انسحاب معظم صغار المربين من الأسواق.. أزمة فراخ أمام المواطن قبل رمضان

أزمة الدجاج قبل رمضان
أزمة الدجاج قبل رمضان

باتت أزمة الدواجن الشاغل لدى عموم المواطنين خاصةً قبل حلول شهر رمضان، الذي يتضاعف فيه استهلاك الأسر عن المعدل الطبيعي، ورغم الحديث الرسمي حول انفراجة الأزمة بالإفراج عن الأعلاف بالموانئ، إلا أن الواقع يحمل حقائق مغايرة، وهي نقص المعروض من الدجاج والارتفاع الأسعار بل وتباينها حسب كل منطقة.

وفي محاولة البحث والوصول للأسباب، وجدنا أن الأزمة تتفاقم، خاصةً مع انسحاب صغار المُربين من السوق، وانعدام المعروض لدى صغار التجار 'الفرارجية' في عُمق الأحياء والمناطق السكنية، وسط مطالبات بضبط سعر كيلو الدجاج للمستهلك، وحقيقة استبدال الدولة الدواجن الطازجة بالمجمدة عبر منافذ التموين الكبيرة.

أكد ثروت الزيني، رئيس شعبة الأعلاف، أن الدولة لم تشهد أزمة في قطاع الدواجن منذ 15 عاما وقت 'انفلونزا الطيور' سوى هذه الأيام بسبب أزمة الأعلاف، مؤكدًا أن مصر تحتاج 900 ألف طن علف وصويا شهريا لحل المشكلة، موضحًا أن الأزمة التي تواجه القطاع لم تكن في الإفراج عن الأعلاف بالموانئ خاصةً وأن الطن منه يُباع حاليا بـ22 ألف جنيه، رغم أن سعره الحقيقي 13 ألف جنيه نتيجة نقص المعروض.

واستكمالا للبحث عن جذور الأزمة، أوضح محمود العناني، رئيس الاتحاد العام لمُنتجي الدواجن، أن الأعلاف التي تم الإفراج عنها ذهبت للسوق السوداء بسبب 'جشع التجار' وهو ما نراه في عدم انخفاض السعر حتى الآن، رغم إفراج الحكومة على كميات كبيرة من العلف، لأنها تذهب لعدد معين من التجار يستخدمونها في السوق السوداء.

وأضاف: 'قبل أزمة العلف كان التاجر يربح حوالي 500 جنيه في طن الذرة والصويا، لكن حاليا يكسب حوالي 4 آلاف جنيه في طن الذرة، و20 ألف في طن الصويا وهذه أرقام ضخمة وتشكل عائقًا على المستهلك أو 'صغار المُربين' في تربية وإنتاج الدواجن والحل هو استخدام القمح العلفي كعلف بديل للدواجن وهو متوفر وتستخدمه دول كثيرة'.

وأكد دكتور سيد خضير، الخبير الاقتصادي، أن أزمة صناعة الدجاج مصدرها نقص الأعلاف، وأنه منذ 1 يناير حتى اليوم تم الإفراج عن أعلاف ومستلزمات علف بقيمة 9 مليارات دولار، وهي بداية لحل الأزمة، إلا أننا الفترة المقبلة في حاجة إلى رقابة شديدة على الأسواق من وزارة التموين، وعمل ضبطية قضائية لحماية المستهلك من الجشع.

وأضاف أن الدولة تحتاج في صناعة الدواجن، إلى استيراد نسبة كبيرة من العلف': ولكن كيف سيتم ذلك في ظل أزمة نقص الدولار؟، هنا يأتي قرار الدولة بإلغاء العمل بالاعتمادات المستندية والعمل بنظام مستندات التحصيل والتي ستُسهّل من عملية استيراد نسبة كبيرة من مستلزمات الأعلاف.

أزمة الدجاج ونقص المعروض

المتسبب في الأزمة

أكد وائل إبراهيم صاحب مزرعة دواجن، أن الأزمة لم تكن من أصحاب المزارع، وهم مفروض عليهم الأسعار 'أمر واقع' موضحًا: 'تكلفة الدجاجة حاليا تصل إلى 140 جنيه، وصاحب المزرعة والتاجر الصغير يربح القليل ببيع الكيلو منها بـ75 جنيها، وأصبحت تكلفة الفرخة أعلى من قدرة المستهلك الشرائية.. وهذا سبب غلق عدد من مزارع الدواجن وتسريح العاملين بها، لأن القطاع يعمل فيه حوالي 15 مليون شخص.

وكشف صاحب المزرعة، عن أن هناك متسببين في الأزمة، وهم 7 أو 8 أشخاص ممن يستوردون أطنان العلف ويتحدون الدولة، ثم يخزنونها ويرفعون أسعارها على صاحب المزرعة ومنها على المستهلك.

منافذ التموين ومُنافسة الفرارجية

أكد وائل إبراهيم صاحب مزرعة دواجن، أن فئة المُربين تواجه خسارة كبيرة خلال الشهر الأخير، ما دفع الكثير منهم للخروج من منظومة العمل، وبالتالي الأزمة ستكون ليس في ارتفاع السعر فحسب، بل في عدم وجود الدجاج والبيض لأننا نحتاج حوالي 5 ملايين دجاجة يوميا، موضحًا أن خروج المُربين من المنظومة سيوجد أزمة 'رواج' السلعة، وبالتالي الدولة ستتجه لاستيراد المُجمد لسد حاجة المواطنين خاصةً في شهر رمضان، إلا أنها تواجه أزمة نقص الدولار من ناحية أخرى.

انسحاب 75% من صغار المربين

أكد إسلام رضا المتخصص في الشأن البيطري، فيما يتعلّق بانسحاب المُربيين من السوق، موضحًا توقف شركات الأمهات الفترة الأخيرة عن بيع وتوزيع الكتاكيت والبيض 'وهي المسئول الأول عن إنتاجه' إلى صغار المُربين بعد انسحاب حوالي 75% منهم من الصناعة، حيث تعتمد ثلاث أرباع صناعة الدواجن في مصر على المربين.

وأضاف، أنه رغم الإفراج عن مستلزمات الأعلاف إلا أن الإفراجات خرجت بكميات أقل من احتياجات السوق، وحتى القرار كان 'متأخرًا'، موضحا أن صغار المُربين وبعض من أصحاب المزارع والمصانع الصغيرة، انسحبوا بعد مطالبات بالعلف، وعدم وجود رد عليهم، وتسبب عزوفهم في صُنع حلقة فارغة في دائرة التصنيع، فإلى من تورد شركات الأمهات بيض الموائد وبيض الكتاكيت؟! فتوقفت نتيجة الخسارة.

وأكد 'رضا' تعرض الكثير من أصحاب المزارع والمحلات لخسائر مالية، أدت لغلق البعض في الأحياء خاصةً الفقيرة، موضحا أن سد الفجوة وعودة دائرة التصنيع والإنتاج تحتاج إلى 6 أشهر، ومن 8 أشهر إلى سنة حتى يشعر المواطن بتحسن.

احتكار مستلزمات العلف

قال الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، إنه تم ضبط 5 آلاف طن ذرة، و7 آلاف طن صويا، خزنها بعض التجار بهدف غلاء أسعارها، ورغم اكتفاء الدولة من الدواجن ذاتيا إلا أننا نواجه أزمة حالية، بسبب نقص الأعلاف، بسبب احتكارها، إذ أن مصر تُنتج أكثر من مليار دجاجة و14 مليار بيضة.

وأشار إلى أن خسارة المُربي تُرهق الدولة، التي تقوم بالبحث عن بدائل لتوفير الدواجن للمواطنين في الأسواق، ومن هذه البدائل استيراد الدجاج. لذا تحرص الدولة على دعم وتنمية القطاع الداجني لمواجهة الأزمة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً