تعتبر صفقة الاستثمار المصري الإماراتي بمدينة رأس الحكمة هي بمثابة قُبلة الحياة، وعودة الدماء مرة أخرى إلى شريان الاقتصاد المصري، الذي ظل في مهب الرياح، وتحت رحمة الاضطرابات الاقتصادية والسياسية العالمية لفترة ليست بالقليلة، من خلال السيولة الدولارية الأولية المُقدرة بنحو 35 مليار دولار، ما بين تمويل مباشر وبين تنازل عن ودائع إماراتية لدى البنك المركزي المصري.
تلك السيولة التي ستساهم بشكل كبير خلال الآونة المقبلة، في معالجة واحدة من أهم وأخطر الأزمات التي عصفت بالدولة المصرية والمواطنين، وهي ارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات، وذلك بسبب احتجاز شحنات ضخمة للغاية منها في الموانيء بسبب نقص المكوّن الدولاري.
ووفقًا لما تم الإعلان عنه خلال الأيام القليلة الماضية، فقد انتهت البنوك المصرية من تمويل كل طلبات الاستيراد المعلقة بالموانئ بالنسبة للسلع الأساسية، والقضاء على قائمة الانتظار التي امتدت لشهور، إذ أكد عدد من كبار المصرفيين في بنوك مختلفة تعمل في مصر أنه تم القضاء على قائمة الانتظار الخاصة بكل البضائع الموجودة بالموانئ، وخاصةً السلع الغذائية والدوائية والأعلاف ومستلزمات الإنتاج.
وحسب ما تم تداوله، فلا يوجد ولا مستند واحد متبق ولا اعتماد حتى لدى مصرفه بالنسبة للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، المتبقي فقط هو بعض السلع الرفاهية مثل السيارات والموبايلات، حيث انتهت معظم البنوك المصرية من تمويل كافة طلبات الاستيراد للسلع الأساسية باستثناء 13 سلعة كمالية وترفيهية تحتاج إلى موافقة البنك المركزي لتوفير التمويل اللازم لاستيرادها.
وانتهت كافة البنوك العاملة في مصر من تدبير كافة طلبات الاستيراد المعلقة، وتسير حالياً الأعمال اليومية الجديدة، واتضح هذا في قرار الحكومة بالإفراج عن بضائع بأكثر من 14.5 مليار دولار منذ يناير، وحتى نهاية الأسبوع الماضي.
وذلك في ضوء توجيهات البنك المركزي المصري للبنوك في مطلع هذا الشهر بتدبير العملة الأجنبية لاستيراد 17 سلعة بشرط أن تكون موجودة في الموانئ المصرية ومنها الأدوية، والمستلزمات الطبية، والأمصال، والأعلاف، والسلع الأغذية، والأسماك، والألبان، والأسمدة، والزيوت.
ونتوقع هنا أن يصدر البنك المركزي قرارًا قريبًا برفع الحجب عن تمويل 13 سلعة كمالية بعد وفرة العملة الأجنبية بالبنوك، مع حدوث أمر في غاية الأهمية، وهو أنه في ضوء قدرة الدولة المصرية ممثلة في البنوك على إنهاء قوائم الافراجات الجمركية للسلع والمنتجات السالف ذكرها، سيخف الضغط بشكل كبير على السيولة الدولارية والاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، وهو ما سيؤدي بشكل مباشر إلى انخفاضات جديدة في الآونة المقبلة في سعر صرف للدولار، وبالتالي بداية انخفاض معدلات التضخم ولو بشكل طفيف خلال الأونة المقبلة.