اعلان

طارق متولي يكتب: حكايات مصر القديمة (6).. الغزو الفارسي الثاني لمصر

طارق متولي
طارق متولي

بعد جلاء الفرس عن مصر عام 404 ق.م ظلت مصر أكثر من ستين عاما لم يتوقف خلالها الصراع بين مصر المستقلة التى كانت تحاول استعادة مكانتها والانتقام لما أصابها إبان فترة الاحتلال الفارسى وبين فارس التى ظلت تروادها رغبة الأستعمار والثأر.

تعاقبت فى هذه الحقبة على عرش مصر اسرتان حاكمتان من سرق الدلتا وهما الأسرة التاسعة والعشرون فى مدينة منديس ( تمى الأمديد وتل الربع شمال شرق السنبلاوين ) استمرت عشرين أو واحد وعشرين سنة وكان أهم ملوكها أثرا مؤسسها الملك نايف عاورود ثم ثالث ملوكها الملك هجر أو هقر وقد عمل كل منهما على التعاون مع العالم الأغريقى فى اثينا لمواجهة الفرس العدو المشترك.

وبالفعل فقد بادر الفرس مع بداية عصر الأسرة التاسعة والعشرين مستغلين مرحلة انتقال العرش المصرى من أسرة المحرر آمون رع الثانى وحشدوا جيشا وأسطولا كبيرين فى فينيقيا لغزو مصر لكن خطتهم لم تتم بسبب مشاكل ظهرت لديهم فى ولاية العرش وثورة آسيا الصغرى وجزرها ضدهم بعد أن أيدتها اسبارطة الطامعة فى زعامة الإغريق وصاحبة اقوى الجيوش والبرية على أرض اليونان.

وإتقاء لعودة غدر الفرس تقاربت مصر مع اسبارطة فى عهد ملكها اجيسيلاس، وقامت مصر فى عهد الملك نايف عاورود بمد يد العون لحليفتها بأموال وخمسمائة ألف مكيال من الغلال وتجهيز مئة سفينة مقاتلة لكن هذا المدد الذى تحملته خزائن مصر المجاهدة والمجهدة لم يؤد الغرض منه وحطمه قائد اثينى كان يخدم الفرس عند جزيرة رودس. وبعد سنوات عقدت أسبارطة الصلح مع الفرس ولم تتذكر مصر فى صلحها فبقيت مصر وحدها.

ظلت مصر متعطشة للأنتقام من الفرس تبحث عن حلفاء جدد فلبت دعوتين فى عهد الملك هجر أو هقر أحدهما من أثينا والأخرى من افاجوراس ملك قبرص.

وأخذ كل منهما يكافح الفرس من ناحية مصر تكافحهم على حدودها وأهل قبرص يكافحونهم فى جزيرتهم وعلى سواحل فينيقيا وبدا الفرس بمهاجمة مصر مرة أخرى ولكنها كسرت حدة جيشهم فلم ينتصروا عليها وبعد نضال طويل سلمت قبرص أمام الفرس عام ٣٨٠ ق.م وأصبحت مصر وحدها مرة أخرى.

فى ظل هذا الإضطراب السياسى انتقل عرش مصر إلى أسرة جديدة من سمنود وهى الأسرة الثلاثين والأخيرة فى عصر مصر الفرعونية وبدأ مؤسس هذه الأسرة خبر كارع أو نكتائب كما سماه الإغريق ٣٨٠-٣٦٣ ق.م فى استعادة الاستقرار بالبلاد.

وكان عليه أن ينتبه لغدر الفرس ويوطد علاقاته بحلفاؤه رغم أن احلاف الامس وهم الإغريق تعود جنودهم وقادتهم أن يعملوا لمن يجزل لهم العطاء حتى ضد بعضهم البعض. لذلك فبدلا من أن تتعاون اثينا معه خضعت لضغط الفرس بل وتعاونت الفرس وفى ظل هذه الملابسات تجمع جيش ضخم قدره رواة الإغريق بمائتى الف كان من الصعب على مصر أن ترده وحدها بسهولة فعبر الحدود إلى الدلتا فى صيف ٣٧٣ق.م واستخدم الفرع المنديسى بالقرب من السنبلاوين فى نقل بعض قواته الكبيرة وهنا لجأ القادة المصريون إلى إجراء غاية فى البراعة العسكرية فتريثوا حتى تدفق هذا الجيش على الدلتا ووصل إلى منف ثم حاصروهم عندها حتى دهمتهم مياه الفيضان فاحدثت فيهم الفشل والارتباك فتراجعوا أمام هجمات المصريين.

مع هذا لم ينتهى الأمر بعد. فى المقالة القادمة نكمل ما حدث مع الغزو الفارسى الثانى لمصر ونهاية عصر الأسرات فى مصر القديمة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً