"إن بطش ربك لشديد"، "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس"، "ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة".. آيات قرآنية وأحاديث نبوية لا أحد يستطيع نكرانها أو الجدال فيها، ولكن ربما يفسر كل واحد منا القرآن والحديث على حسب هواه وبما يهدف أهدافه، وهو ما فعلته التنظيمات الإرهابية والمتطرفون استغلالا لأزمة فيروس كورونا التي اجتاحت العالم في الشهور الأخيرة.
المتابع لتعليقات المغالين في التطرف على منصات التواصل الاجتماعي، يجد أنهم ربطوا تفشي فيروس كورونا بقرب قيام الساعة وأن هذا وباء سيتمدد ولا يجدون له دواء، رغم أن الطاعون انتشر أيضا فى عهد سيدنا عمر ابن الخطاب ولم يقل المسلمون بذلك، وإنما أخذوا بالأسباب حتى تجاوزا المحنة، ولكن هي محاولات لإيجاد مساحة لهم بعدما انتصرت عليهم المؤسسات الدينية في كثير من المعارك الإفتائية والدينية.
في تقرير لمؤشر الفتاوى التكفيرية، التابع لدار الفتاء المصرية، رصدت الدار أن تنظيم داعش الإرهابي استغل أزمة كورونا لتوظيف أهدافه الخبيصة ومحاولة تجنيد الشباب واستقطابهم من خلال هذه الأزمة، إذ أصر التنظيم على ربط تفشي فيروس كورونا بمسألة الإيمان والكفر، وأن ما حل بالصين من وباء ما هو إلا عقاب من الله عليهم وكذلك إيران بعدها.
وبعد أن انتقل الفيروس إلى عدد من الدول الإسلامية، وجد التنظيم مبررا لذلك أيضا فاتهم بالمسلمون بالمعاصى وأن هذا البلاء دليل على عصيانهم، مستشهدا ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تبرهن على ذلك.
وحاول تنظيم داعش الإرهابى الانتشار لأفكاره، فكتب فى افتتاحية مجلته "النبأ" مقالين في عددين مختلفين يدافع فيها عن وجهة نظره،واصفا الصين بالدولة الكافرة الفاجرة وإيران كذلك أيضا، متشفيا فيما يحدث لهم، مؤكدا أن التشفي في مثل هذه الأمور محمود شرعا.
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن تنظيم داعش وباقي التنظيمات الإرهابية لم تترك مجالًا إلا واستغلته لدعم فكرة الجهاد ومحاولة كسب تأييد الشباب وتجنيدهم.
وأضافت الدار في تقرير لمؤشر الفتوى التابع لها، أن داعش نشرت مقالات افتتاحية في العددين (220)، (223) من صحيفة النبأ التابعة للتنظيم الإرهابي بعنوان: "إن بطش ربك لشديد"، و"ضلَّ من تدعون إلا إياه"، وأظهر التنظيم خلالهما الشماتة من انتشار الفيروس، خاصة في الصين وإيران.
ووصف التنظيم "الصين" بـ"الكافرة - الحكومة المتجبرة"، وأصدر فتوى بأنهم مستحقون للعذاب في الدنيا والآخرة، وأن التشفي في مصائبهم أمر محمود شرعًا حتى لو انتقل للمسلمين.
المؤسسات الدينية بالمرصاد
المتابع لأنشطة المؤسسات الدينية في مصر خلال أزمة كورونا، يجب أن هذه المؤسسات كانت على قدر الحدث، فلا تترك شاردة ولا واردة إلا وتفصلها وتبينها للناس حتى تجابه مثل هذه الأفكار المتطرفة والشاذة، فدار الإفتاء المصرية حريصة على تبيين كل حكم شرعي متعلق بالفيروس والرد على كل ما يصدر من التنظيمات الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك أوضحت الدار، أن استخدام تنظيم داعش الإرهابي لعناصره لنشر الفيروس يعكس ما يعانيه قادة التنظيم من الضعف في الأسلحة والأفراد؛ ما جعلهم يلجأون لأساليب تعويضية تمكنهم من المواجهة والاستمرار ومواصلة الظهور على الساحة.
وأكدت الدار، في بيان سابق لها، أن هذه الآراء المتطرفة تكشف عن عقلية معقدة وعقيمة تصطدم بالشرع التي تدعي الدفاع عنه، وذلك بقبولها إصابة الأبرياء من المسلمين وغيرهم بهذا الفيروس، مخالفين بذلك أحكام الشرع الشريف التي جاءت لحفظ الإنسان والأكوان، يقول الله عز وجل: "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها".
الأوقاف تمنع الاصطياد في الماء العكر
على التو، خرج وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، ليرد على مثل هذه الأقوال من خلال بيانات وتصريحات له، ليؤكد أن مسألة الأوبئة ليست متعلقة بقضية الإيمان والكفر، وإنما تخضع للظواهر الكونية التى تحدث في الكون كل عام، وإلا إندونسيا مثلا التى تعد من أكثر الدول عددا للمسلمين يكون السيول التى فيها عقاب لهم، وهو رأي يجافي الحقيقة.
كما وأدت وزارة الأوقاف استخدام أزمة كورونا من قبل الجماعات المتطرفة التى دعت لإقامة صلاة الحاجة في المساجد، وأكدت أنه لا أحد يستطيع منع الصلاة ولكن هناك أطراف تسعى لاستغلال هذه الأزمة، ناصحة بالصلاة في البيت كما شاء الفرد.