قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .. هل حاور إبليس الله سبحانه وتعالى أم جادله ؟

الاية
الاية

يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة الأعراف من كتابه العزيز : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ . قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ . قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ . قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ . قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ . قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ فما هى دلالة الحوار بين الله سبحانه وتعالى وبين إبليس ؟ وهل ما تنبئ الآية عن صورة من صور الجدل أو المفاوضة ؟ الجدل هو هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وأصله من جدلت الحبل، أي: أحكمت فتله ومنه، والجدل في القرآن الكريم هو الذي يضرب للتعبير عن الخصومة والمبالغة من جانب الحجة بالحجة . ويتضمن ذلك استخدام ضروب من القضايا يكشف عن وجه الحق فيها، وأنواع من الدعاوى الباطلة يدحضها، ويدل على ما بِها من زيف، من ذلك قضية إبليس إذ عصى ربه، وأبى أن يسجد لآدم مع الساجدين، ثم أقبل يُباهي بأصله، ويجادل عن نفسه، ويجاهر بالصد عن سبيل الله، في قحة بالغة، وجرأة جامحة.

اقرأ أيضا .. وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .. كيف يلحد شخص في بيت الله الحرام ؟

وتشير الآية الى واحدة من طرق الاستدلال في القرآن الكريم تشمل الاستقرائي التي يعكس أن يأتي الباحث بمقدمات خاصة ليصل في النهاية إلى حكم عام وخاصة التمثيلي منه وهو يتناول حقيقتين متباعدتين وأن يكشف التماثل بينهما الذي لم يلاحظه أحد غيره. ويعتبر الاستدلال أحد وجوه التفكير الإنساني، وفي اللغة فإن الاستدلال هو ما صح أن يرشد إلى المطلوب، وهو الدلالة، والبرهان . وقد وعى القرآن عملية الاستدلال وآفاقها في تشكيل الوجدان الإنساني الذي لا بد أن يقوم على العلم لا الجهل والبحث لا التقليد والتجربة لا مجرد النقل، فاهتم القرآن بدفع الإنسان إلى النظر والتأمل والمراجعة . ومن وجوه الاستدلال في القرآن طلب البرهان أو الدليل باعتباره مصاحبًا للحكم والتصديق، فلا حكم أو تصديق بلا دليل أو برهان، وذلك مصداقا لقول الله تعالى : أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، والاستدلال في القرآن الكريم على خمسة وجوه : الاستدلال بما يقتضي الصدق أبدًا. و الاستدلال بما يقتضي الكذب أبدًا. والاستدلال بما يقتضي الصدق أقرب. والاستدلال بما يقتضي إلى الكذب أقرب. والاستدلال إلى إليهما سواء.

WhatsApp
Telegram