قالوا قديما رب فكرة خير من مال، وهذه حقيقة لأن كل مال يحتاج إلى فكرة، لينمو ويستثمر، وقد توفر الفكرة الكثير من المال والجهد والوقت، وقد رأينا ذلك في فكرة المهندس باقي زكى يوسف، محطم خط بارليف، الذي فتح الثغرات في ذلك الساتر الترابي باستخدام ضغط المياه في حرب أكتوبر 1973، والذي حسبه الجميع أنه مانع صعب، لا يمكن التغلب عليه، والفكرة مهمة لكل مبدع، فلولا الفكرة ما كان الإبداع.
والمبدعون والحكماء يقدرون الأفكار جيدا، لذا تجدهم دائما يحرصون على عمل عصفا ذهنيا لتوالد واستمطار الأفكار، للوصول إلى كل جديد
وقد انتبهت بعض الدول لذلك وحرصت على الحصول على أفكار وعملت علي رعايتها ومن تلك الدول الصين، فقد حرصت على سؤال زوارها وخاصة التجار ورجال الأعمال والمستوردين عما يتمنون وجوده، ثم يعكفوا على دراسته ويتم إنتاجه، فغزت منتجاتها الأسواق ولاقت رواجا كبيرا لتوافقها مع رغبات المستهلكين فانتعش اقتصادها انتعاشا فاق الحد
ومن الدول، من وجه جزء كبيرا من عمل أجهزتهم المخابراتية لتبع الأفكار ومراقبة الأبحاث والباحثين في الدول الأخرى للوقوف على كل جديد، ومنهم من يحاول شراء تلك الأبحاث والأفكار، وقد وصل الأمر في بعض الأحوال إلى تصفية من يرفض البيع والأمثلة المصرية كثيرة أمثال مصطفى مشرفه، ويحيي المشدق ، وسعيد بدير... إلخ
ولأن الأفكار تستحق البحث عن طرق لحمايتها، فتقديرا من جمهورية مصر العربية لقيمة الأفكار، واحتراما منها لأصحاب تلك الأفكار، ورعاية للمبدعين والموهوبين، وحماية لحقوقهم، فقد أصدرت القوانين التي تحميهم وتصون حقوقهم، كما تم إنشاء الاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية لتحقيق التعاون بين دول الوطن العربي في حماية حقوق المفكرين والمبدعين، وتقديرا أيضا للأفكار فقد تم إنشاء العديد من المراكز البحثية وتم تشجيع عمليات البحث العلمي وتم تخصيص الاعتمادات لها.
كل هذا شيء جميل يستحق الاحترام والتقدير، لكننا ننوه ونوجه النظر إلى ثروة حقيقية نمتلكها، ألا وهي الكثافة السكانية، التي طالما نظرنا إليها من الناحية السلبية فقط، تلتهم التنمية وتزيد الأعباء والمتطلبات يوم بعد يوم، لكننا اليوم نريد توجيه النظر إلى الجانب الإيجابي للكثافة السكانية، ناهيك عن توظيفهم كأيدي عاملة وطاقة بشرية يحلم بها غيرنا من الدول، وقد وضعوا المحفزات والمزايا لتشجيع الناس على الإنجاب، فنستطيع من خلال تلك الكثافة السكانية استمطار العديد من الأفكار، التي من المؤكد أنها ستبهرنا بكل جميل ومفيد.
فقد رأينا من التصنيعية في العزب والنجوع، من حول موتور الري إلى سيارة، وميكانيكي مصري يخترع سيارة بري مائية هوائية، ورأينا العديد من الأفكار البسيطة التي سهلت القيام بالأعمال اليومية، ووصل الأمر إلى اختراع الروبوت، وقد رأينا أيضا الابتكارات المصرية تتصدر المؤتمرات العالمية كمؤتمر الكويت التي شاركت فيه 41 دولة ومعرض جينيف الدولي للاختراعات في دورته 2021
مما يؤكد تميز وبراعة العقلية المصرية التي لا يتخالف عليها أحد، لذلك نوصي بإنشاء صندوق للأفكار، يقدم فيه كل مصري أفكاره، دون شرط أو قيد، يديره مجموعة من الخبراء والمتخصصون، يقوموا بفرز ومراجعة تلك الأفكار وتصنيفها وتقيمها للاستفادة منها وتوظيفها لخدمة المجتمع