المصانع الحربية في مصر، كانت ولا تزال درة الصناعة في وطننا الغالي الحبيب مصر، حيث أنشأها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في فترة ما بعد يوليو 1952، لتكون عماد التصنيع لكفاية قواتنا المسلحة المصرية الباسلة في كل عصر و مصر، و حتى لا نضطر إلى الرضوخ لابتزاز الدول الغربية آنذاك، عقب إنهاء الاحتلال البريطاني لمصر، حيث كانت القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وريثة القوى الغربية بعد أن تراجعت قوة كل من بريطانيا وفرنسا إلى المرتبة الثانية، وصعد مكانها كل من أمريكا و الاتحاد السوفيتي السابق، وكانت بينهما الحرب الباردة على أشدها، والتي قسمت العالم إلى قسمين، غربي و شرقي، قسم حليف للولايات المتحدة الأمريكية و هو الغربي، و قسم حليف للاتحاد السوفيتي وهو الشرقي.
ولما كانت بوصلة مصر فترة حكم الرئيس عبد الناصر تميل نحو المعسكر السوفيتي الشرقي، كان الرئيس ناصر يفكر في استقلالية القرار المصري و سيادة الدولة المصرية الوليدة بجمهوريتها الأولى، بعد إسقاط الملكية عام 1952، إذ لا يمكن الاعتماد على الحليف الاستراتيجي بشكل كامل، حيث لكل دولة خططها الاستراتيجية و النهضوية التي ربما لا تتقاطع مع مصالح حليفها من الدول العظمى، فتكون الأخيرة حجر عثرة أمام تقدم الدولة الحليف الصغيرة، في الإمكانيات و القدرات، مثل مصر وقتها، و بخاصة أن مصر لم تزل خارجة من احتلال دام سبعة عقود و نصف، دمر فيها كل مناحي الحياة و سرق و نهب كل مقدرات البلاد و نوابغه من العباد...
فكانت المصانع الحربية، حتى لا يكن أصبع الدولة المصرية الوليدة تحت ضرس عدوها أو حتى حليفها.
ومن هذه المصانع، مصنع 99 الحربي بحلوان، الذي وضع الرئيس جمال عبد الناصر حجر أساسه حينما كان يجمع بين الرئاسة و رئاسة الوزراء عام 1954، وكان هذا المصنع يختص بصناعة معدات تخدم مصلحة و احتياجات القوات المسلحة المصرية، ثم أضيفت له بعد ذلك اختصاصات أخرى و صناعات تضخ منتجها في السوق المحلية، لكفاية الشعب من احتياجاته، ومن أهم هذه المنتجات حقيقة هي طفايات الحريق، التي لم يعد لأي مكان أو مؤسسة أو منزل في مصر غناء عنها، فمثل هذه الطفايات هي صمام أمان في البيوت و المحال التجارية والمستشفيات والمؤسسات وحتى الشوارع الرئيسية العامة.
وقد حصل المصنع على شهادات الأيزو العالمية في جودة طفايات الحريق بمختلف أنواعها، ولم يتوقف الأمر على هذا فحسب، بل طور المصنع نفسه، فبات ينتج الأثاث المنزلي وفق أحدث النماذج العصرية و بجودة عالية من الأخشاب، حتى إنه ليتيح للعميل أن يختار النموذج الذي يريده و المصنع يصنعه له بتكلفة إجمالية أقل من المنافسين الذين يجيدون الإعلان عن أنفسهم بالنصف تقريباً، و لكن الناس للأسف الشديد تهرول وراء ما بات يعرف بالبراندات، و هو شيء كما يقول بارونات المال العالميين عن البراند، "هو شيء صنعه الأغنياء ليقع فيه الفقراء، فيزداد الغني غنى و الفقير فقرأ"..
وإنني إذ أكتب هذا المقال، فإنما أكتبه بعد تجربة شخصية، و للأمانة فإن إدارته ممثلة في اللواء خالد زكي ومعاونيه، ليقومون بجهد جهيد من أجل تطوير وكفاءة و تميز منتجات مصنع 99 الحربي، فلهم منا كل الشكر والتقدير، وأتمنى أن تنهض الصناعة الوطنية المصرية و تكون مميزة ليختارها كل مواطن بديلاً عن الخارج، و ذلك لكي يتحقق فلا بد من الجودة العالية في المنتج الداخلي، و لعل القاصي والداني في أرجاء مصر المحروسة يرى الدعم الدائم و المستمر والمتابعة الدؤوبة من الرئيس السيسي للصناعة الوطنية، وآخرها ما كان في افتتاح المجمع العالمي للإنتاج الحيواني بمدينة السادات بمحافظة المنوفية منذ يومين، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان قاطبة بإذن الله تعالى.
حفظ الله مصر وشعبها وكل مؤسساتها.