محمد سويد يكتب: أفاعلٌ أنت أم مفعول بك؟

محمد سويد يكتب أفاعلٌ أنت أم مفعول بك؟
محمد سويد يكتب أفاعلٌ أنت أم مفعول بك؟

عذرا قارئي الكريم إن جئتك محمولاً على أجنحة التريند، فما لي من سبيل للوصول إليك، بعد أن حالت بيننا مباخر وطقوس الذباب الإلكتروني الذي جعل من عقولنا فريسةً يتناوب اغتصابها في كل صباح ومساء.

وليأذن لنا العم مارك زوكربيرج وأخوه؛ جاك دورسي، في الوصول لأصدقائنا ومحبينا عبر منصتيها؛ فيسبوك، وتويتر. علّنا نصلح ما يفسده المتعصبون والمتسرعون والمتطوعون لنشر هراءات السوشال ميديا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وأي صنع هذا الذي أصبحت فيه الخيانة وجهة نظر، وهدم الأوطان نضال، والفحش حرية، والكذب رواية، ونشاذ الحروف قصائد!!

وأنت تطالع سيل التويتات والتدوينات التي تنهال على شاشة هاتفك الذكي، وأنت تصدق أو تنقل أو تتحاكى، هل جال بخاطرك من تكون؟ فاعل أنت أم مفعول به ؟

حقيقة أنا نفسي لا أعلم في كثير من الأحيان، وقد قضيت ردحاً من الزمان في مهنة الصحافة والكتابة والتحليل السياسي، ما بالك وقد هجرت المراجع وعلت أكوام التراب أغلفة الكتب، وبات انتظام صدور الصحف الورقية ليس إلا للحفاظ على نظافة موائد الطعام، إن شئت فقل أصبحنا ضحايا، ولو بحسن النوايا.

كم من قصص مفبركة صدقها عقلك ووجدانك على أنها الحقيقة المطلقة، ولكنها تهدم قيم الإنسانية، أو تتنافى مع الشرائع السماوية، وأمهلك العمر فلم تجد لها أثراً، أتدري كم مرة استُخدِمْت في الدفاع عن مخطئ، أو مهاجمة ضحية، أو رمي محصنة، لقد أوقعت مراوغة الجانى بمشاعرك، كم مرة وصَمتَ بريئاً بالذنب، وشاركت في إصدار حُكماً مجتمعياً، ذبح أسرته وذويه بغير برهان، فأصبحتم على ما فعلتم نادمون، ولم تسأل: فاعل أنت أم مفعول بك؟

وفي كليهما عذر أقبح من الذنب .

قبل 14 قرن من الزمان، قال رَسُول اللَّه ﷺ: 'إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ' مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

نعم ألحن بحجته من أخيه وإنه لذنب تعلمون عظيم

خلال السنوات الأخيرة، صدرت دراسات وأبحاث كثيرة، حول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعما إذا كان مستخدمو هذه الشبكات يكذبون من خلالها، ما دفع كثيرين إلى وصفها بشبكات الكذب، فلماذا تبالغون في تناقل كل تلك الأكاذيب أو الدفاع عن منطقها؟!

انتبهوا يا سادة ، ففي سوق النخاسة تُباع حساباتنا وتُشترى كل ثانية، تنتقل عقولنا في قطعان مليونية من مالك إلى مالك، ومن صفحة إلى أخرى، تُختَرَق عقولنا في كل ثانية، سبقنا الذكاء الاصطناعي بملايين السنوات الضوئية، ولا عجب في أن نجد ما نفكر فيه قبل أن نسأل محرك البحث وقريبا قد تُدار عقولنا عن بعد بشرائح ذكية.

لك أن تتخيل معي ما أنقله اليك واقعاً على مسرح أكاديمية كاليفورنيا للعلوم؛ حيث كشفت الشركة الأمريكية الناشئة 'نيورالينك'، عن خطتها الجديدة لإجراء تجارب على البشر، بغية زرع شريحة إلكترونية في المخ، سوف تُمكِّن صاحبها من التحكم بجهاز الكمبيوتر عن بعد، ومن ثَمّ يمكن اختراقها والتحكم فيه عن بعد – هذا ما يأملون أن يكون – أن نصبح دُمَىً إلكترونية يستخدمها الساسة وصناع القرار والقوى المهيمنة في العالم .

واللهِ لا نخشى التكنولوجيا، ولا ننكر لها فضلاً في شتى مناحِ الحياة، فقط كل ما نرجوه، الرُشد في التعامل مع ما يصلنا من موضوعات، فمهلاً قبل ركوب التريند، علينا التثبت قبل الشير والتحري عند الحكم حتى لا نكون فاعلين بلا ذنب أو مفعول بنا بلا إرادة.

للردود صفحتي على الفيسبوك من هنا

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً