شريف عارف يكتب: طلب استدعاء لـ"روح أكتوبر"

الكاتب الصحفي ـ شريف عارف
الكاتب الصحفي ـ شريف عارف

لا يجب أن يمر ما حدث يوم الجمعة الماضية مرور الكرام، فهذا الزحف البشري الذي تحرك في ميادين المحافظات لدعم الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي، يمثل في رأيي ظاهرة تستحق الدراسة المتأنية.

على مدى أسابيع ماضية دفع المغرضون عبر المنصات التابعة للجماعة الإرهابية، إلى اتجاه مشبوه يتنافى مع الواقع، وهو أن "الغضب الشعبي" في مصر قد تجاوز الحدود، وأن المصريين سيتحركون من كل صوب في ثورة عارمة، و"جمعة غضب"، وذهب بعضهم في الحديث ضمن "دائرة الأوهام" عن مصير مصر بعد تلك الجمعة على وجه التحديد!

تخيلوا معي هذا المشهد العبثي، مجموعة من الهاربين يجلسون أمام كاميرات في استديوهات مشبوهة، ممولة من التنظيم الدولي يحددون مصير مصر!.

الملفت في هذا العبث، هو ثقة هؤلاء الخونة بأن الشعب المصري سيتحرك وفقاً لهذا الهوس وهذه الخزعبلات، وبالفعل تحرك الشعب المصري، ولكن وفقاً لهواه وعمقه وتاريخه الطويل الممتد لأكثر من سبعة آلاف عام.

الذي حدث يوم الجمعة الماضية بهذا التدفق البشري الكبير، هو طلب استدعاء عاجل لروح حرب أكتوبر المجيدة، طلب قدمه المصريون لأنفسهم بالتحرك سريعاً لضرب المثل، ومساندة دولتهم ضد هذه الحملات المسمومة والأفكار المأجورة.

"روح أكتوبر" ليس شعاراً، ولكنه خلاصة فكر وتضحية ورؤية مصرية خالصة.

*

الحديث عن حرب أكتوبر المجيدة حديث ذو شجون، فيه العزة والفخر والذكرى الممتدة من جيل إلى جيل.

شاء القدر لنا أن نعاصر عدداً كبيراً من قادة النصر، ونتحاور معهم، لم نكن وزملائي من المحررين نعلم أننا وضعنا أمام فرص تاريخية لن تتكرر بالفعل، أن تستمع وتسجل شهادات هؤلاء الرجال العظام.

عقب هزيمة إسرائيل المدوية في حرب أكتوبر عام 1973، قامت بتشكيل لجنة في 21 نوفمبر 1973 أطلق عليها اسم لجنة «أجرانات»، نسبة إلى رئيسها شيمون أجرانات للتحقيق في أسباب الهزيمة.

اللجنة أصدرت تقريرها في شكل ثلاثة تقارير، كل تقرير جاء في جزئين، أحدهما طويل ومفصل وعلى أعلى درجات السرية، والآخر قصير ومتاح للجميع، وهو المنشور بتوسع على مدى سنوات، بينما بلغ عدد صفحات التقرير نحو 1500صفحة، لم ينشر منها سوى 40 صفحة فقط!

المثير أنه في يناير عام 2005 ورغم مرور كل هذه السنوات، وافق الكنسيت الإسرائيلي، على قانون يمنع نشر ذلك التقرير على الرغم من مرور 30 عاما على صدوره في عام 1975.

*

حققت لجنة "أجرانات" في محورين الأول عن المعلومات الاستخباراتية للأيام التي سبقت حرب أكتوبر عن تحركات العدو (مصر) ونوايا إطلاق الحرب، ومدى تقدير القيادة لهذه المعلومات.

المحور الثاني هو الانتشار العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في حالة الحرب، واستعداده في اليوم الذي سبق الحرب، والعمليات التي قام بها لاحتواء العدو.

وجهت اللجنة تهماً بالتقصير في تقريرها لكل من القيادة العسكرية، وتحديداً وزير الدفاع موشيه ديان والذي أجرى تغييرات هيكلية هامة أعطت فكرة خاطئة بأن الحرب غير وشيكة.

إنما اللوم الحقيقي والكبير كان لـ إيلى زعييرا أو " إلياهو زعييرا" مدير المخابرات العسكرية على الرغم من أن الهزيمة كانت هزيمة لكل مؤسسات الدولة وليس للمخابرات العسكرية فقط.

فقد كشفت اللجنة عن التقدير الخاطئ لإيلي زعييرا قبل الحرب من أن مصر وسوريا لن تهاجما!

*

كانت خطة « الخداع» محكمة بكل المقاييس، قادها على الجبهة المصرية الرئيس الراحل أنور السادات بنفسه، فقد استطاع ورجاله خداع إسرائيل وجنرالاتها في وقت كانت تحركات الجيش المصري «مكشوفة» أمام الجميع، لكن نتائج الاجتماعات الإسرائيلية كانت تنتهي دائمًا بأنه «لانية للحرب»!

هذه هي "روح أكتوبر" التي نطلب استدعاءها بين حين وآخر.

[email protected]

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً