الفتور العاطفي حالة أصابت مجتمعنا العربي وتنذر بكارثة مجتمعية إذا لم يتم الوقوف على أسبابها وسرعة علاجها لضمان سلامة واستقرار الأسرة العربية، قد تؤدي إلى ما يعرف بالطلاق الصامت، فلقد لوحظ انتشار حالات الطلاق في الآونة الأخيرة مع غياب الوعي والتثقيف، حالة من تسلل الملل والتراخي العاطفي، وجفاف المشاعر في العلاقات الزوجية، مما يشكل ضغطا يضعف في حدودها تحقيق السعادة التي بدأت بها الحياة الزوجية.
إذا استمر الزوجان في تجاهل حل مشكلة الفتور العاطفي في علاقتهما الزوجية فإن من المتوقع ظهور آثار سلبية تختلف من حالة إلى أخرى، ومن هذه الآثار: كثرة الخلافات الزوجية نتيجة للفراغ العاطفي، وربما دفع ذلك إلى استخدم العنف اللفظي أو الجسدي والذي يحول المشاعر بين الزوجين إلى مشاعر عدائية. ومن الآثار السلبية أيضا التي قد تظهر انحراف أحد الزوجين أو كليهما في ممارسات عاطفية خارج نطاق الزوجية وارتباطه بعلاقات محرمة لتعويض النقص في الإشباع العاطفي. وفي حالات قد تؤدي إلى الطلاق.
العنف الزوجي هو من أكثر المشكلات انتشارا، وعادة ما يسبق العنف العصبية التي تتحول إلى عنف بشكليه النفسي والبدني، مما يؤدي إلى توتر في العلاقة الزوجية وعدم الرغبة في الاستمرار، واستثارة مشاعر الكره والانتقام بدلا عن الحب والوئام، سوء الخلق في التعامل اليومي وعدم الاحترام بين الزوجين، وغياب روح التسامح والعفو عن الأخطاء والتقصير.
التدخل السلبي لأهل الزوجين في المشكلات، قلة الاهتمام بالمسؤوليات الأسرية، تدخل أهل الزوجين بشكل زائد عن الحد فينتج عنه مزيد من المشكلات، الرهبة من شبح الانفصال والطلاق للطرفين، رتابة العلاقة الزوجية مما يسبب الملل، عدم النظافة الجسدية وبحسب الدراسة التي أجريت على عينة من الأزواج مما يعانون من الفتور العاطفي، فإن عدم اهتمام أحد الطرفين بنظافته الشخصية يعتبر عاملا من عوامل الفتور في العلاقة، الجهل بأساليب العلاقة الجنسية وعدم التوافق، وغلبة روح الأنانية وإهمال الإشباع لأحد الطرفين نتيجة الممارسات الخاطئة لشريكه، ضعف الحوار وضيق دائرة الاهتمامات المشتركة، وقلة التواصل بين الزوجين، بعض التغييرات البيولوجية (مثل: الحمل، زيادة الوزن، التغيرات الهرمونية)، عدم التقبل للطرف الآخر.
أصبح الآن يتداول البعض لفظ الطلاق الصامت، حالة يعيش فيها الزوجان منفردين عن بعضهما البعض رغم وجودهما في منزل واحد، ويعيشان في انعزال عاطفي ونتيجة لذلك تصاب الحياة الزوجية بينهما بالبرود وغياب الحب والرضا، انفصال بين الشريكين داخل جدران البيت الواحد، رغم أنهم ما زالوا أزواج على الورق وأمام الناس خشية من نفقات الطلاق، والخسائر المادية المترتبة على الطلاق الفعلي، الرهيبة من مواجهة أنفسهم ومجتمعهم وأهلهم وذويهم بإعلان الطلاق الفعلي، الكامل، بصورته المعروفة القانونية، فالزواج لا يعني الحياة في منزل واحد فقط بل يعني المشاركة في كل تفاصيل الحياة، ومشاركة الخليل أموره، ودنياه، فالزواج سكن ومودة ورحمة، وسنة الله في كونه، فأبرز مؤشرات الصحة النفسية في الأسرة، قدرة الزوجين على التكيف مع الحياة الزوجية، تركيز على التوافق الإنساني للزوجين، حلول الفتور الزوجي،
ليس بالأمر السهل، ولكنه في الوقت ذاته ليس أمرا مستحيلا، وإن خطة الحل تكون عن طريق إعادة تأهيل لكل طرف من أطراف الزواج للحياة المشتركة مع شريكه، وهذا يستلزم جهودا يجب بذلها على صعيد التغيير الشخصي، وأخرى يجب بذلها على صعيد التعامل مع الطرف الآخر، الفتور العاطفي هو هوة يسقط فيها الأزواج الذين صدموا بالحياة الزوجية الحقيقية البعيدة عما كان في تصوراتهم، وإن السعادة الزوجية واللحظات الدافئة والحميمية التي تسود جو الأسرة في خضم المسؤوليات والمهام تستحق آلاف محاولات الإنقاذ، ولا بد من التأكيد على أهمية التعرف المنطقي إلى شريك الحياة في فترة ما قبل الزواج، وعدم الانجرار خلف المشاعر فقط، وذلك لأن مسؤولية الحياة الزوجية وتنشئة الأطفال هو أمر يحتاج إلى الحكمة والوعي لتقديم عناصر فاعلة للمجتمع.