منذ عام ١٩٤٨، دفعت مصر ولا تزال تدفع من دماء أبنائها ١٠٠ ألف شهيد دفاعاً عن القضية الفلسطينية، ودفعت ثمناً أكبر من أمنها باقتحام الحدود والسجون وتوطين الإرهابيين في أرض سيناء، عبر أنفاق غزة إلى أن قطع الجيش المصري دابر المتآمرين وأعاد الأمور إلى نصابها.
تبدلت الأحوال، ومرت الأيام، وتجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فطرحت مصر غضبها جانباً وهبّت دفاعاً عن قضيتها، قضية الأرض والعرض والمقدسات، قضية الحق في الحياة للشعب الفلسطيني الأعزل الذي يدفع ثمن صموده جيل بعد جيل ولا يبالي.
تظاهرت مصر على طريقتها لنصرة أهالى غزة، ففتحت معبر رفح البري من الجانبين، ودخلت المعونات الطبية والغذائية و سيارات الإسعاف، وتطوع آلاف الأطباء لعلاج الجرحى والمصابين، وفتحت مستشفياتها في العريش والإسماعيلية والسويس والقاهرة للحالات الحرجة.
إذا لم تصدق تصريحات الجهات الرسمية المصرية عن جهود وقف العدوان، تابع تصريحات قادة المقاومة من جهة، وممثلي الاحتلال الاسرائيلي من جهة أخرى، سيقودك كلاهما حتماً إلي ما تبذله القاهرة من جهود دبلوماسية، في الغرف المغلقة لوقف إطلاق النار، وإعادة المسار التفاوضي لحل الدولتين.
لسنا أثرياء النفط، ولكننا مستعدون لاقتسام الخبز مع أهالينا في غزة، هكذا قابل الشعب المصري قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتخصيص مبلغ ٥٠٠ مليون دولار لإعادة إعمار غزة، ومساهمة الشركات المحلية المتخصصة في تنفيذ إعادة الإعمار.
رسائل الدولة المصرية واضحة وفاضحة وجارحة لمن خدعتهم اللحى الكثة، ورايات الجهاد السوداء التي رفعت في العريش ورفح، طلباً للشهادة في سبيل داعش والقاعدة، صوبوا أسلحتهم لصدور شهدائنا من أبناء الجيش والشرطة، وعقمت بنادقهم في الدفاع عن القدس ولم تصوب طلقة واحدة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ومن يترحمون على مظاهرات الإخوان في الجامعات وشوارع القاهرة، التي كانت ترفع شعارات بلا صدق ولا فعل على شاكلة "على القدس رايحيين شهداء بالملايين"
شاء قدرها أن تبقى هكذا، مصر الشقيقة الكبرى، لكل العرب، إذا تألمت فلسطين لا تنام القاهرة، شأنها في ذلك شأن بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء والرياض وكل الأقطار العربية.
هنا القدس..من القاهرة، التي لا تلتفت إلى صغائر الأمور، وضعاف النفوس، ولا يضرها من تآمر ومن خان، تنتفض لتُلبي نداء الواجب متى دعت الضرورة