود فرج، خبير أمن معلومات، أن الأمر ليس في تهكير الهواتف والحسابات، بينما في استخدام تقنيات حديثة تواجدت وانتشرت بين أيدي العامة وتسمح بعملية الابتزاز، ويمكن حماية الحساب أو الهاتف بتغيير الرقم السري كل فترة باستمرار، وضبط من الإعدادات الخصوصية إن تم فتح الحساب من جهاز آخر يتم إرسال رسالة على هاتفي من أجل الموافقة على تسجيل الدخول حيث يمكنك منع أي شخص من الدخول لحسابك، بينما لحماية الهاتف يجب حمايته من عدم الدخول إلي أي رابط غير معلوم المصدر حتى لو كان فيديو يجب التأكد من مصدره أولا، كما حمايته من خلال الأرقام السرية لكافة التطبيقات، كما ينصح بعدم تحميل تطبيق من مصادر غير موثوق منها، وأي تطبيق غير موثوق منه لديه الكثير من السماح بالكاميرا أو الاتصال وغيره فلا أسمح بهذا الأذن إلا للتطبيقات الموثوقة.
وأوضح أن التطبيقات التي تسبب التهكير أو تساعد على الابتزاز الإلكتروني هو تطبيق deebfack أي التزييف العميق، والتي تعمل على تقنية الذكاء الاصطناعي حيث تعتمد على كافة البيانات وتعتمد على الداتا المتاحة في أي مكان، ومنها معلومات عن الشخص نفسه، حيث يعتمد مثلا على البيانات على الجهاز الخاص بي مثلا مكونات الوجه والجسم وغيره والاعتماد على كافة تفاصيله، وهذا من خلال الصور المختلفة للأشخاص الحقيقيين حيث يعرف من خلالها تفاصيله، وبالبيانات ويتم نقل وجه الشخص بتفاصيله على صورة أخرى مزيفة لاستخدامها في التزوير.
وأكد أن هذه التطبيقات لم تتوقف عند حد الصور والفيديوهات بل وصل إلى حد البث مباشر بشخصية أخرى بشكل آخر ليكون الشخصية في مكان آخر يفعل شيئًا آخر بشكل مباشر أمام العالم، هذه التقنيات أصبحت موجودة من بعد ظهورها في بحث علمي أمريكي في عام ٢٠١٦.
وأشار إلى أن طريقة الحماية منها عدم مشاركة تفاصيل حياتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محذرًا: "طرق تهكير الهواتف متوفرة وسهلة يمكن من خلال لينك معين بالضغط عليه الحصول على البيانات الكاملة عبر الهاتف، لذلك ننوه على عدم الدخول على أي لينك، حيث تعتمدوا على احتياج الأشخاص، ويجب حماية الهاتف حيث أن هناك العديد من التطبيقات التي تحصل على صلاحيات الكاميرا والميكروفون والصور، فيجب الانتباه قبل الموافقة.
وتابع: "خلال وقت قريب سندخل مرحلة الميتا فيرس، والعالم الافتراضي، إذ ستتواجد الشخصية بالكامل في العالم الافتراضي، والهيلوجرام وهو عبارة عن شغل ليزر يمكنه تصوير كل شيء بتقنية ثلاثية الأبعاد، وفي حال تهكير الهاتف بوجود تلك التقنيات ستكون حياة الفرد مذاعة مباشرة أمام الآخرين.
وعن كيفية كشف تهكير الهاتف أوضح أنه في الأغلب يكون ثقيل ومستخدم الانترنت، ويوجد تطبيقات في الخلفية لم تشغلها، نافيًا وجود أرقام تكشف الهاكرز، موضحًا أن تلك الطريقة تكشف استخدام تحويل المكالمات على هاتف المخترق فقط.
وقال عزيز سابق، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الابتزاز الالكتروني متواجد في كل العالم، وأنه غير معلوم الهوية وله الكثير من الأساليب، موضحًا أنها عملية تخلو من الاحترام والإنسانية، وهذا الأمر يعاقب عليه القانون بالحبس والغرامة، ناصحًا أي ضحية ابتزاز تحرير محضر فور حدوث ابتزاز من أي نوع، موضحًا أنه في الوقت الراهن يوجد إمكانيات كبيرة جدًا في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن طريق وزارة الداخلية لإثبات مرتكب الجرم، مضيفًا أنه في حال ابتزاز أي شخص فعليه اللجوء للطرق العرفية حتى يستطيع الوصول له، فأحيانًا يقوم شخص مجهول بابتزاز شخص تليفونيًا وتأخذ وقت للاستدلال عليه، لكن حال التعرف عليه فيكون الأمر يسيرًا، وأحيانًا يتجه بعض ضعاف النفوس بابتزاز بعض الأشخاص بدافع الانتقام، الشخصي بدور القانون ومباحث الانترنت قائلًا: "أي شخص يلجأ للقانون يأخذ حقه".
الدكتور إبراهيم محمد البيومي، من علماء الأزهر والأوقاف، أكد لـ"أهل مصر": "أنه لا يجوز للفتاة وضع صورتها في موضع تتعرض فيه لنظر الرجال الأجانب، لما في ذلك من الفتنة والإعانة على النظر المحرم، مشيرًا إلى أنه لدينا في الفقه الإسلامي مبدأ يسمى سد الذرائع ولا يخفى على عاقل أن وضع الصور على فيسبوك يؤدي إلى الفتنة ومن سد الذرائع أن نمنع ذلك وليس هناك أي ضرورة لهذا التصرف ومن شأن المرأة المسلمة الحياء والستر.
وأضاف "البيومي": "نشر البعض لشئون الحياة اليومية الخاصة، كأماكن الجلوس في المنزل مع الأسرة ومواضع النوم ومقر الاجتماع للأكل والشرب مع العائلة، مما يسمي بتفاصيل الحياة العادية ؛ أمر لا مانع منه شرعًا، ولكنه غير محبب فما الفائدة من نشره بل قد يجلب عليه من المضار والمشاكل وقد يتسبب في إيذاء مشاعر الآخرين ممن فقدوا هذه النعم فالأفضل عدم نشر ذلك وأن نشر التفاصيل الخاصة التي لا يجوز للغير الاطلاع عليها، رغبةً في زيادة التفاعل بالتعليق أو الإعجاب أو المشاركة حول ما يُنْشَر مذموم شرعًا؛ لأنَّه من قبيل إشاعة الفاحشة في المجتمع.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية جاءت بحفظ الضرورات الخمس: (الدين والنفس والعرض والعقل والمال)؛ فإن الابتزاز والمعاونة عليه هو محض اعتداء على هذه الضرورات، والله تعالى يقول: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (المائدة:٨٧) وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا”، وفي الابتزاز ترويع للغير فكان ظلمًا للنفس والغير، فالظلم جريمة حرَّمها المولى سبحانه على نفسه، فقال تعالى: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا” (رواه الإمام مسلم)، فالشخص الذي يبتز غيره ومن يعاونه عليه ظالمان مرتكبان كبيرةً، ويجب على من وقع عليه الابتزاز أن يقاومه فلا يقع فريسة لمن يبتزه.
وأشار إلى أنه في حالة تهكير هاتف الفتاة بدون علمها أو ضياعه واستخدام شخص الصور الموجودة عليه أو إجراء تعديلات للصور، فلا حرج عليها في أي شيء ولا يقع عليها ذنب، فالإثم على من اعتدى علي الهاتف وفعل ذلك.
وأوضح أنه في حالة ابتزاز الفتاة يجب الانتباه لعدة أمور فيجب أن يفهم ولي الأمر أن البنت ليس عليها ذنب في ذلك فبناء عليه يجب التعامل معها على أنها ليست مذنبة، وأنها لا وزر عليها فيما ابتليت به حيث أن الأمر ليس بيد الفتاة والوزر يقع على الفاعل، فدور الأسرة ضروري في التوعية، وأن يكون هناك دفء في العلاقة بين ولي الأمر والأبناء، وغرس القيم والقدوة الحسنة في نفوسهم، وكذلك أهمية غرس القيم والسلوكيات الدينية والأخلاقية داخل الأسرة، مثل احترام ممتلكات الغير، وغرس القدوة والمثل، وأن نضرب القدوة برسولنا الكريم(صلى الله عليه وسلم)، وغرس قيم الإخلاص في العمل، واستشعار رقابة الله سبحانه وتعالى ومساعدة الآخرين، وزرع الرقابة الذاتية التي تنبع من داخل الإنسان، من خلال ممارسة الأسر لأدوارها التربوية، وتنشئة الشباب على قيم الشريعة الإسلامية، ويجب الوقوف بجانبها وعدم توبيخها أو توجيه اللوم لها كما يجب تقوية الوازع الديني لديها حتى لا تفكر في الانتحار، فيجب تنبيه الفتاة لهذه الأمور حتى لا تقع فريسة للانتحار.
الدكتور جمال فرويز، استشاري علم النفس، قال لـ"أهل مصر"، إن المبتز إلكترونيا شخصية مضطربة ومضادة للمجتمع، يملك الكثير من الصفات منها السلبية واللامبالاة وعدم اهتمام بنتائج التصرفات الخاصة به، لا يملك المشاعر والأحاسيس، مؤكدًا أن هذا نتيجة الاضطراب في الشخصية ولكنه ليس مرض.
وأرجع فرويز السبب إلى سوء تربية الشاب المبتز إلكترونيا في الحالتين سواء تشدد أكثر من اللازم أو تهاون أكثر من اللازم، ففي الحالتين تخرج شخصية غير سوية، تملك الكثير من الكره للمجتمع الذي هو فيه، مما يجعله يتصرف بدون إدراك للخير والشر بالنسبة له، لذا يقدم على أن يقوم بأي شيء يدور بعقله ليحصل على مكاسب سواء مادية أو مكاسب جنسية أو غيره.
بينما أرجع الدكتور جمال التهديد لما هو متاح للمبتز إلكترونيا ومقدار خبرته في الابتزاز الالكتروني، فهناك من يبتز لغرض المال، وهناك من لديه القدرة على التهديد بأسلوب معين ولديه الصبر ليلعب بأعصاب الضحية، ويعتمد على خبرته وقدراته العقلية، حيث كلما زادت القدرات العقلية كلما كان الابتزاز به نوع من المكر، وإن كان قدراته العقلية منخفضة سيملي احتياجاته بشكل ضعيف.
كما نصح الاستشاري النفسي، بضرورة المواجهة للضحية في مقابل المبتز إلكترونيا، مشددا على أنه كلما كانت الضحية لديها قوة وثبات انفعالي ورباطة جأش قوية وواجهت المبتز إلكترونيا، كلما ستستطيع التغلب على الموقف، بينما كلما تكون خائفة وضعيفة، كلما يستغل هذا المبتز إلكترونيا، ويزيد عليها الضغوط، حيث يستغل المبتز ضعفها وقلة حيلتها وخوفها، ناصحا أنه كلما يكون لديها ثبات انفعالي وامتلاكها لمن يحميها ويدعمها من الأسرة كلما ستستطيع تجاوز هذه الفترة.
بينما نصح فرويز، بمواجهة الابتزاز، وحيث يمكن لمباحث الإنترنت القيام بدورها للقبض عليه، حيث هو دائما يلجأ إلى السر لعدم فضح سلوكه غير السوي، حيث أن الصور ونشرها تعتبر دليل إدانة ضده، حيث يعتمد المبتز على نقطة التخويف فقط، موضحًا أن ردود أفعال الأهل دائما في هذه المواقف هو أنهم دائما يوجهون التهم للبنت في شرفها وأدبها وأخلاقها، والوقوف ضد ابنتهم، ويخرجون غضبهم على ابنتهم، لكن الأصح هو تمالك الأعصاب والهدوء وتناول الموضوع بأكثر حكمة وأقل انفعال ودعم البنت في موقفها، سيسهل أن يمر الأمر بسلام، كما أن الثبات الانفعالي والقبض على المبتز إلكترونيا واصفا بأنه "قذر" هو الوسيلة لتبرئة الفتاة من التهم، والتشهير به بأنه المبتز إلكترونيا وأنه تم القبض عليه بالتهمة سيعرف الجميع أنها بريئة مما قاله قائلًا: "لن أذهب لأبرر لكل من عرف".
كما نادى الدكتور جمال فرويز بضرورة تشديد العقوبات على أمثال هؤلاء، كما أن الإعلام عليه كما يذكر الحادثة والفضيحة، على الإعلام تناول القضية وحصول المبتز على جزائه وعقوبته، كلما تم التركيز على العقوبات المشددة على المبتز إلكترونيا، سواء حصوله على حكم 5 سنوات مثلا أو حرم من الجامعة أو غيره من العقوبات، فلا يجب ذكر المشكلة بدون ذكر القضية وحلها وتركها من أجل البحث عن أخرى، حيث عند الإعلان عن قضيته وعقوبته سيحاسب كل الأهل أنفسهم بسبب إهمالهم في تربيته، وقتها سيراجع الشخص نفسه أكثر من مليون مرة قبل أن يقوم بالابتزاز على أي فتاة. مؤكدا أن الانتحار ليست وسيلة لحل المشكلة حيث أن الانتحار ليس لأي فتاة عصابية مراهقة، أي تكون في مرحلة المراهقة وطبيعة الشخصية عصابية، مما يجعلها تلجأ إلى الانتحار كهروب من الموقف الضغط وهذا يرجع إلى عدم وقوف الأهل مع الفتاة، حيث أكد لحماية الفتاة من الانتحار والحالة النفسية السيئة من وراء أزمة الابتزاز الإلكتروني هو وقوف الأهل داعمين للفتاة. كما نصح الدكتور فرويز أن لا يجب أن تتفاخر الفتاة بصورها في مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم زيادة التفاصيل عن أخبارهم الشخصية على الصفحات الشخصية على فيسبوك وغيره، وهذا مما يصعب وصول هذا "القذر" لها حيث أن المبتز هو عبارة عن صياد يبحث عن الضحية، وعند حصوله على الفتاة المناسبة يبتزها، بينما أيضا في حالة حدوث عطل في الهاتف عليها التأكد من مكان التصليح وأن تختار من هم أكثر أمانة وثقة والأفضل التوكيل، فلا تذهب إلى مكان مشكوك فيه.
وأكد "فرويز"، أن المبتز إلكترونيا يفتقر إلى الحياء والأخلاق والدين، ناصحا من يجد مبتزًا أن يوضح له بصرامة أن عقوبتها السجن وعليه أن يمتنع تماما عن هذه الجريمة، وأنه بمجرد أن يفعل هذا سيكون أيضا مكروه اجتماعيا منهم، فيصبح كالمشرد، ولا يعتمد تقويمهم على الاستعطاف مثل "أنها مثل أختك أو والدتك" وغيرها فهو لا يملك هذه المشاعر.