تصريحات إعلامية مشبوهة تتهم المؤسسات الدينية بعدم التصدي للإلحاد.. وعلماء الأزهر: كفانا الكلام الكذوب

الإلحاد
الإلحاد

هجوم إعلامي على المؤسسات الدينية بادعاء أنها لا تواجه الظاهرة

د. عصام الروبي: الأزهر يتصدى وهو قبلة العلوم الشرعية

عبدالله رشدي: اتركوا الدين في حاله وسنجد بديلًا لـ'إمام الدعاة'

د. آمنة نصير: كفانا الكلام الكذوب.. والمؤسسات الدينية لن تذهب وتطرق الأبواب لتوعية كل الناس

عادت قضية الإلحاد والملحدين مرة أخرى للمشهد الإعلامي، وادعت بعض المنابر الصحفية أن مصر الأولى في عدد الملحدين في الوطن العربي.

هذه المعلومة الإحصائية قيلت هكذا مجردةـ دون الاستناد إلى مصدر إحصائي أو دراسة، أو حتى تقرير موثق، وهذه المعلومة ليست دقيقة على الإطلاق ولا يُمكن أن تكون كذلك، فمصر التي بها الأزهر والإفتاء والعلماء لا يمكن أن تكون هكذا.

الدعوة لتضخيم عدد الملحدين في مصر وربما إثارته كان الهدف منها النيل من المؤسسات الدينية، ومحاولة اتهام هذه المؤسسات بأنها لا تواجه الإلحاد، مع ذكر أرقامًا لميزانيات هذه المؤسسات، وأنها فشلت في إيجاد بديل للشيخ محمد متولي الشعراوي خلال الفترة الماضية.

التصريحات المشبوهة التي قيلت كـ'طق الحنك' عن الإلحاد، لم تجد شيئًا ترشق به الأزهر إلا حجارة الإلحاد، ويكأنهم لم يجدوا في الأزهر عيبًا فقالوا: 'لا يُحارب الإلحاد'.

الملفت في هذه التصريحات أنها اتهمت المؤسسات الدينية بأنها لم تجد بديلًا للشيخ الشعراوي، تجاهلت القول المأثور لإمام الدعاة: 'من يقول عن مصر أنها أمة كافرة، مصر التي صدرت الإسلام إلى كل العالم، وصدرته حتى للبلد التي نزل فيها الإسلام، من يقول عنها إنها أمة كافرة، فمن المؤمنون؟.

ظاهرة الإلحاد ليست حديثة الولادة، ولا وليدة القرن العشرين، وإنما موجودة منذ أن قديم الأزل، فمع وجود اليهودية فقط كان هناك ملحدين، ومع اليهودية والمسيحية كان هناك ملحدين، ومع وجود الإسلام والمسيحية واليهودية هناك ملحدين أيضًا.

الإلحاد أزمة وظاهرة

بشكل عام فإنه على مدار تاريخ الإنسانية فإن عدد المؤمنين بوجود إله سواء كان إيمانهم مستندا لديانات سماوية أو ديانات أرضية كان دوما أكثر من عدد الملحدين، ووفقا لعالم الاجتماع فيل زوكرمان، تتراوح التقديرات الضخمة لأولئك الذين لا يؤمنون بوجود إله ما بين 500 و750 مليون شخص حول العالم.

تشير تقديرات أخرى إلى أنّ هناك ما بين 200 و240 مليون شخص يعرّفون أنفسهم بأنهم ملحدون حول العالم، مع وجود أغلبهم في الصين وروسيا.

وفقًا لمراجعة عالِمي الاجتماع أرييلا كيزار وجوهام نافارو ريفيرا للعديد من الدراسات العالمية حول الإلحاد، هناك ما بين 450 و500 مليون ملحد مُتيقن و'لا أدري' حول العالم (7% من سكان العالم)، مع وجود معظم الملحدين في الصين (200 مليون ملحد مقتنع).

من بين الملحدين وغير المتدينين حول العالم، يعيش 76% منهم في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، بينما يعيش الباقي في أوروبا (12%)، وأمريكا الشمالية (5%)، وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (4%)، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (2%)، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا (أقل من 1%)

وفقا لهذه الأرقام فإن عدد الملحدين في الشرق الأوسط شمال إفريقيا التي تنتمي لها مصر وهى دولة من بين 21 دولة شملهم المسح في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتراوح بين 2 مليون و7.5 مليون نسمة وفقا لأعلى التقديرات، ولا يزيد عدد الملحدين في جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن 4.5 مليون إلى 5 ملايين وفقا للإحصائيات التي اعتمدتها دراسات في علم الاجتماع، وإذا أخذنا في الاعتبار أن عدد بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 16 دولة مصر والكويت وإيران وتركيا والسعودية واليمن وسوريا والأردن والإمارات وإسرائيل ولبنان وفلسطين وسلطنة عمان والكويت وقطر والبحرين، يضاف لهم 5 دول هي ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا، فإن عدد الملحدين في 21 دولة من بينهم مصر لا يزيد وفقا للأرقام المحققة عن 4.5 ملايين إلى 5 ملايين نسمة، ولا يوجد أي دليل موثق خلاف ذلك على عدد الملحدين في كل دول من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن يمكن بنسبة عدد السكان وعدد بلدان المنطقة الجغرافية التي تأكد فيها وجود هذا الرقم من الملحدين أن نحدد أن كل دولة سوف لن يزيد فيها عدد الملحدين عن مئات الآلاف حيث تظهر بيانات سابقة لهيئة الإذاعة البريطانية أن تونس بحكم تكوينها الثقافي المنفتح ولبنان ثم الجزائر هي الدول الأعلى ترتيبا في أعداد الملحدين بين نظرائهم من باقي سكان دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

المواجهة

علق الدكتور عصام الروبي، أحد علماء الأزهر الشريف على التصريحات عن أعداد الملحدين قائلًا: 'الأزهر الشريف يتصدى للتطرف والإلحاد بكافة الطرق عن طريق مرصد الأزهر الشريف للرد على الفتاوى التكفيرية والإلحاد وغيرها من الفعاليات والندوات، وأنا كرجل دين وتابع لمؤسسة الأزهر تصديت شخصيا لهذه الظاهرة عن طريق تقديم العديد من البرامج الدينية أبرزها برنامج 'المهتدي'، وبرنامج 'ليطمئن قلبي'، وناقشنا فيها كل ظواهر التطرف، ولكن موجات الإلحاد موجودة في كل الأماكن'.

وتابع الروبي في تصريح خاص لـ'أهل مصر': الأزهر هو قبلة العالم في العلوم الشرعية ويتصدى لكل الموجات التكفيرية، ودوره لا ينكره أحد، والإلحاد موجة وستنتهي، ونحن كعلماء قمنا بالرد والتصدي لهذه الموجة'.

وواصل 'الروبي: 'الإخوان قدموا صورة سيئة عن الإسلام، وتركت انطباعًا سيئًا في أذهان الشباب، مشيرا إلى أن مواجهة الإلحاد تتم عن طريق التوعية الإعلامية وفي المدارس والمعاهد والجامعات'.

وأكمل الروبي: 'فيسبوك يمنع وصول التوعية ويقف حائلا في نشر التوعية، ويمنع كل كلمات التطرف والإلحاد، ويحظر توعية الناس، وفي المقابل يهدف للترويج للأفكار المتطرفة والإلحاد'.

شو إعلامي

وفي نفس السياق، وجه الداعية عبدالله رشدي رسالة للإعلاميين قائلا: 'سيبوا الدين في حاله وبطلوا تهاجموا ثوابت الدين وهيكون عندنا بديل للشيخ الشعراوي قريب إن شاء الله'.

وتابع رشدي: 'الأزهر والإفتاء وجميع المؤسسات الدينية تناضل وتكافح الفكر المتطرف، والإلحاد، وهذه تعتبر أمراض وهناك مقاومة لها، عن طريق مراصد الأزهر والإفتاء'.

ومن جانبه، رفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهرالتعليق علىالأمر قائلا: 'أنا عندي تحفظ كبير على الإعلام الخاص لأنه يميل دائمًا للإثارة '.

وقالت الدكتور آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إنه يجب على من يتحدث في الدين وعن المؤسسات الدينية أن يتحرى الدقة، كفانا الكلام الكذوب في كل وقت وكل صباح، وكفانا الحديث في أي شيء من أجل الإثارة لأن الأزهر والإفتاء لهما دور كبير في مكافحة الإلحاد عن طريق منابر المساجد وفي الندوات غيرها من الطرق الأخرى.

وتابعت 'نصير'، في تصريحات خاصة لـ 'أهل مصر': 'مكافحة الإلحاد لا تتوقف على دور المؤسسات الدينية فقط، ولكن التربية لها دور كبير في مواجهة هذه الظاهرة، والمؤسسات الدينية لن تذهب وتطرق الأبواب لتوعية كل الناس'.

طرق التصدي

كان الدكتور الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، كشف في وقت سابق عن أفضل الطرق لمواجهة تحول أحد الأبناء إلى الإلحاد.

وقال الأزهري: 'عندما ترى أي أسرة ابنها يتجه للتفكير الإلحادي، فإنه يتعين على الوالدين استيعابه، والتعامل معه بسعة صدر، ولا يضيقان به، أو ينهراه، وإنما يجب التعامل معه سواء كان ابنا أو ابنة من خلال المدخل العلمي الصحيح.

وأضاف الأزهري: 'يجب اللجوء للأزهر الشريف، حتى يستطيع الأبوان الحصول على تحليل علمي سليم، لأنهم لن يقدروا على الموضوع بمفردهم'.

وتابع: 'على الأب أن يقول لابنه ادرس واقرأ، ولا ينصدم منه أو يشعر بالضجر، أو يعامله بحدة، كما لا يجب أن يسلك معه مسالكه في الإقناع، لأنه ليس لديه دراية بالمشكلات العلمية التي لدى الابن'.

واختتم الأزهري: 'الابن في هذا الموقف أحوج الحاجة إلى نقاش علمي رفيع المستوى، يجب على الأزهر الشريف تقديمه للمجتمع، وألا يُترك الآباء لمهارتهم الفردية في التعامل مع تلك الأزمة'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً