يقول المولى في كتابه العزيز :لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ . يقول الطبري في تفسير هذه الآية القول في تأويل قوله تعالى : لا تجد يا محمد قومًا يصدّقون الله، ويقرّون باليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله وشاقَّهما وخالف أمر الله ونهيه ( وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) يقول: ولو كان الذين حادّوا الله ورسوله آباءهم ( أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) وإنما أخبر الله جلّ ثناؤه نبيه عليه الصلاة والسلام بهذه الآية أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ليسوا من أهل الإيمان بالله ولا باليوم الآخر، فلذلك تولَّوُا الذين تولَّوْهم من اليهود.
ويقول السعدي في تفسير نفس الآية : أي: لا يجتمع هذا وهذا، فلا يكون العبد مؤمنا بالله واليوم الآخر حقيقة، إلا كان عاملا على مقتضى الإيمان ولوازمه، من محبة من قام بالإيمان وموالاته، وبغض من لم يقم به ومعاداته، ولو كان أقرب الناس إليه. وهذا هو الإيمان على الحقيقة، الذي وجدت ثمرته والمقصود منه، وأهل هذا الوصف هم الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان أي: رسمه وثبته وغرسه غرسا، لا يتزلزل، ولا تؤثر فيه الشبه والشكوك. وهم الذين قواهم الله بروح منه أي: بوحيه، ومعونته، ومدده الإلهي وإحسانه الرباني.