عبّر السفير الأمريكي في لبنان، ميشيل عيسى، عن دعمه الواضح لخطوة فتح قنوات الحوار بين بيروت وتل أبيب، واصفاً القرار بأنه “إشارة إيجابية تعكس نية صادقة في البحث عن حلول سلمية ومسؤولة”. وجاءت مواقفه في سياق تصريحات رسمية اعتبر فيها أن هذه الخطوة تمثل تحولاً مهماً بعد سنوات طويلة من الجمود والقلق الإقليمي.
وأكد عيسى أن بدء الحوار بين الجانبين لا يُنظر إليه فقط كحدث سياسي، بل كمسار يمكن أن يفتح مساحة جديدة للتفاهم، شرط أن تتوافر النية الحقيقية لدى الطرفين للاستماع المتبادل وتقدير الهواجس المتبادلة. وقال إن “التقدم المستدام لا يمكن تحقيقه إلا حين يشعر كل طرف بأن مخاوفه يتم التعامل معها بجدية، وأن تطلعاته تلقى اعترافاً واحتراماً”، مشيراً إلى أن مبادئ التوافق والقيادة المسؤولة هي حجر الأساس لأي عملية تفاوضية قد تتبلور لاحقاً.
وفي سياق متصل، رحّب السفير بقرار الحكومة اللبنانية تبنّي خيار الحوار، واصفاً الخطوة بأنها “قرار شجاع يأتي بعد عقود من الغموض وعدم اليقين”. وأضاف أن الانخراط في مسار تواصلي يمثل محاولة لاستكشاف سبل قد تتيح مستقبلاً إمكان تحقيق صيغة من التعايش في إطار من السلام والاحترام المتبادل والكرامة الإنسانية.
وأشار عيسى إلى أن الولايات المتحدة “تجدد التزامها دعم جميع المبادرات التي تعزز الأمن والاستقرار”، مؤكداً استعداد واشنطن لتقديم أي مساعدة تسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية التي عاشتها شعوب المنطقة نتيجة أزمات متراكمة وتوترات ممتدة. وشدد على أن “المجتمعات التي واجهت تحديات قاسية تستحق مسارات أكثر أمناً وازدهاراً، ولا يجب أن تستمر في دفع أثمان الاضطرابات القائمة”.
وفي جانب آخر من تصريحاته، خصّ السفير الحكومة اللبنانية وشعب لبنان بإشادة لافتة على ما أبدوه من احترافية وتنظيم خلال الزيارة الأخيرة لقداسة البابا لاون الرابع عشر، حيث اعتبر أن المشهد الذي رافق الزيارة يعكس “روح لبنان وقدرته على توحيد صفوفه وتجاوز الصعوبات عندما يتطلب الأمر ذلك”. وأوضح أن هذا النجاح التنظيمي يجسد ما يمكن أن يقدمه لبنان حين تتوافر الإرادة المشتركة والعمل المنسق.
وتأتي تصريحات السفير الأمريكي في سياق اهتمام دولي متجدد بملف الحدود الجنوبية والتوتر المزمن بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً بعد ما نقلته تقارير إعلامية عن اتفاق مبدئي لعقد جولة ثانية من المفاوضات المباشرة بين الجانبين حول مسائل عالقة تتعلق بالحدود والأمن.
وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن، بحكم موقعها التقليدي كوسيط في ملفات النزاع الإقليمي، ترى في أي تقدّم نحو الحوار فرصة لخفض التوتر وإعادة توجيه الجهود نحو أولويات اقتصادية وإنسانية يحتاجها لبنان بشدة في مرحلته الراهنة. وفي ضوء ذلك، تبدو الإدارة الأمريكية حريصة على الدفع نحو أي خطوات من شأنها بناء ثقة تدريجية بين الأطراف، ولو على نطاق محدود.
وفي المحصلة، يعكس الدعم الأمريكي المعلن رغبة واشنطن في تثبيت الاستقرار جنوب لبنان وإيجاد مساحات تفاوضية تقلل من احتمالات الانزلاق إلى مواجهات جديدة، بينما يبقى مستقبل الحوار مرهوناً بمدى استعداد الطرفين للانتقال من الخطوات الرمزية إلى تفاهمات عملية قد تُمهّد لتطورات أكبر على المدى البعيد.