في أول خطاب له بعد تنصيبه رئيسا لإيران تحدث الرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي لأول مرة وعلنا عما ما أسماه ( إيران الكبرى) وكان اللافت أن إبراهيم رئيسي كرر عبارة ( إيران الكبرى) نحو 6 مرات في خطاب لم تزد مدته عن 25 دقيقة، ومن بين ال25 دقيقة التي ألقى فيها خطابه خصص ابراهيم نحو 13 دقيقة يتحدث فيها عن الحضارة الإيرانية والتاريخ الإيراني والثقافة الإيرانية التي تضرب في التاريخ في إشارة واضحة لإيران الفارسية.
وقد تكون هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها زعيم إيراني يشغل منصب رئيس الجمهورية علنا عن ( إيران الكبرى)، كنا كمتابعين للشأن الإيراني نعلم أن لإيران خططا توسعية وأنها لا تود لو تستطيع استرجاع امبراطوريتها الفارسية القديمة، وكان الإيرانيون يخفون هذا وراء شعار هو تصدير ما يسمى بالثورة الإسلامية، ولكن هذه أول مرة على الإطلاق يخرج زعيم إيراني يتحدث علنا وفي خطاب موجه للداخل وللخارج على حد سواء يتحدث فيه عن ( إيران الكبرى) وليس عن تصدير الثورة الإسلامية كما كان يتحدث زعماء إيران في الماضي.
إن ( إيران الكبرى) التي يتحدث عنها ابراهيم رئيسي تشمل حاليا العراق بكامله والذي سوف يتحول لمحمية إيرانية بمجرد أن تستكمل الولايات المتحدة انسحابها ومنها، وأجزاء واسعة من سوريا المجاورة للعراق بما فيها العاصمة السورية دمشق التي تخضع لإمرة قادة الميلشيات الإيرانية في الأراضي السورية، ولبنان الذي ينهار بسرعة غير متوقعة وتتلاشى أى ملامح للدولة فيه بخلاف سلطة حزب الله الموالي لإيران والذي يمثل امتدادا للحرس الثوري الإيراني، وبالطبع اليمن الذي استطاعت إيران اختراقه عسكريا وسياسيا واحتلاله بالوكالة من خلال الميلشيات الحوثية التي اخترقتها إيران من مذهبيا بعد أن نجحت في تحقيق الاختراق الإثنى عشري للمذهب الزيدي الذي كان مذهبا لمعظم سكان اليمن.
ولعل الحالة العراقية هى الحالة التي يمكن من خلال فهم ما يدور في خلد الرئيس الإيراني الذي تحدث لأول مرة علنا عن العراق الكبرى، فالقاعة التي كان يلقي فيها ابراهيم رئيسي خطابه كان يجلس فيها وعلى بعد أمتار منه الرئيس العراقي برهم صالح، والذي فشلت بلاده تماما في أن تخرج من عباءة النفوذ الإيراني، بل مجرد أن قائد الحرس الثوري الإيراني الجديد إسماعيل قاني قدم طلبا للحصول على تأشيرة دخول للعراق اعتبرته أوساط عراقية تطورا لافتا في العلاقات الإيرانية العراقية لا لشئ إلا لأن قائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني في العراق كان يدخل للعراق في أى وقت بدون الحاجة للحصول على تأشيرة دخول ولا حتى إظهار جواز سفره في المطار وكان يدخل ويخرج للعراق بدون إخطار السلطات العراقية الرسمية ويجتمع بقادة ميلشيات الحشد الشعبي ويصدر لهم الأوامر كأنه القائد الأعلى لهم وليس مجرد ضيف زائر .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الان هل ( إيران الكبرى) التي طرحها ابراهيم رئيسي في خطابه هى فقط الأراضي التي استولت عليها إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، أم أن ابراهيم رئيسي ينوي أن يبادل الغرب وإسرائيل بصفقة قرن إيرانية جديدة، أن يؤجل حلم القنبلة النووية الإيرانية في مقابل أن تستكمل ( إيران الكبرى) الطوق ليغلق على بلدان أخرى قبل أن يمتد للداخل لتستعيد إيران امبراطوريتها الفارسية القديمة التي لم ينساها الإيرانيون ؟!