إن الشكوى الأكثر شدة وتكرارًأ بل وهي الجارية وعلى نحو مستمر على ألسنة الناس هي: ما من أحد يريد أن يصغي إلينا، المهارة الأهم في الحوار والعنصر الأقوى في الإقناع والتأثير والطريق الأيسر لكسب الآخرين، والسحر الأبيض كما وصفه أحد الكُتاب هو الإنصات ولا غيره، بُعد المسافات والأقارب بين الأشخاص، هناك مسافات شاسعة بين التفكير والتقدير، حسن الاستماع، وبالتأمل في أوضاعنا العامة الآن أجد انحسارًا رهيبًا لثقافة الإنصات وغيابًا موجعًا لها، فما تلك النزاعات والشقاق والأزمات إلا منتج بشع لغياب الإنصات، نمر جميعًا في حياتنا اليومية ونشارك في العديد من المحادثات مع الأصدقاء وزملاء العمل وأفراد عائلتنا، لكن في معظم الأوقات، لا ننصت جيدًا كما ينبغي في بعض الأحيان. غالبًا ما يصرف انتباهنا عن أشياء أخرى في حياتنا اليومية، الانشغال بالتلفزيون، وهواتفنا المحمولة، ومحادثات الشات علي مواقع التواصل أو أي شيء آخر نعتقد أننا نستمع إلى الشخص الآخر، لكننا في الحقيقة لا نوليه اهتمامنا الكامل .
نريد أن نشيع ثقافة الحوار، أن نُلغب المسافات لتصل إلى الصفر، اللا مقياس، اللا مسافة، نحن لا ننصت الإنصات الجيد، نريد أن نؤثر على الآخرين ونغير اتجاهاتهم ونحن لا ننصت، نريد أن نكسب القلوب ونحوز الإعجاب ونحن لا ننصت، نرجو النجاة ولم نسلك مسالكها، إن السفينة يستحيل أن تجري على اليابسة، تعد بوابة القبول وبناء جسر الثقة مع الآخرين، بناء الوئام والتفاهم، من خلال تعلم مهارة حصن الاستماع، وأدب الحديث، ستصبح مستمعًا أفضل وستسمع بالفعل ما يقوله الشخص الآخر بتركيز – وليس فقط ما تعتقد أن يقوله أو ما تريد سماعه، يتضمن الاستماع الفعال، الانفتاح على تعلم شيء جديد، لذلك عليك التركيز على ما يقوله الشخص الآخر، حافظ على محتوى الحديث وفحوى الكلام والذي تفعله عند الحد الأدنى، واقض وقتًا أطول في الاستماع أكثر من التحدث، قم بتوجيه المحادثة باستخدام واحد أو أكثر من مهارات الاستماع النشط أدناه، عليك بتلخيص ما يقوله الشخص الآخر من وقت لآخر للتأكد من فهمك له بشكل صحيح، واستخلاص المهم منه، عليك التحدث مع شخص يجعلك تشعر بالراحة والاسترخاء مهما كانت حياتك فوضوية، شخص يجعلك تشعر أن كل شيء على ما يرام مع العالم حتى لو كان ينهار أمامك، عندما تحتاج إلى الراحة، إلى من تلجأ؟ إليك كيفية إتقان مهارات الإستماع لديك.
قبل أن تشرع في الحديث تأكد أن الإنصات موقف وليس مهارة وهو من أعظم ما يجمل شخصيتك ويكملها، للإنصات علامات ومؤشرات أقواها النظر للمتحدث فأبسط حقوق المتحدث أن تنظر إليه، وهو ما يساعدك على التركيز ومتابعة الإيحاءات غير الملفوظة ومن ثم فهم الكلام، تفاعل مع المشاهد والمواقف ولا تكن كجمود صخر، فمع الطرائف مبتسمًا منبسطًا، ومع المشاهد المحزنة منقبضًا متألمًا، انصت بنفسية مشرقة وروح ساكنة لا نبرة تعالٍ، ولا نظرة استهتار، واحتف بالحديث فكل البشر يرون أن ما يتحدثون به ذو قيمة عالية.
أولًا: الاتصال بالعين :- من خلال النظر إلى الشخص في عينه، فإنك تنقل إليه أنك توليه اهتمامًا، وأنك تستمع إليه. لا تحدق في الشخص مباشرة في عينيه لأن هذا يمكن أن يُنظر إليه على أنه مخيف، ولكن بدلًا من ذلك، انظر بعيدًا قليلًا عن المركز إلى العين اليسرى أو اليمنى.
ثانيًا: اطرح أسئلة مفتوحة:- سيظهر هذا أنك مهتم بما يقوله الشخص ويمكن أن يساعد المتحدث على الانفتاح ومشاركة المزيد من المعلومات. أيضًا، تجنب الأسئلة التي تحتوي على إجابة بـ “نعم” أو “لا” لأن ذلك سيؤدي إلى نهاية المحادثة. على سبيل المثال، إذا كان شخص ما يخبرنا عن حدث ذهب إليه، بدلًا من السؤال “هل أعجبك ذلك؟” قل “أخبرني عنها”.
ثالثًا: كن متعاطفًا:- يتم تحقيق ذلك من خلال العديد من الأشياء التي ستفعلها. بعضها لفظي والبعض الآخر غير لفظي. حدد ما مشاعر الشخص الآخر وتواصل معها؟ على سبيل المثال: إذا أخبرك أحد الأصدقاء عن حالة تخويف صحية مؤخرًا وكان يشعر بالقلق، فيمكنك أن تقول: “أتفهم مدى الصعوبة التي قد تجعلك تشعر بأنك لا تعرف بالضبط ما يحدث حتى الآن”. كما أن تقديم كلمات مثل “نعم” أو “أنا أفهم” أثناء حديثك سيساعدهم على الشعور بالاهتمام لأمرهم. تتمثل الطرق غير اللفظية لبناء علاقة وإظهار اهتمامك، في الجلوس بموقف مفتوح بدلًا من ثني الذراعين، والإيماء بالرأس للطمأنينة.
رابعًا: لا تقفز إلى حل :- إذا قمت بذلك، فقد لا تكون مستمعًا تمامًا، لأنك تخطط أثناء حديثهم في بعض الأحيان، ما يريده الناس ويحتاجونه هو ببساطة شخص يستمع إليهم وليس بالضرورة حلاً. إذا طلبوا نصيحتك، فهذه قصة مختلفة ويمكنك تقديمها.
خامسًا: تجنب الدخول في المحادثة :- بقولك أشياء مثل “هذا بالضبط ما مررت به” فإنك تخاطر بعزل الشخص. عادةً ما لا يكون لدى الأشخاص، على المستوى العاطفي، نفس التجارب؛ لذا بالقول إنك فعلت ذلك، فقد ينتهي بك الأمر إلى إظهار نقص في الحساسية وقد يقلل من تجربتهم.
سادسًا: افعل كل شيء عنهم وضع نفسك في مكانهم:- بدلًا من التفكير في الاستجابة أو (ردة الفعل)، حاول فهم ما يمرون به على المستوى العاطفي. على سبيل المثال: إذا أخبرك أحد الأصدقاء بفقدان وظيفة، فكر في وضعه وكيف يمكن أن يؤثر ذلك عليه، وليس كيف ستشعر إذا كنت في وضعه.
سابعًا: لا تستجوب أو تقاطع :- على الرغم من أن هذه قد تبدو أشياء واضحة يجب تجنبها، إلا أن الناس بحاجة إلى تذكيرهم. يقول الكثيرون، عند الحديث عن أزواجهم، إنهم يشعرون أنهم يخضعون للاستجواب أو أنه لا يتم الاستماع إليهم على الإطلاق بسبب الانقطاعات المتكررة.
كان عالم النفس الشهير كارل روجرز يؤمن إيمانًا كاملًا بأن علاج المريض النفسي لن يأخذ وقتا طويلا لو كان الطبيب يتقن فن الإنصات، وأقول لو أجدنا فن الإنصات لأقفل الكثير من الأطباء النفسيين عادتهم، ركز على الشخص الذي أمامك دعه يتكلم، ويمكنك طرح الأسئلة برفق لاحقا، بالإنصات يظهر للآخرين قوتك وصبرك وجمال روحك وعدم تمحورك على ذاتك، بالإنصات ستوجه رسالة عذبة حروفها من ود تقول فيها للمتحدث إني أقدرك، بالإنصات ستعطي الآخرين فرصتهم للتنفيس عن مشاعرهم وأشجانهم، بالإنصات ستمتص غضب الناس، فالإصغاء للغاضب سيجعلنا ندرك سبب غضبه وهو ما يدفعنا للتعاطف معه، بالإنصات ستبدو أكثر حكمة وذكاء، الإنصات الجيد لا يعني السكوت التام، فالمنصت الجيد يوجه أسئلة في صلب الموضوع وفيه رسالة على قوة المتابعة، تأكد من انتهائه من حديثه وجميل أن تستفتح حديثك بذكر شيء مما قال والثناء عليه، الخلاصة تصل في علاقتك بمن حولك إلي المسافة صفر .
أنصت جيدًا تكن أفضل متحدث