قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .. إن كانت الحياة كلها لله فأين مصلحة الإنسان ؟

القرآن
القرآن

يقول المولى سبحانه وتعالي في كتابه العزيز : قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (الأنعام:162)، ما هو سبب نزول هذه الآية ؟ ولماذا اقتصرت الآية الكريم على الصلاة والنسك ؟ لماذا لم تذكر الصيام مثلا ؟ وما هو المقصود بالنسك ؟ قال ابن كثير المقصود ب (النسك) هنا بالذبائح في الأضحى، والحج، والعمرة؛ ذلك أن العرب كانوا يشركون، ويدَّعون أنهم على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويذبحون لغير الله، فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى له بالبيان بأن يذكر أن ملة إبراهيم كانت ديناً قِيَماً، يعبد الله وحده، ويذبح لله تعالى وحده، لكن مع ذلك فقد فسر بعض المفسرين أن (النسك) هنا بمعنى العبادة، فيكون الكلام من عطف العام على الخاص، وتكون كلمة (الصلاة) المقصودة؛ الصلاة: فرضها ونفلها، والتهجد بها، وخصت بالذكر؛ لأنها عمود الدين ولبه، ولا دين من غير صلاة.ومرد هذا الكلام إلى أن الشارع الحكيم إنما نظم أحكام الإسلام على أساس أن يكون اكتساب مصالح الدنيا سبيلا لنيل سعادة الآخرة . وإنما يتم هذا عندما يتخذ الإنسان من جميع مقومات حياته وسعادته الدنيوية سیلا وواسطة إلى اكتساب السعادة الخالدة

ولكن طالما أن كل حياة الإنسان لله رب العالمين وللعبادة، فأين مصلحة الإنسان ؟ حول هذه القضية الشائكة يتميز مفهوم المصلحة في الشريعة الإسلامية بعدد من الخصائص، وهي الخصائص التي تميز المصلحة في الشريعة الإسلامية عنها في النظم الوضعية، ومن هذه الخصائص : أن الزمن الذي يظهر فيه أثر كل من المصلحة والمفسدة ليست محصورة في الدنيا وحدها بل مكون من الدنيا والآخرة معا ، وبيان ذلك أن المصلحة في المنفعة أو الوسيلة اليها . فكل عمل أثمر لصاحبه منفعة - وان جاءت الثمرة متأخرة - يعتبر عملا صالحا ، ويختلف مدى تأخر الثمرة من عمل لآخر ، فقد يتأخر إلى فترة قليلة كالاكتساب للرزق ، وقد يتأخر إلى أكثر کزرع الأرض لجني الثمار ، وقد يكون التأخر أكثر من ذلك أيضا كمن يشح على نفسه في الرزق ليوفر حاجته من المال لسن الشيخوخة . و كل عمل يغلب على ظن فاعله أنه يثمر في المستقبل منفعة راجحة له يعطي حكم المصلحة ، ما دام بربطه بالمستقبل - بعيدا كان أم قريبا - حبل قوي من الأمل، غير أن المستقبل ينتهي في نظر من غفلوا عن حياة أخرى من بعد الموت ، بانتهاء حياة الإنسان في هذه الدنيا. .

WhatsApp
Telegram