يروج بعض الطاعنين في عدالة صحابة النبى صلى الله عليه وسلم لمزاعم مفادها أن الصحابي أبو هريرة كتم أحاديثا للنبى صلى الله عليه وسلم. فما صحة هذا الزعم ؟ وهل كتم الصحابي أبو هريرة أحاديثا للنبى صلى الله عليه وسلم؟ وما هى صحة ما يثيره الطاعنون عن أبي هريرة من أنه مشكوك في أمانته ونزاهته بعد أن عزله الفاروق عمر بن الخطاب من ولاية البحرين؟ وهل هناك سبب يدعو للطعن في محبة أبو هريرة لعلي و آل بيته رضوان الله عليهم؟ حول هذه الأسئلة تقول دار الإفتاء المصرية إن الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول، فقد أثنى اللهُ عليهم أحسن الثناء، واتفق الفقهاء على أن الطاعن فيهم فاسقٌ مردود الشهادة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " وهو الحديث الذي رواه الطبراني. وأما عن شبهة أن أبا هريرة – رضي الله تعالى عنه - كتم بعض ما علم من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مستندين في هذه الفرية إلى ما أورده البخاري في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه - قال : ( حفظت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – و عاءين : فأما أحدهما فبثثته في الناس ، و أما الآخر ، فلو بثثته لقطع هذا البلعوم ) فقد ذهب علماء الحديث إلى أن الأحاديث التي يعلمها هذا الصحابي الجليل يمكن تقسيمها إلى قسمين : الأولى تتعلق بالحلال والحرام ، و هذه لا يجوز كتمانها بل كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يحدث بها ، و يفتي بما علمه و فقهه، أما النوع الثاني من الأحاديث و التي كتمها أبو هريرة - رضي الله عنه - فهي أحاديث الفتن و أمثالها ، و هذا اجتهاد منه - رضي الله عنه – إذ وجد أن كتمانها أنسب لحال الأمة ، و أفرادها بسبب العواصف التي عصفت بأمة منذ مقتل عثمان بن عفان – رضي الله عنه – و حتى عصرنا هذا ، و بهذا قال ابن كثير – عليه رحمة الله – في البداية والنهاية بقوله : ( و هذا الوعاء الذي لا يظهره هو الفتن و الملاحم ، و ما وقع بين الناس من الحروب و القتال ، و ما سيقع . وهذه لو أخبر بها قبل كونها ، لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه )
وأما عن عزل الفاروق لأبي هريرة من منصبه كوالي للبحرين فقد كان من سياسة الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه – متابعة حال ولاته ، و مساءلتهم عن كل صغيرة وكبيرة ، و كل ما يثار حولهم من أفعال ، و أقاويل بغض النظر عن مكانتهم ، و منازلهم في السبق والفضل و مكانة الوظيفية أو العلمية . وعلى هذا النهج عزل عمر - رضي الله عنه - هذا الصحابي الجليل عن الإمارة لقدوم أبو هريرة من البحرين ، و معه عشرة آلاف دينار ، فأمره بأخذ رأس ماله ورد الباقي لبيت مال المسلمين ، و هذا اجتهاد من الفاروق - رضي الله عنه - حتى لا يستغل أي والي سلطانه لمكسب شخصي ، و لو كان في الأمر ريبة أو شك لأخذ جميع ماله و ليس رأس مال فقط .